مسكينة قريتي الحزينة .. وشكر الله سعيكم

mainThumb

18-12-2008 12:00 AM

قريتي الحزينة وهي تكاد تختنق، مسكينة قريتي الحزينة وهي تكاد تتلاشى أطلالا ً ، بيوتها المتلاصقة أزقتها ، شوارعها الضيقة ، مسكينة قريتي التي كانت تعيش وادعة ً بكل بساطة وهدوء الحياة حتى انك لا تستطيع أن تفرق بين أهلها وكأنهم أسرة واحدة ،مواسم الحصاد والتعاون (الجورعة) البيادر وأكوام القش ، التي تحيط قريتي الحزينة من كل جانب لمختلف أنواع الحبوب ..القمح ،الشعير العدس، السمسم، الحمص، الذرة .......الحصادون وغنائهم (منجلي ومن جلاه.....) الدراسون غنائهم ( يا حمرا يا لوُاحة...) سامرهم تحت ضوء القمر ،نومهم على القش بكل هدوء ، قيامهم المبكر مع أذان الفجر وصياح الديكة ، الذرايه (فصل الحب عن التبن) ، شراء العنب بالسحارة وتقاسمها بينهم وتناولهم وجبات الفطور من العنب والخبز البلدي مجتمعين ويستمرون في أعمالهم ، كيل الحب بعد التصفيه و اخراج (نُص مِد الخليل).....التجار الذين يحضرون لحظة كيل الغلال لاستيفاء دينهم الموسمي ، وبعد الانتهاء من موسم الحصاد تبدأ مواسم الأعراس واحتفالاتها وتجهيز العريس والعروس والاحتفالات الخاصة بها : السامر و الصُابيه ( سباق الخيل) دعوة العريس،ودعوة العروس من كل بيت تمر أمامه ، بناء البرزة (بيت العرسان المصغر) أغاني النساء ، زغاريدهن الممتزج بصوت سامر الرجال ، ثم انتظار موسم الشتاء الجديد والتسلية بألعاب شعبية كالسيجة والطاب والدحرج وطاولة الزهر وسباق الخيل ، أما النساء فعلاوة على عملهن المنزلي المعروف من تحضير الوجبات والعجين والخبز البلدي – الطابون وخبز الصاج- والنسيج بمختلفة اناوعه كنسج البسط وشقاق البيوت (بيوت الشعر)....ومهام أخرى كثيرة . ....

قريتي الحزينة، بيوت الشعر المنتشرة حولها التي لاتضاء الا بالفنايير او المضوية أو اللامظه (نمرة أربعه) وقليل ممن يضئ اللكسات وتقتصر عادة في المضافات.......كان أهل قريتي الحزينة يتفقدون أنفسهم كلما غاب منهم واحداً فأنهم يسألون عنه......وان سافر احدهم للمدينة فإنه قد يأت بأغراض لأهل القرية أو العرب (حينما يكونون في بيوت الشعر) جميعا .

أنا حزين لقريتي الحزينة ...... أصوات الدبكة ......أصوات الصبايا وهن يملأن القِرب او الر?Zوايا بالمياه من السيول والغدران و الآبار .

الماشية ،الأغنام ،الخيول تنتشر في السهول أيام الربيع وأيام الصيف .و النساء اللواتي يقمن بالحلب والخضيض وعمل السمن البلدي ، والزبدة واللبن المخيض و الجميد.

قريتي الحزينة ذلك المجتمع صاحب الإيثار و الحُب و الترابط وصلة الرحم . القانون الذي يحكمه سلطان القاضي وكفيلي الدفا والوفا، ....المدارس الصغيرة التي تنتشر بشكل محدود حيث ينتقل أبناء القرى لإكمال دراستهم في مدارس القرى الأخرى حيث يقطعون المسافات الطويلة على أقدامهم فيحصل بينهم التفاعل المُحب وكل من عايش تلك الفترة يذكر ذلك جيداً . مسكينة قريتي الحزينة التي تتنامى حولها الآن غابات الحجر الممتدة فتضيق مساحة النظر قِص?Zرا ً و تتحول الأراضي الخضراء الفسيحة إلى أسوار من الاسمنت والحديد فتسد طرقات الهواء النقي وأشعة الشمس الصافية وتتغير الحياة بأبعادها المختلفة الملونةِ و الملوثة المفروضة علينا دونما رأي لنا بها . وإني أقف وقريتي الحزينة تحتضر أمام ناظِريْ و أظن أن أرواحا كثير تشاركني الحزن وتشاركني وقريتي الاحتضار. ونحن نصدر الأنات، ولكن دون سامع ، وسط ضجيج الحياة الطارئ الذي داهمنا دونما إنذار أو حتى دونما خيار لنا به ... فتبدل حال قريتي الحزينة ... وأصبح أهلها لا يجتمعون إلا في مناسبة عامه وبصورة مجاملة فقط أو عن رفع العتب على الأقل .

وهكذا تتبدل الحياة بالحياة ،ولكن بروابط اجتماعية أقل متانـــــــــة وأضعف صلـــــه . فاغفروا لي أيها الأخوة بكائي وحزني على قريتي الحزينة التي أراها تحتضر بين يدينا ونحن لا حول لنا ولا قوة........ اغفروا لي ذلك وأنا متأكد أن من عاش زمن قريتي الحزينة التي هي قريتنا جميعا سيقف معي يشاركني هذا الحزن . فالرْحمة لأهل قريتي الحزينة التي ب?Zن?Zوْها ...والرْحمة بالأجيال التي عاي?Zش?Zتها وتقف على خط الحزن ...ورحمة بالجيل القادم الذي يقف على خط التيـــــــــه !!!!!! . جوامع الكلم: لا أبكي الأطلال و لا أعترض الحضارة....و لكن أبكي القيم الجميلة التي كادت ان تغيب شمسها. Falah_almajali@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد