سالم الفلاحات والبحث عن منهج مفقود

mainThumb

02-01-2010 12:00 AM

معتصم مفلح القضاة

المتتبع لسيرة الشيخ سالم الفلاحات لا يجد إلا أن يُعجب بتلك الشخصية التي باتت من النادر أن تجد لها مثيلاً على الساحة، فالتجرد والأخوة تمتزج جنباً إلى جنب مع العطاء والحكمة في مسيرته الإخوانية التي استمرت لعقود، غير منحاز إلى عصبية نتنة أو إقليمية ضيقة. همه هم الكبار من أجل رفعة هذا الدين، مؤملاً الكثيرين بأن نفوس الكبار مازالت تتنفس وأن الأرحام مازالت تلد العظام.

لا أقول ذلك مادحاً فالشيخ في غنى عن كل مدح، ولكنني بتُ أجزم بأن المنهج الفلاحاتي هو ما تحتاجه الحركة الإسلامية في أحلك لياليها، حيث تتداعى الأكلة من يمين وشمال، وتمتزج الأهواء وتختلط الرغبات، سواءً أكانت داخلية في صفوف الحركة أم خارجية على مختلف الأصعدة.

إذ لا ينكر أحد حجم التحديات التي تُلم بالحركة، وأنها باتت على منعطف صعب لابد من استخدام المزيج التربوي جنباً إلى جنب مع الدهاء السياسي معطراً بحكمة الكبار لا بهيج وطيش المتطفلين قاصري النظر والفكر.

عاش الشيخ سالم حياته معطاءً مرفوع الهامة لا يخشى في الله لومة لائم، تدرج في عطائه جندياً مخلصاً وقائداً متمرساً، لم تلفته الدنيا ببريقها ولم تثنه الزوابع في يمينها وشمالها، عايش رجال الدعوة الأجلاء أمثال أبي ماجد وأحمد الخطيب وأحمد الأزايدة، وكان له مع الأخير رحمه الله صولات وجولات.

وكما تنسم صبا الرعيل الأول فقد عايش أفكار البنا وحوا وسيد وأبو قورة وعزام وياسين وغيرهم من رجالات الدعوة الأجلاء، فغرسوا في نفسه كيف يحيا الإنسان لمبدأ لا يحيد عنه مهما تقلبت الأمور.

لقد تابعت مقابلة على قناة بي بي سي، وزاد إعجابي بهذا الرجل، فدفاعه عمن أبخسوه حقه كان واضحاً، وتجرده للمبدأ الأول كان ملازماً، مع كثرة محاولات مقدم البرنامج لاستدارج الشيخ في أحاديث هي في منهجه من التوافه بلا فائدة تذكر.

وقبل ذلك بسنوات تزيد على العشر قرأت ما خط قلمه من عواطف في وداع قادة حماس عندما أخرجوا من الأردن، فكانت نبضاً لفكرٍ ومنهج.

وبين هاتين الحادثتين كان الشيخ ومازال، رجلاً بألف بل بمائة ألف.

أكتب هذه الكلمات ليس دفاعاً عن الشيخ سالم، فمثله لا يحتاج من يدافع عنه أو يبرز محاسنه، لكنني أكتب لأقول أن الجميع في داخل الحركة وخارجها قد خسروا بخروجه المبكر من رأس الهرم، وأن منهجيته هي ما تحتاجه الحركة الإسلامية في هذه الأيام وهي أيضاً ما يحتاجه الوطن وكلاهما يمر في مرحلة عصيبة...

www.kalamkber.net



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد