ما بين" أبو تحسين" و"منتظر"

mainThumb

17-12-2008 12:00 AM

"بالقندرة"،، ودع العراقيون حقبة بوش التي أدخلت بلادهم في دوامة دماء وخراب لم تشهدها دولة في العصر الحديث منذ ان وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وبالتأكيد ان بوش لم يكن يعرف انه سيودع بهذه الطريقة عندما قرر أن يزور العراق مودعا و"شاكرا" لهم على توقيع الإتفاق الأمني الذي فتح له المجال بأن يخرج من البيت الأبيض بحفظ ماء الوجه بأنه أنجز شيئا أخيرا في الملف العراقي الذي شكل عامل ضغط غير مسبوق على رئيس أميركي وكان السبب الرئيس وراء تغيير معادلة الحكم بأميركا بوصول أسود الى المكتب البيضاوي في تغيير تاريخي لا يقل أهمية عن حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي دخل التاريخ أيضا عبر "صرخة غضب" عبر عنها منتظر الزيدي نيابة عن كل العراقيين.

حذاء الزيدي أيضا فتح المجال للحظة تأمل وعودة بالتاريخ الى الثالث من نيسان العام 2003 عندما دخلت جحافل الجيش الأميركي الى العاصمة العراقية بغداد معلنة سقوطها ونهاية نظام صدام حسين، عندها خرج عجوز عراقي بالدشداشة العراقية وهو يضرب صورة الرئيس الراحل صدام حسين بالحذاء وهو يقول "هذا قتل إبني"، عندها خطف "أبو تحسين" الكاميرا عن مشاهد النهب والخراب التي تعرضت لها البنوك ومؤسسات الدولة وسيارات المواطنين ليحتل صدارة الأخبار في كل الدنيا، ففهم العالم بأن العراقيين إستقبلوا الأميركيين كمخلصين لهم من حكم "الديكتاتور".

من غير أن ندخل في تفاصيل الموقف من الزيدي الذي لا خلاف على تصرفه بأنه يعبر عن كل مشاعر الغضب الكامنة في صدر كل أم وإبن وزوج وكل أسرة عراقية فقدت عزيزا عليها، لكن من حق العالم أن يعرفوا أي الروايتين يصدقون، هل يصدقون رواية حكاها حذاء أبو تحسين الذي كان لسان حاله يهلل بـ "المحررين" الأميركيين، أو يصدق رواية حكاها حذاء الزيدي الذي قال لسان حاله بأن كل العراق يرفض بقاء "المحتل" الأميركي في بلاده؟!!

ما لا يجب أن ينساه العراقيون وهم ماخوذين بحذاء منتظر الزيدي، سواء كان المؤيد منهم أم الرافض، أن هناك ما هو أخطر يحاك للعراق، فمؤخرا طالب نائب عن محافظة البصرة العراقية بالإعتراف بالمحافظة كإقليم مستقل على طريقة إقليم كردستان الذي بات بكل محافظاته ومدنه وثرواته حكرا على الأكراد ومقدمة حقيقية لإقامة دولة مستقلة من الواضح أن العالم، لا سيما "الكبار" فيه، سيعترفون بها، وإضافة الى ذلك، فإن هذه الدعوة لاقت غطاء دوليا عندما أعلنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق الثلاثاء إنطلاق حملة تسعى لجعل المحافظة الغنية بالنفط إقليما مستقلا، مؤكدة، أي البعثة، بأن عريضة لجمع تواقيع سكان المحافظة المؤيدة لـ "الإستقلال" سيستمر العمل بها شهرا كاملا، إضافة الى إجراء إستفتاء بعد شهرين أو ثلاثة أشهر حول "إستقلال البصرة"!! أبو تحسين خطف الكاميرا عن الخراب الذي حاق ببغداد يوم دخلت قوات الإحتلال، والآن، ما نخشاه أن يخطف منتظر المشاهد عن المؤامرة الأخطر التي تحيق بكل العراق وعنوانها "التقسيم"، فلا إختلاف على عمل الزيدي البطولي حتى لو إتهمنا بأننا من "الدهماء"، وقضيته يجب أن تبقى حية لأنها قضية كل العراقيين ولربما كل شعوب العرب والمسلمين الذي ضاقوا ذرعا بسياسات بوش والإدارة الأميركية المنصرفة رغم بقاء بعض رموزها في إدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما ومنهم وزير الدفاع روبرت غيتس، وفي المقابل يجب أن لا نغفل عن مؤامرة تقسيم العراق وتفتيته التي ستنتج عراقا ضعيفا هزيلا وتنهي تاريخ العراق الذي ما زالت شواهد قبور جنود جيشه الباسل في اكثر من مدينة عربية تحكي قصة إستبسال في الدفاع عن القضايا العروبية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد