هولوكوست غزّة !!

mainThumb

09-01-2009 12:00 AM

تعاني الساحة السياسية في إسرائيل من اضطراب سياسي خانق مع بدء تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية الهمجية والبربرية بامتياز والمتواصلة على غزّة تحت سمع وبصر العالم وخاصةً العالمين العربي والإسلامي ... إنها عربدة صهيونية بقيادة عصابة مارقة تعيش عقلية القلعة المنغلقة على ذاتها في تفكيرها وسلوكها .

التساؤلات الحرجة كثيرة وكبيرة ومتعددة في ظل الوضع الميداني الذي بدأ أكثر تعقيداً مع ظهور مؤشرات انقسام سياسي وأمني وعسكري داخل المجتمع الإسرائيلي غير المتجانس , وان بدا للعيان أنّه موحد .

فبعض هذا المجتمع يذهب للقول : أنّ الهدف تكتيكي محض يتضمن معاقبة حماس , مما يؤدي إلى إرغامها لجهة القبول بتجديد وقف إطلاق النار والهدنة الطويلة وفقاً للشروط الإسرائيلية – الأمريكية , وبعض آخر من ذات المجتمع المنغلق على نفسه يقول : بأنّ حكومة الإئتلاف الحاكم تسعى لتعزيز موقعها , أمّا البعض المتبقي يقول : إن باراك يسعى لجهة تخليص المؤسسة العسكرية من عوامل الضعف والثغرات التي ترتبت على هزيمة الجيش الإسرائيلي أمام حزب الله في صيف عام 2006 م .

وأعتقد أنّ ما يجري هو بمثابة مخاض سياسي – أمني – عسكري غير مكتمل بعد , يأتي في إطار الترتيبات والتركيبات الصهيونية – الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط بالتقاطع مع رؤى أمنية وسياسية لدول ما محدودة في المنطقة تستولد مداخل لضرب ساحات أخرى لاحقاً , تمهيداً وتأسيساً لتقسيم دول قائمة وإسقاط أنظمة , بعد أن نجحت كلتا الإدارتين الإرهابيتين -الإسرائيلية والأمريكية - في زرع الخوف والوجل في العقل السياسي والأمني في بعض عواصم دول المنطقة , بأنّ الحركات الإسلامية المقاومة تشكل خطراً على وجودها , وأنّه لا بدّ من التشارك معهما لانجاز ترتيبات وخارطة جديدة .... الأمر الذي يرفضه ويقاومه الأردن جملةً وتفصيلاً , معلناً الدليل كالشمس في رابعة النهار , عبر الانسجام والتناغم والتساوق الرسمي والشعبي الرافض لما يجري في غزّة وأبعد من غزّة , بقيادة الملك الذي يعتقد كاتب هذه السطور أنّ عينيه لم تذق طعم النوم منذ بدء العدوان على غزّة , فهو يصل الليل بالنهار لوقف العدوان البربري على غزّة هاشم .

إنّ استمرار تصعيد العملية العسكرية الإسرائيلية الإرهابية الهمجية ضد شعب أعزل وحركات مقاومة وطنية وإسلامية مشروعة , قد يؤدي إلى تصعيد عسكري في جنوب لبنان والضفة الغربية وفي داخل الشمال الفلسطيني المحتل ( إسرائيل الآن إلى حين .. ) عن طريق عرب فلسطين ثم تصعيد عن طريق الرأي العام العالمي , عندّها قد نكون أمام حرب إقليمية طاحنة تعمل على تكسير الرؤوس الصعبة والعنيدة التي تعيش في عقلية القلعة في نمط سلوكها وتفكيرها .

وإنّ الهدف الإسرائيلي للحرب البربرية على غزّة أبعد وأكبر من غزّة وحماس , بل وأكبر من العرب أنفسهم مجتمعين ... فهو يبدأ بالقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية الوطنية والإسلامية , لكي يتم إعادة رسم الخارطة السياسية في المنطقة والإقليم الشرق الأوسطي بصورة مختلفة وبقبول دولي وإقليمي , عبر إزاحة وإزالة هذه الفصائل المقاومة من طريق الإدارة الأمريكية القادمة , لفرض واقع جديد على الأرض يختلف عن السابق , قد تقبل به حماس والجهاد وباقي الفصائل والعرب , عبر مبادرة دولية – أمريكية بالأساس , يبدأ بها أوباما عمل إدارته ذات الأجندة الجمهورية لأربع سنوات قادمة ( عجاف ) .

كما تسعى إسرائيل إلى خيار التدويل لمجزرتها المستمرة على غزّة عبر مجلس الأمن الدولي , لمنع صواريخ فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس والجهاد لاحقاً في حالة فشلها و/ أو فوزها , مع أنّ المؤشرات تذهب في أننا قد نكون أمام لجنة فينوغراد 2 بغزّة .... وتسعى إلى إعادة احتلال قطاع غزّة من جديد واستخدام القطاع كورقة ابتزاز سياسي تجاه الرئيس عباس وسلطته , فمثلاً القطاع مقابل التنازل عن القدس أو أراضي في الضفة الغربية أو حق العودة للاجئين في الشمال الفلسطيني المحتل ( إسرائيل الآن إلى حين ..)

وعلى النظام العربي الرسمي ( الضعيف ) أن يتذكر جيداً أنّ هذه المرونة العربية الرسمية , تجاه ما يجري في غزّة تتقاطع مع الشروط الصهيونية – الأمريكية لوقف العدوان , حيث يرى هذا النظام العربي الرسمي المريض , أنّ المشكلة تكمن في العنف المتبادل ..... فكيف تلجأ مصر ( الرسمية ) لحماية خاصرتها الأمنية الضعيفة , باعتمادها إستراتيجية التفاهم مع العدو , بينما سوريا الدولة والشعب اعتمدت إستراتيجية دفاعية في دعمها للمقاومة في لبنان وما زالت ؟! إنها مفارقة عجيبة غريبة .

وبالملموس ومنذ بدء العدوان على غزّة وحتّى هذه اللحظة ثبت أنّ النظام العربي الرسمي عاجز على أن يضغط على أصدقائه للضغط على الدولة العبرية ( الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة ) لكف يدها عن عدوانها , وثبت أيضاً أن هذا النظام العربي الرسمي غير مقدّر عندّ أصدقائه المدعومين في أمريكا و/ أو أوروبا , وأنّهم يبيعوننا كلاماً فارغاً لا يسمن ولا يغني من جوع .

لقد حان الأوان لهذا النظام العربي الرسمي أن يتجه إلى القوّة الصاعدة عالمياً وهي روسيا وهي التي تتعامل بواقعية وصدقيّة ومن منطلق ارثها العظيم , فعلى هذا النظام العربي الرسمي أن يتجه إلى هذه الدولة ومعها فرنسا من أوروبا القديمة لا الجديدة والى الدول الإقليمية الإسلامية في المنطقة , وإعادة بناء العلاقات العربية – الروسية – الأوروبية ( أوروبا القديمة ) – والدول الإسلامية الإقليمية, لتكون تعبيرهم السياسي الحقيقي بالعالم .

إن وقف العدوان وإطلاق النار في غزّة هو عملية سياسية محضة يسعى الجميع بالجميع للوصول إليها.

Mohd_ahamd2003@yahoo.com

* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد