تفسير حديث " إلا الصوم فإنه لي "

mainThumb

22-08-2009 12:00 AM

حسام العمايرة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين
أيها الأخوة والأخوات الكرام الطيبين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك سؤال يرد على الألسن: لماذا الله عز وجل كما ورد في الحديث عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن الله يقول: ((كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أُجازي به)) ، فما هو السرّ؟ لأننا نعرف أن الأمور العبادية كلها لله عز وجل، ولماذا الصوم من دون الأمور العبادية يقول: ((هو لي وأنا أُجازي عليه))؟
في الواقع أن هناك شيئين في الصوم غير موجودين في سائر العبادات الاُخرى:
الأول: ليس لدينا عبادة من العبادات تمنع من اللذائذ كما عليه عبادة الصوم، وتستطيع أن تقول: إن العبادات في شدتها ليست بمستوى الصوم، بل شدة الصوم أكثر؛ لأن الصوم يتعلق بكبح الغرائز، وأن مشكلة الإنسان في كل زمان هي انطلاق الغرائز، ولذا جاء الصوم ليمنع انطلاقة الغرائز ويهذبها ويعطي الإنسان القدرة على التغلب عليها، ولنصرة الإرادة عنده.
وعليه فإن هذا أول شيء في الصوم وأول ميزة، وهي الوقوف بوجه الغرائز، بينما العبادات الاُخرى ما تمنع من هكذا غرائز.
وقد يقول قائل: إن الصلاة مناطها هكذا؛ لأنها تمنع من الفحشاء والمنكر؟
والواقع صحيح (إنّ?Z الصّ?Zلا?Zة?Z ت?Zنْه?Zى ع?Zنِ الْف?Zحْش?Zاءِ و?Zالْمُنْك?Zرِ)، ولكن إذا إنسان صلى ومع ذلك استعبدته غريزة الجنس، فإن صلاته لم تفسد ويبقى كل شيء بحسابه، أي ينحسب عليه الأنحراف، أي الزنا والصلاة التي صلاها تحسب له، ولكن في الصوم لو قارب الطعام فلم تكن عبادته صحيحة، بل يفسد الصوم.
وثانياً: عندما يقول الحديث عن الله عز وجل: ((كل عمل ابن آدم له إلاّ الصوم فإنه لي))، فإن السبب وراء ذلك: أن الصوم سرّ بين الله وبين العبد، أي لا يطّلع عليه إلاّ الله عز وجل، ولذلك نجد الصيام يقوي عند الإنسان معنى الإخلاص، وهذا فيما يخص الامتناع عن تلبية حاجات الغرائز، أما كمال الصوم ـ أي الصوم الكامل ـ فهو الابتعاد عن كل شهوات النفس أو شهوات الجسد، ولذا ورد من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدعه أو أن يترك طعامه وشرابه. ولذا أن الله عز وجل أولى الصوم عناية، وأن العناية التي أولاها الإسلام أكبر من الطعام والشراب، بل المقصود من الإنسان أن يمتنع عن أكبر من ذلك.

ختاما ...سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد