احذروا غضبة الملك ..

mainThumb

06-03-2010 12:00 AM

لا أبالغ إن قلت : لا أحد مسكون بحب الوطن أكثر مني ، ولا أحد يحس بألم مهمشيه ومعذبيه أكثر مني ، أحبه حتى الثمالة ، يستفزني ، يطوّح بي في كل جنباته وحاراته صباح مساء ، أشرق معه عبر تاريخه ، وأغرب في ثناياه وتضاريسه ، دائمة التجوال والترحال ، بخيال أتعبه انتظام طابور العسكر ، بوجوههم التي لوحتها شمس (خو) ، وبصدور اختزنت غبار (الكفرين) ، وبأكفّ حناؤها صباغ البنادق ، وبأقدام لا تسمع إلا نداء (إلى الأمام) . يعتمرون كوفيات حمراء قانية ، يتوسط هاماتهم تاج هاشميّ . كالقهوة السمراء لون جباههم ، كحبات الندى يوم الحصاد عطاؤهم ، هم الصِيد الأباة ، كـ (شرة المزراب) هديرهم ، وحولهم نشميات يحملن أطواق الخرز الملون ، ولفائف الزهر البري ، تعاويذ وبقايا مواويل ، حفظنها من الجدات والخالات ، وحفنة من حبات شعيرنا (المقريّ) ، ينثرنه فوق رؤوس طابور العسكر . فرسان الحق .
وطني ، أيها الأعز بين الأوطان ، أبدا ما نامت دونك النواطير ، وما فتحت للصوص الليل الأسوار ، ستبقى عيون الفل واللبلاب تزهر... ستبقى سحائب البلقاء بالخير تمطر... ستبقى صولة الأشراف بركانا ونار ... ستبقى خزنة البتراء دحنونة الوادي ... ستبقى جدائل زيتون الطفيلة تنضح خضرة ... سيبقى هناك في الصحراء ، قصر عمرة للعز تمثالا وشاهد ... ستبقى كرك الأمجاد للمجد رافد ... سأبقى أقول : ( أيا سهل حوران احتضني فبرد الشتا في عروقي ) ... ويا عجلون الأبية أسعفيني ... أنا ابنة الأرض ، أنا واحدة من شقائق النعمان في (حماريها) ، أنا ابنة الأردن ، ابنة الوعد الأبدي . نعم ابنة الأرض الحبلى بالخير ، المائجة بالعطاء ، فأين فأسي ؟ وأين محراثي وحقلي ؟ أين أقلامي وممحاتي ؟ أين دفاتر أطفالي ؟ أين خيول أجدادي ؟ وأين أحلام أحفادي ؟ أين حدود مزارعنا ؟ وذكريات مرابعنا ؟ أين طائر الدوري والبيدر ؟ أين عرائش الكرمة ؟ .
يا سرّاق الضوء من مآقينا ... يا تجار مآسينا ... لقد جعنا ، وفي صمت حملنا الجوع والحرمان .
يا سرّاق الأوطان ، لقد جعنا ، فاحذروا غضبة الملك .

T_obiedat@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد