وربما يكون القلق في الولائم أكثر

mainThumb

04-07-2010 12:58 AM

دعاني صديق لوليمة غداء, أعدها في بيته العامر ذات يوم من فصل شتاء, وطلب مني الحضور قبل موعدها بنصف ساعة. أبلغني عند اتصاله, أن عدد المدعوين لبيته خمسة وسبعون من المسئولين وعلية القوم. وكان موعد وليمته في الساعة الثانية بعد الظهر. وعند التوقيت المعلن للمعازيم لم يحضر إلا خمس منهم. بدئ على الرجل القلق, وهو ينظر للساعة حينا ويرقب الباب أحيانا, ومن ثم يدخل لداخل بيته برهة ويعود !


 يستخدم تلفونه الأرضي, مرة أمامنا, والخلوي نوبات, سائلا أو متسائلا عن سبب تأخير ضيوفه الكرام. حضر السادس من المدعوين ومعه سائقه عند الساعة الثالثة والربع, فأصبحنا ثمانية. تهلهلت أسارير الرجل الشهم, لكنه باد عليه ما يدور في خلده من حيرة تفهمتها. الأكل الذي برد, والمناسف العشرة التي أعدها لضيوفه كثيرة, والكنافة الساخنة التي حضرت على التو, قبل وضع مناسف الغداء على الطاولات, والحرج الذي ينتظره مع أهل بيته بعد الوليمة المتعثرة, وكثير من التساؤلات المبعثرة, التي جعلته متوترا فاقدا للبسمة الطبيعية وشارد الذهن. أحاط الضيوف حول منسفين, وباقي المناسف بقيت ملفوفة بالقصدير, ترقب قادمين, وربما أطفال ذات العائلة وحرائرها, كان لهم نصيب وافر من الوليمة بعيد انتهاء الضيوف من غدائهم.



أحار وغيري كثير, بسبب عدم قلق الحكومة, أو تحريكها لماكينتها الإعلامية والإدارية ومؤسساتهما الفاعلة, بغرض اتخاذ التدابير الناجعة لتحفيز الشاب للتسجيل, قبل أن تغلق بوابة تسجيلهم للانتخابات البرلمانية التشرينية لغاية الآن. ويحيرني أكثر فتور القوى الفاعلة في المجتمع المدني عن القيام بدورها, بإقناع الشباب وتذكيرهم بواجبهم الوطني.



وهنا أتساءل, هل تدني تسجيل الناخبين الشباب المقدرة بنسبة 10% فقط, بعد ثلاثة أكثر أسابيع على فتحها, وقبل أقل من أسبوع على إغلاقها, مقلق للحكومة ؟ وهل التصريح الصادر عن دولة رئيس الحكومة بتشفي بعض وسائل الإعلام بالحكومة, كيدا لها من عند أنفسهم, يسبب ضعف الإقبال على التسجيل. وهل تصريح دولته مبرر كاف للمشهد, وتبرير في الملامة, وأنها قوى شد عكسي بظنه ولا تقوم بدورها !



 إن ما أقرأه خطير من الناحية الإدارية والسياسية, وربما المعنوية, ولا يصب مثل هذا العزوف في مصلحة الانتخابات القادمة. لكن بطء حركة الحكومة, في توجيه المشهد بشكل مقنع يحيرني ! وعليه, أتمنى على الحكومة, تمديد فترة التسجيل حتى آخر تموز. وأتمنى أن لا تطلق التصريحات بشكل غير محسوب, يوحي بعجزها في توجيه إدارة العملية الانتخابية برمتها. كما أتمنى أن يستعان بقوى المجتمع المدني الناعمة للمساهمة في زيادة التسجيل, وأن ترصد الأرقام الوطنية العازفة عن التسجيل للحوار معها وسماع رأيها من قبل الحكماء وأصحاب الرأي من الأقرب لفكرهم ومكان سكناهم, وأن تعد البرامج المدروسة في التلفزيون والإذاعة لهذا الغرض, وأن يسمح للمواطنين خارج الوطن بالمشاركة في أماكن تواجدهم, قل عددهم أو كثر.



 وعلينا منذ الآن, التوقع بضعف الإقبال على صناديق الاقتراع في يوم الانتخاب, ووضع تصور للتعامل مع احتماله. أما أنا كاتب هذه السطور فلي جهد عملي وتوجيهي ميداني, من مقابلة ومقالة ومحاضرة في غير محافظة ومدينة وقرية, فمن محاضرة في ديوان العنبات وناديهم في كفرنجة عجلون إلى دعوة من لمحاضرة في منتدى عرار في القاعة الهاشمية, ومن غرفة التجارة والملتقى الثقافي في إربد إلى أم قيس , إلى كفر خل ودير الليات في جرش..... وغيرها.


وفي يوم السبت القادم ذاهب مع الصديق يسار الخصاونة, الذي شاركني الجهد فيما سبق من منابر إلى كفر سوم في بني كنانة. أذكر أمثلة هنا للتدليل على الجهد الفردي أو الثنائي, وكلي فخر, ولئلا أحسب كاتب أكاديمي, يكتب للنقد وحسب. نريد من وزارة الداخلية ووزارة التنمية السياسية في بلدنا أن تشرح للمواطن وللمرشح على السواء, مبررات الدوائر الوهمية للمقاعد الخمسة في قصبة إربد, وتقنعنا بمفهومها وكيفية التعامل معها من قبل الانتخاب ومن بعدها ! وأسبابها في عدم تقسيم الجغرافيا في مناطقنا, المقدرة بنصف المليون من البشر. نريد إعلاما يليق بالمشهد الانتخابي برمته ونريد أن تبقى هيبة الدولة مصانة وكذا الحكومة, غير المحظوظة بملفاتها الصعبة والشائكة.



 ونريد انتخابات تليق بأقدم دول المنطقة في مجلسها النيابي, وتعداد مثقفيها ووزرائها السابقون وعدد الحواسيب النسبية على مكاتب أبنائها, ونريد مجلسا" نيابي لديه الكفاية في التعامل مع الدولة القلعة إسرائيل, الغاصبة للأرض غرب نهرنا, وتهددنا بإستراتيجية تلموذية عقائدية, تستهدف أرضنا وتتنكر لحقوق أصحاب الحق البالغ تعدادهم عشرة ملايين من أشقائنا, بعضهم منا أو مهاجر في نسيجنا, و أغلبهم في شتات ظالم, نحمل سببهم ونكافح في سبيل إحقاق حقهم. ونريد أن نرى الناس يفهموا حقائق التاريخ ووقائع الجغرافيا كما هي, لا كما يبتغي صاحب غاية وظلم وغواية. ونريد أن يقلق المسئول فينا على سلامة الانتخاب كما يقلق على وليمة يعدها لأصدقائه وجيرانه وأقربائه بكل تبصر ودراية ! 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد