مقال المغترب والبنشرجي

مقال المغترب والبنشرجي

20-07-2010 10:02 PM

  إذا كنت مغتربا أردنيا وتقود سيارتك الأمريكية وبنشرت على الطريق فسوف يحصل معك الآتي عند زيارتك لأقرب بنشرجي ،سيرحب بك ترحيبا حارا يختلف عن الآخرين.


ويكثر من أهلا وسهلا وزارتنا البركة وتقل قوة الترحيب عندما يعرف انك أردنيا وليس خليجيا ،ولكن تبقى للترحيب حرارة على قاعدة العب بالمقصوص لما يجيك الطيار ،يطلب منك الاستراحة والجلوس على كرسي تلون بالشحمة السوداء وتكريما لك يضع عليه سجادة متشحة أيضا بنفس المادة السوداء ويعرض عليك الشاي وهو يعرف انك لن تشرب لأنه وبذكاء لفت نظرك إلى مدى نظافة الكاسة والإبريق .



ثم يخرج عجل السيارة المصاب ويتفحصه بدقة وعناية باستخدام ماء فيه كل ألوان الطيف ، ويبدأ بسرد الحكايات عن الوطن وأولها موجة الغلاء وارتفاع الأسعار مع ذكر الأمثلة عما كانت عليه في العام السابق وجميع انواع الضرائب وذلك للإيحاء لك بان أجرة البنشر شملها الارتفاع أيضا ،ولا يخلو الأمر من استدرار العطف فله احد الأقارب لا يجد ما يأكله هو وأسرته إلا الماء والخبز ودائما له قريب أو صديق يعمل في البلد التي تعمل فيها (يعني من باب فتح باب الود والصداقة ).



يصلح العجل بروية وتأن فإذا كانت العملية في المعتاد لا تأخذ من الوقت خمس دقائق فمعك ربع ساعة ويؤكد عليك انه يحب أن يعمل عمله بإتقان لان ذلك مرتبط بأرواح الناس .


وبدوره يجلس المغترب جلسة غير مريحة وينظر للساعة إشعارا أن لديه موعدا وانه مشغول ،وبذكاء يجيب على استفسارات البنشرجي وهو متأكد أنه سوف يطلب منه أجرة عالية ،فيبدأ بشرح معاناته في الغربة وان الفلوس طايرة ولما كان بالأردن وضعه أفضل من هيك طبعا يومئ البنشرجي برأسه إشعارا بالتصديق وهو في حقيقة الأمر غير ذلك .


ولمزيد من النفخة على البنشرجي يخرج سيكارة من دخانه الفاخر ويعرضها عليه فيقوم بأخذها ويضعها فوق أذنه إما لأنه غير مدخن وحب يكسبها أو لإيهام المغترب أن شغله أهم من التدخين أما المغترب فيرمي من ورائها إلى الإيحاء بأنه نوع من الكرم أو لنقل جزء من اللطف والتواضع كغلاف لتخفيض الأجرة، ثم يسرد المغترب الجمل المعهودة الأردن أسعاره غالية وفيه استغلال للمغتربين ويذكر أمثلة مع الميكانيكي والكهربائي وطوشاته معهم على الأجرة ،كل ذلك الحوار عبارة عن شد وجذب بين الطرفين وبعد انتهاء العملية والتأكد المبالغ فيه للتركيب السليم يأتي وقت الحساب فيقول له كم تؤمر؟ (على باله يخجله) والبنشرجي صاحي بدوره فيرد ألي منك بركة طبعا بعد خليها علينا أكثر من مرة وأخيرا ينطقها البنشرجي بس خمسة دنانير وهنا ينقطع الحبل الذي بينهما ليه يا رجل! وتبدأ المفاوضات إلى أن تنتهي بدينارين ونصف وسط فقاعات أف !!!!!!!!!! من الطرفين .


وتكون هذه قصة جديدة للبنشرجي مع مغترب آخر وللمغترب مع أهله وأقاربه وطالبي الاقتراض وأصحابه في الغربة . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد