الدمج في المدارس .. بين النظرية و التطبيق .. !!

mainThumb

20-12-2008 12:00 AM

لكل إنسان الحق في التعليم و إثبات وجوده ليكون فردا ناشطا مؤثرا كان أم متأثرا ... و التربية كما ُعرّفت بأنها الإعداد للحياة ... أي انك تعد و تبني جيل المستقبل وأي خلل ينتج هو نتاج جهود ربما لم تتضافر للوصول إلى الغاية التي ننشد و نتمنى و بذلك يكون لزاما على الجميع أن يتداركوا أي قصور يكون قد حدث.... كلنا يعرف أن المعاق إنسان ُخلق سواء بإعاقة حركية أو عقلية و هذا يجب أن لا يمنعه حقه في أن يكون فردا له ما للجميع من حقوق, وخاصة الأساسية منها و التي تحتاج منا إلى المحاولة و الوقوف معا إلى جانبه لأنه قد يكون أخا , ابنا , أو حتى مهما كان... فهو إنسان ... أوجدته الحياة بالحالة التي هو عليها ...

ومن هنا جاء مفهوم ما يسمى ب ( الدمج ) و الذي يعني تعليم المعوقين في المدارس العادية مع اقرأنهم العاديين واعداهم للعمل في المجتمع ... و( الدمج) هو احد الاتجاهات الحديثة الخاصة والذي يتضمن دمج الأطفال المعاقين عقليا بنسبة بسيطة في المدارس العادية مع اتخاذ الإجراءات التي تتضمن استفادتهم من البرامج التربوية في هذه المدارس... مع ضرورة أن يقضي هؤلاء الأطفال أطول وقت ممكن في الفصول العادية مع أمدادهم بالخدمات الخاصة إذا لزم الأمر... ولكن كيف يتم الدمج ....؟؟؟ أولا لا بد من تهيئة البيئة المناسبة للدمج بمعنى من المهم جدا تهيئة الطلاب العاديين لاستقبال اقرأنهم المعوقين بحيث تضمن أن يصبحوا جزءا من الحل بدل أن يأتيهم الأمر بغتة فيصبحوا جزءا من المشكلة و التي قد تتعقد و يصبح هنالك فجوة تحتاج إلى جهود لكي ُتملأ.... و قد تختلط المفاهيم فنخلق جوا نفسيا صعبا وبذلك ُينقل المعاق من مدارس التربية الخاصة إلى المدارس العادية الغير مهيأة نفسيا و يتحول إلى شخص انطوائي مثير للشفقة وهذا طبعا غير مطلوب لأن الخطة التربوية تهدف إلى أن يتعود الأطفال العاديين وجود أقران لهم في الحياة .. في المدرسة, و ربما في البيت و في سوق العمل مستقبلا... وهذا لا يتأتى الا من خلال خطة تربوية محكمة تناط بالمختصين في هذا المجال لكي يكون مفهوم الإعاقة أيا كانت مفهوما واضحا و غير مبهم لان الكثيرين وخاصة من هم في أعمارهم صغيرة ينظرون للمعاق على انه مخلوق من كوكب آخر وجوده فقط في البيت وغير مسموح له التحرك بأريحية ... هذه التهيئة قد تساعد كثيرا لأنهم أن أدركوا ما يرمي إليه هذا الأمر فأنهم سوف يساعدون اقرأنهم المعاقين و سيساهموا في كسر الحواجز بين المفاهيم التي اختلطت عليهم فتصبح لغة الحوار سلسة و عادية خاصة وهذا الأهم إذا كان عمر المعاق قريب من أعمارهم ....

من الأمور المهمة أيضا لنجاح عملية الدمج تهيئة أسرة المعاق و توضيح مفهوم الدمج و آليته والى ما يهدف ليكون عونا للمدرسة خاصة إذا كان في الأسرة من هم قريبين من عمر المعاق لأنها حتما عملية متكاملة ...

لا نريد للمعاق الدمج في المدرسة بينما العزل في البيت .... إن عدم تفهم الأسرة للإعاقة أو تقبلها سيكون له اثر سلبي.. مما يؤدي بالطفل المعاق لحالة من الانسحاب ويولد لديه بعض المشاكل السلوكية و النفسية و الاجتماعية .... و حتى تتم عملية الدمج بشكل صحيح لا بد من اختيار الطلاب الذين يصلحون لعملية الدمج و الذين عادة ما تكون إعاقتهم بسيط و قد تصل إلى المتوسطة خاصة إذا كانت الإعاقة عقلية بينما إذا كانت الإعاقة حركية فقد يكون الأمر أسهل إذا أن حركة الطفل قد لا تعيق أن ينخرط في التعليم العادي ...

اعرف أن هناك إعاقات حركية صعبة و قد تحتاج لمعالج خاص للتعامل معها ... لكن مدار الفكرة البحث عما تنطبق عليهم شروط الدمج ... ومن أنماط الدمج ... الدمج التكاملي المكاني و هو وضع الطلاب المعاقين في فصول خاصة ملحقة بالمدارس العادية و التكامل الاجتماعي والذي يكون بإشراك الطلاب المتخلفين عقليا مع اقرأنهم العاديين في النشاطات الغير أكاديمية مثل اللعب و الرحلات و التربية الفنية ...وهنالك التكامل المجتمعي و الذي يكون بإتاحة الفرصة للمتخلفين عقليا في الانخراط في سوق العمل مستقبلا بعد تخرجهم من المدارس .... من أهم فوائد الدمج أن المعاق يقبل إعاقته وتزداد ثقته بنفسه و ينخرط في الحياة بعيدا عن النظرة السابقة التي كان الناس ينظرونها للمعاق ويشعر بقيمة الحياة و التي لا تكون بدون أن تشعر انك منتم ٍ إليها و منخرط فيها ...لأن الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة ... لديه انفعالات و رغبات و لديه ميول للتواصل و الاحتكاك و العمل و الإنجاز حتى لو كان ذلك الإنجاز من وجهة نظرنا لا يرقى إلى الحد الذي نتوقع ... عدا عن اكتساب الطفل المعاق مهارات كثيرة تجعله قادرا على مواجهة صعوبات الحياة و الدمج يمد الطفل بنموذج شخصي اجتماعي سلوكي للتفاهم و التواصل مع الآخرين .... أن ُتعلم فهذه رسالة سامية نبيلة و أن ُتعلم و تعد جيلا لمواجهة الحياة فذلك من أسباب رقي الأمم و ازدهارها ... ولكن أن تعلم و تربي و تصبح سببا في رسم ابتسامة على وجه طفل معاق .. فذلك من الانجازات التي تدون في قاموسك الإنساني ....

إن الشعور بالأمن و الطمأنينة و الحب هو أن يضع الإنسان يده بيد أخيه الإنسان لتنعم هذه الحياة وليحيا فيها الجميع و ليجد كلٌ طريقه فيها بما قد يحقق مقدارا من الرضا النفسي .... يدا بيد نحو مجتمع متماسك يحدوه الأمل بغد ٍ مشرق وإرادة قوية في أن لا نجعل الإعاقة عثرة في طريق أخوة لنا كان قدرهم أن يولدوا كذلك ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد