تخفيض ( الوزراء) لا رواتبهم .. ! وكارثة قانون الضمان

mainThumb

19-03-2010 12:00 AM

محمد حسن العمري
-1-
في اليوم الذي اقرّ فيه مجلس الوزراء الاردني تخفيض رواتب الفريق العامل بمجلس الوزراء بنحو 20% وهو قرار ايجابي على كل الظروف ، كان المجلس يتخذ قرارا تاريخيا لعله الاسوأ منذ ربع قرن بعد قانون الصوت الواحد ، والذي أتخذ في ظروف مشابهه من غياب مجلس النواب ، وهذا القرار الذي سلب الكثير من الحقوق المكتسبة لمنتسبي الضمان الاجتماعي ، التي فشلت الحكومة السابقة في ظل مجلس نواب محدود التأثير في اقراره ،ذلكم هو القانون (غير القانوني!) ، قانون الضمان الاجتماعي الجديد ، الذي لو طبق على المنتسبين الجدد فقط لكان قانونيا ، لكنه شمل شريحة واسعة من المنتسبيين القدامى الذين تضرروا من اقراره ، بغير سند قانوني ، لكن دون ان يحُرك احد ساكنا..!
اعتقد ان الصمت الذي رافق اقرار القانون ، لم يكن بسبب الازدواجية التي ضحت بها الحكومة مقابله ، وهو تخفيض رواتب طاقمها ، بل السبب الرئيس كان يكمن في القانون ، كان سيقر سواء كان رئيس الحكومة السيد سمير الرفاعي او ناصر اللوزي او باسم عوض الله ، القانون كان سيقر باي ثمن ، ولذلك باعتقادي صمت الجميع ، من ان القانون قد اقرّ دون ان تضطر الحكومة لصناعة مجلس نواب قادم يتناسب مع الية اقرار القانون ، قبل الجميع بالقانون مقابل ان تجري انتخابات نزيهة على اقل تقدير..!
***
الرابط الرئيس بين قرار مجلس الوزراء بتخفيض رواتب عامليه وبين قانون الضمان الاجتماعي وثيق جدا ، فرئيس الوزراء الحالي وافق الصواب في ظروف صعبة تمر بها الاردن ، فقبل بتخفيض رواتب طاقمه الوزاري ،في الحد الاعلى الذي يقدر عليه ، في حين ان السيد عمر الرزاز الذي حمل لواء تعديل القانون واستيلاب حقوق المشتركين ، كان وما زال يمارس اعلى درجات الهدر في اموال المؤسسة للطاقم العامل معه ، وهو امر اعتدناه سابقا ولم يكن السيد الرزاز هو من اتى به ، لكنه جانب الصواب اذ ابقى على الهدر في طاقمه العامل في حين استنفذ حقوق طبيعية كانت مدرجة لمتركين سابقين في القانون ، ولعلها همسة في اذن السيد الرزاز الذي حمل منبره الى كل مكان ، يتحدث عن ان التقاعد المبكر سيتنزف خزينة الضمان ، وفاته ان يتحدث عن نفسه وهو الشاب الذي لو احيل الى التقاعد اليوم او اقيل بفعل اقرار هذا القانون المرفوض شعبيا ، وحتى لو عمل مستشارا في شركة عملاقة او دولة نفطية بعد ذلك ، فانه اي السيد الرزاز سيتقاعد وبراتب يعلمه هو دون ان يؤثر ذلك على هدر خزينة الدولة ، وفي عهد كثر الحديث عن
(اللحى!) و(السكسوكات!) ، فاننا نقول انننا مواطنون في بلد لا يوجد به لحى ممشطة ولا سكسوكات كذلك ، فالحق المكتسب للموظف لبسيط الذي سيسبب هدرا في الخزينة ليس اكثر شأنا من الهدر الحاصل في الوظائف العليا والتي تقلد مدير عام الضمان الاجتماعي احداها ، واهم منها الوزرارات..!
***
في الحقيقة قرار تخفيض رواتب الوزراء كان قرارا ايجابيا ، لا لبس فيه ، لكن القرار الانسب والذي عانت الاردن طوال عهود طويلة من اعبائه ، هو العمل على ترشيد عدد الوزراء ، اي تخفيضهم ، فالعبء الملقى على كاهل الميزانية ليس بفعل 25 وزيرا عاملا الان ، انما بفعل التراكم العملاق في عدد الوزراء المتقاعدين ، فالوزير الذي يتقلد حقيبته ليوم واحد ويخرج حتى ولو بفضيحة او اقالة او حجب ثقة ، ويعمل بعدها ولو كان شابا ، وهذا رد على (الطبول !) التي كان يقرعها مدير العام الضمان الاجتماعي ، يعمل مستشارا او مديرا في مؤسسة تجارية دولية او عربية او حتى حكومية غير اردنية يظل عبء تقاعده على كاهل الخزينة الاردنية ، وعندما كنت اعمل في دبي كان هناك وزير ووزيرة اردنية متقاعدين يعملون في وظائف عملاقة تتجاوز عقودها رواتب بحجم رواتب ذات سيادة في دولة كالسويد والنمسا ، فيما هناك عشرات الوزراء الذين يعملون في امريكا والخليج ومؤسسات مختلفة بعضها اممية ايضا، يتقاضون دخولا تقاعدية من الخزينة الاردنية فقط لانهم كانوا ولو ليوم واحد اعضاء في طاقم وزاري سواء قدموا شيئ او لم يقدموا ..!
***
تولى دولة الاستاذ مضر بدران الوزارة لفترة بلغت قريبا من 10 سنوات وهو يتقاضى تقاعد رئيس وزراء واحد ، و الفترة التي تولاها الاستاذ بدران تعادل فترة (10) روؤساء وزراء اخرين تقاعدوا ب (10) رواتب تقاعدية ، وهو ما ينطبق على الوزراء فثمة وزراء تقلدوا حقائب وزارية بلغت فتراتهم بالمجموع نحو عشرين سنة ويزيد بتقاعد وزير واحد ، فيما تبلغ مدة الخدمة للوزير الذي عمل لمدة عشرين سنة تقاعد اكثر من اربعين وزيرا باربعين راتبا تقاعديا..!
***
في كل المؤسسات العاملة ، العامة والخاصة ثمة دعوة دائما لضخ الدماء الجديدة من اجل رفع مستوى العمل ، لكن هذا لا يكون على حساب الفترة الزمنية التي يقضيها الموظف في اعلى السلم الوظيفي ، فيجب نهاية الامر ان يخدم مدة زمنية تجعله جديرا بالتقاعد الا في تقلد الوزارات ، فان الدماء الجديدة لا تعني المزيد من الخبرات والتنمية الخلاقة ، هي تعني لدولة محدودة الموارد معنى واحدا هو ( مزيد ٍ من الهدر) ، وعطفا على ما رافق قرار تخفيض الرواتب ، من مجلس الوزراء الاردني فانني اعتقد ان القانون الذي ولد تؤاما مع القرار ، وقد اتى على حقوق كبيرة للمنتسبين ، فانه يعطي ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي سيولة كافية لمزيد من الهدر على طاقمها ، الذي لا اعتقد ان هذه المؤسسة تمتلك القرار الشجاع الذي اتخذه مجلس الوزراء بتقليص الهدر ، فقد اعطيت المؤسسة هامشا من التوفير المسلوب من اموال المنتسبين، و كافيا و بالقانون لمزيد من العبث باموال الخزينة الضمان ، دون ان يخرج علينا عطوفة المدير العام ذات يوم – كما فعل سابقا- ، من ان مصاريف طاقمه العامل هي التي تهدد صندوق التقاعد ، وليس البقية المتبقية من حقوق المنتسبين ، التي ربما سيأتي عليها قانون اخر..!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد