المخاصصة ( الوظيفية) اذ تلفظ انفاسها في الاردن .. !
محمد حسن العمري
-1-
لم يكن غريبا ولا مستنكرا في السابق أن تدخل البنك الفلاني او المؤسسة الفلانية أو الشركة الفلانية، فتتطابق أسماء العاملين لديك ، من إقليم واحد أو بلدة واحدة ، وأحيانا بصورة أضيق من عائلة واحدة ..!
كان من غير المستغرب كذلك أن شركات خاصة بأكملها لا تعين إلا من يسمون غرب أردنيين ، ومؤسسات شبه حكومية لا تعين إلا شرق أردنيين ، وتم تداول ذلك بين الأجيال ، فيستهجن الأردنيون على الشخص الذي يتقدم لشغر وظيفة المخاصصة فيها لجهة لا ينتمي لها ، وظل هذا قائما إلى أن فرض الانفتاح الاقتصادي الخاص والعام على الأردن تغير الأنماط التقليدية المتخلفة والتي لا تعتبر بمعزل عن أكثر الدول العربية اليوم ، غير انها بالفعل بدأت تنحسر تدريجيا هنا في الاردن الى ما يمكن القول انها ماتت او هي قاب قوسين من ذلك..!
-2-
المخاصصة الوظيفية هي موضوع مختلف بالكامل عن التوريث السائد في النظام السياسي ، فهي حالة تنطبق كاستحقاق سياسي ولكن على عوام الناس ، ولعل اهم الامثلة العربية عليها اليوم هو الحاصل في العراق ، الذي فشلت دولة هشة تحكمه اليوم سياسيا وخلال خمس سنوات من التاثير على الوضع الاقليمي والطائفي
الذي يحدد اي وظيفة لعوام الناس تحت تاثير العامل السياسي السائد ، ولا يمكن انكار ان هذا كان قائما بالاردن على نحو واضح ، لا اعتقد اكثره موجودا اليوم ، وكان يمتد هذا الى مستويات شعبية اكثر ، وحتى الى مجرد الامال والطموحات على اقل تقدير ..!
-3-
عاودت لمتابعة دوري كرة السلة الاردني واخباره في الاشهر الخيرة بعد ان عاود المتنخب الاردني من فرض حضوره بعد سنوات من الكساد ، بتأهله إلى كاس العالم ، وتمخضت متابعتي تلك عن امر غريب ، يلحق باهتمامات الشارع العام ، وذوبات التخاصص الوظيفي بصورة المرآة التي تعكس ذلك ، فلعبة كرة السلة غير الجماهيرية في فترة صعودها في الاردن ، كان معروفا انها محصورة على العنصر المسيحي والعنصر الشركسي ، وفي الدوري القائم اليوم وبتفحص اسماء اللاعبين في المنتخب والاندية الكبيرة تلاحظ اسماءً تنتمي لعشائر اردنية من الشمال والجنوب والوسط ومن قرى فلسطين وعشائرها ، وهو الغائب بكليته فيما مضى..!
-4-
بالنسبة للمؤسسات الحكومية التي كانت تتهم بتغيب العنصر الغرب اردني والمؤسسات الخاصة المتهمة بتغيب عنصر الشرق اردني ، وهذا في اكثره كان واقعا وليس وهما ، فقد تغير نمط الاثنيين اليوم ، فالمؤسسات التجارية والمصانع والهئيات التابعة للدولة ، كالمياه والكهرباء والمصفاة وبعض الشركات والتي نحت نحو الخصخصة ، أصبحت تمتلك أسسا متقدمة للتعينات ، بعضها يخضع لديوان الخدمة المدنية المحكوم بقوانين اصبحت شفافة للغاية ، ويخضع لامتحانات تقديرية تنافسية يتم نشر نتائجها عبر الصحف ، فيما المؤسسات التجارية الخاصة كالبنوك و المملوكة لافراد او شراكات اصبحت بالكامل مؤسسات ليبرالية على طريقة التنافسية الغربية التي لا تنظر في الغالب لأصول ومصادر الأفراد العاملين لديها بقدر ما تنظر الى المستويات العلمية والمهنية
للمتقدمين ، وهذا ما افرز اليوم مدراء بنوك من أصول كانت محرمة بالكامل على التوظيف فيها ، وعلى الجانب الآخر أصبحت المؤسسات التي كانت سابقا هي مؤسسات حكومية مفتوحة بحكم القانون على الأردنيين جميعا ، كل الاردنيين..!
-5-
يذكر ان رئيس الوزراء الاردني الراحل وصفي التل ، كان يقابل المتقدمين للتعيين في فترة الحكومات التي شكلها ، وانه كان يعين المتقدمين دون ان يسألهم
عن اصولهم ، كان يسأل الشخص عن مؤهلاته ويقول له اذهب الى المؤسسة الفلانية او الوزارة الفلانية ، يقول مدرس متقاعد شهد حادثة كتلك وكان خريج كلية المعلمين في القدس فيما اذكر ،و انه تم تعينه دون ان يسأله عن اسمه ، كان مرافقا له شخصٌ لا يحمل مؤهلا علميا ، في فترة شحت فيه الوظائف بالدولة ، فقال له وصفي التل خلال المقابلة :" ازرع كرسنة او قمح وانا اشتريه منك للدولة!" ، وكان من الشاب المذهول بالاجابة ان رد بعفوية " انا ابن فلان او من طرف فلان: ورد عليه الرئيس قائلا:" وانا ابن عرار ولكني لا اصلح لكتابة الشعر!!"
-6-
التقيت خلال الصيف في معرض كبير لإحدى وكالات السيارات بشاب أردني لم يبلغ الثلاثين ، شقيق لإحدى الأصدقاء يدير معرضا للسيارات الوكالة ، ومعروف لدينا أن وكالات السيارات العالمية منذ عهد بعيد هي كذلك في أيدي العنصر المسيحي ، وهذا وضع طبيعي لان الوكالات العالمية معروف إنها حصرية ولا تتغير الا بما يفرض شروط فسخ الشراكة ونادرا ما تحصل ، لذلك ومع العدد غير المتزايد في وكالات السيارات ظلت الوكالات العملاقة بأيدي أصحابها القدماء من الاخوة المسيحيين ، المهم ان الشاب المدير الذي يحمل شهادة في الحاسوب ،وينتمي لعائلة اردنية محافظة ومتدينة جدا ، اجاب على تساؤلي بدون تردد ، بان هذه المؤسسات تبحث عن الكفاءات اينما وجدت بصرف النظر عن العنصر الاثني او الاقليمي او غير ذلك..!
-7-
تدخل اليوم لاكثر المؤسسات الاردنية الخاصة والعامة فتختلط عليك اسماء العوائل ، واكثرنا لا تخفى عليه اسماء عوائل الاردن ومصادرها فذلك شمالي والاخر جنوبي وهذا من فلسطين والاخر ارمني او شركسي او درزي ، ذوبّت عوامل العولمة والخصصة والليبرالية كل ذلك وبدأت تشهد مجتمعا مدنيا بالكامل ، وهذا باعتقادي معيار عالي المستوى لتطور الدولة الحديثة ، وقد كنا نقرأ مثلا ان الولايات المتحدة الامريكية في عهد سابق كانت تشهد مخاصصة وظيفية عنصرية في أكثرها ، فوظائف ما حكرا على البيض واخرى على السود ، وحتى طال في فترة ما الجامعات الامريكية التي هي مصدر التقدم ، فكانت رتبٌ اكاديمية وتعينات محتكرة من الامريكان الهنود او الامريكان الصينيين او الامريكان اليهود ، وهو ما لم يعد موجود اليوم الا في الحديث عن الماضي..!
-8-
اعتقد بما لا يدع مجالا للشك انه من غير المعيب الحديث عن ذوبان المخاصصة الوظيفية في الاردن وقد اصبحت اليوم جزءاً من الماضي ، ولا يذكرها الا العاجزون عن تحقيق وظيفة غير مطابقة لمعايير الاداء والخبرة والشهادة ، ليس غير..!
الصفدي وشكري يحذران من خطورة احتلال رفح
نظام جديد لإدارة الموارد البشرية في الأردن
مداهمة قناة اليرموك الفضائية وإحالتها للمدعي العام
كيف سيؤثر التغير المناخي على الأجيال القادمة
تعرف .. فن إدارة الضغوطات اليومية
هيئة الاتصالات:لا نستطيع حظر الـ vpn لسبب .. تفاصيل
احذر .. الذكاء الاصطناعي قد يسبب خطرا على مستقبلك
لجنة فلسطين بمجلس الأعيان تحذر نتنياهو .. بيان
أورنج الاردن .. نشاطات نيسان بالفيديو
التربية:تحويل مستحقات الإضافي إلى البنوك
بوابات إلكترونية بالمطارات والمنافذ الحدودية في الأردن
مستوطنون يتهجمون على قافلة أردنية والصفدي:نتنياهو المسؤول
مطلوبون لدفع مستحقات مالية .. أسماء
استمرار جدل انخفاض أسعار المركبات الكهربائية .. توضيحات
اكتشاف موقع أثري جديد في جرش .. تفاصيل
هام من التربية لأولياء الأمور .. تفاصيل
أسعار الأضاحي المتوقعة لهذا العام
تحديد أسعار الدجاج في المملكة .. تفاصيل
خط شحن بحري جديد بين إسرائيل ودولة عربية
إرادة ملكية بحصول شخصيات على ميدالية اليوبيل الفضي
الصناعة والتجارة تحدد سقوفًا سعرية للدجاج ابتداءً من الجمعة
حالة الطقس من الخميس إلى الأحد .. تفاصيل
تفاصيل حالة الطقس للأيام الثلاثة القادمة
تشكيلات إدارية وإحالات إلى التقاعد في التربية .. أسماء