صحيفة السوسنة الأردنية

استوقفتني مقالة للأستاذ طاهر العدوان " مهنيون بلا مهن " بتاريخ 27/3/2009 على موقع السوسنة ، ومن خلال هذا المقال بدايةً أهنئه بالسلامة و أقول له بالمال ولا بالعيال والحمد الله على السلامة ، الشكر الموصول على العنوان والمضمون لمقالكم الرائع ، ودعنا نستذكر استاذيّ?Z العزيز سوياً المهن والحرف اليدوية عبر زمان ولّى : التوارث المهني .. ( انتقال المهنة بالتوارث من الأب إلى الابن ومن ثم إلى ابن الابن وهكذا دواليك ) .

لنعود بذاكرتنا المتواضعة إلى الوراء قليلاً ، لزمن أجدادنا نحن الحاملين للعقد الرابع من عمرنا ، بما فيه من آلامٍ وأحزان عصفت بأمتنا العربية ، فلعقود خلت ونحن في صراع مستمر ، تارة مع أنفسنا وتارةً أخرى مع ما يحيط بنا من ويلات الحروب ..!! وقد تكون فعلاً " الحاجة أم الاختراع " ، ففي ذاك الزمان قد لا يكون في أمتنا أيّ اختراع يذكر ، إلاّ أن الحاجة كانت موجودة ، كحاجة التائه في وسط الصحراء للماء ، وانطلاقاً من هذه الحاجة ، كان لابد من سدّ العِوز " بحده الأدنى " من الاحتياجات الضرورية للبقاء ، وكف اليد عن استعطاء المستعمر والاحتفاظ بما تبقى من كرامتنا العربية .

ذهب أجدادنا في ذاك الزمان ليقاوموا متطلبات الحياة بكل ما فيها من قسوة ، فمنهم من امتهن مهنة أو حرفة قد تسدّ رمق حاجته للحياة ، ومنهم من ذهب إلى الزراعة بما استطاع أن يجمعه من بذارِ قد يعود عليه بمحصولٍ جيد ، يأخذ حاجته منه ، ويقايض بما فاض عن حاجته بأخرى .

ولم يكن التعليم في تلك الأيام من ضروريات الحياة " إن توفر " ، فكان المهني أو الحرفي ، يقرب أبناءه منه دائماً ، ويشربهم تعاليم مقدسة في المهنة أو الحرفة على حدٍ سواء ( الصدق في المعاملة ، الأمانة في الإتقان ، ومن غشنا ليس منا ) فهذه التعاليم هي تعاليم مقدسة ، لأنها تعاليم سماوية لا جدال فيها ، إلاّ أنهم تعلموها بصورة فطرية .

فأصبحت أغلب المهن تنتقل من جيلٍ إلى جيل من خلال الأباء والأجداد بصورة توارثية ، وخاصةً تلك الحرف اليدوية التي كانت تمتاز بتقنيّة الصانع لمهنته أو لحرفته .. حتى بات الكثير من أرباب تلك الحرف يأخذ منها كنيّة أو لقباً عائلياً يورثه لجيل الأحفاد الذين يأتون من بعده .. وكأن المقصود من ذلك هو الاستمرار في هذه المهنة وأصولها إلى "ولد الولد" لأنها مهنة ( جدي وأبي ) ، فك?Zمّ من أسماء عريقة في عصرنا الحالي لعائلات وخاصةً في بلاد الشام " وتحديداً في سوريا "، لا يزالون بنفس الألقاب التي نعتوا أنفسهم بها بناءً على مهنتهم التي امتهنوها أو حرفتهم التي احترفوها عبر عقود خلت من الزمن ، ولا زال الأحفاد يمتهنون ويحترفون هذا الموروث ، ويلقبون بذات اللقب الذي اكتسبوه كموروث يعتزون به لوقتنا الحالي..

فمثلاً الدباغ من مهنة ( دباغة الجلود ) ، والصبّان ( صانع الصابون ) ، النحاس ( صانع الأواني النحاسية ) والطرزي والخياط والصباغ والجلاّد و الصاجاتي ... وهناك الكثير الكثير من أسماء مدرجة تحت عنوان أسماء أعجمية وغيرها من الأسماء التي لها نغمة الشوق والحنين لذلك الجيل المكافح والتي تعتبر إرثاً حضارياً لمهنة وحرفة الأجداد .. !!!

لا بد هنا .. أن لا نغفل أن إتقان و حب المهنة وعشقها وهذا التوارث المهني .. كان له انعكاساته الإيجابية زادت من مفردات قاموس الإبداع المهني ، الناتج عن الممارسة الجادة والدؤوبة لرفع سوية الإنتاج من حيث الجودة والكمّ للمنتج ، مما يساعد في تطويره وبما يتلائم مع تطورات العصر بكافة احتياجاته ، فكثير من هذه المهن تدرّجت من التصنيع اليدوي البدائي إلى اليدوي الآلي وإلى الآلي ومن ثم إلى التصنيع بواسطة استخدام تكنولوجيـا الحاسوب وتقنياته .