وزارة التربية في غرفة الانعاش

وزارة التربية في غرفة الانعاش

04-08-2010 06:03 AM

المفرح أن ملف وزارة التربية والتعليم مازال مفتوحا ولا نريده كذلك، والمفرح أن وزيرها المثقف والإنسان (دون نفاق ) قادر على التعامل مع هذا الملف المغبرّ بصورة مختلفة لا متخلفة ، لا غمزا في الأسبق ؛لأنه حاول وما استطاع أن يقنع المعلمين بقراراته ( قبول الناس نعمة من الله) . ووزارة التربية والتعليم عزيزة عليّ ،لأنها حبي الأول و( ما الحب إلا للحبيب الأول ) على الرغم من تباعد السنوات إلا أن حنينها يلاحقني حتى هذه اللحظة وأنا في الجامعة !!



 لذلك أكتب عنها ومئات الصور تتقافز أمام عيني :صورة صنفحة/الطفيلة في السبعينات ، وعيون الماء والقربة التي نشرب منها، وخبز الطابون من أهالي القرية، والشارع الوحيد ذو وسيلة النقل الوحيدة ، كل هذا وأكثر ، مجموعة من الصور المتطايرة لا أملك معها إلا أن أكون صادقا مع نفسي متحيزا للمعلم جهارا نهارا و( عينك عينك). وزارة التربية والتعليم أبها الكركيّ الحبيب ، وأنت أعلم ، في غرفة الإنعاش ، جسدها مسجى على سرير مستشفى حكومي بائس ، فاغرة فاها ، عيناها شاخصتان ،( أعود بك إلى رواية تيسير السبول (أنت منذ اليوم ) ومصرع القطة وصورتها القمعية المرعبة)’



عشرات (البرابيش) داخلة خارجة جلدها الناشف الخشن ،ووجها المدبب ، هي بأمس الحاجة إلى كيس من الأوكسجين . يقول أبناؤها وبناتها حين سألتهم عن صحتها : إنها (تنتظر رحمة ربها)!! إن هذه العجوز الحقود كانت ولودا ودودا ، لكنها الآن بعد أن ساءت حالتها الصحية ودخلت في غيبوبة تحتاج إلى صدمة كهربائية علّها تصحو وتعود إلى (عيالها ومحاسها ) سالمة معافاة !! .فلقد أكد لي الأطباء الذين تابعوا تدهور حالتها الصحية منذ بداياتها أن المريضة كانت تشكو من الآم مستمرة في الصدر ، وحالات من الإغماء والإعياء ، وقلة شهية للأكل ، وصعوبة المدخلات والمخرجات والتغذية الراجعة فأصبحت عصبية نزقة إلى درجة أنها بدأت تضرب أولادها وتعنيفهم وهم يبادلونها هذه العصبية ،



عندما تأتيها ( الحالة ) ثم ما تلبث أن تجهش في البكاء على ما حصل معها !! إن جلطتيها :الدماغية والقلبية في مثل هذه السن قاتلة على الفور، لأن الذي حدث معها ليس أمرا سهلا ، ولكنّ الله سلّم . لقد فدر الله لها أن تعيش على الرغم من أن حالتها حتى الآن حرجة ( تحت رحمة ربها ) وهي غير قادرة على نزع ( كمامة التنفس ) عن فمها التي ضايقتها كثيرا ،حتى إنهم صرخوا جميعا : حرام عليكم أن تهملوا أمّنا دون علاج ، هذا حرام ..هذا ظلم ، ومنهم من قال : يا ناس ( حولونا على مستشفى خاص ) ومنهم من صاح في وجه مدير المستشفى نريد طبيبا متخصصا في معالجة أمراض القلب والشرايين ، لأننا لا نريد طبيب الطوارئ الذي لا يعطي لأمنا سوى حبة (أسبرين ) يوميا ،



 وبعد أن ارتفع صراخهم واحتجاجاتهم وارتفعت أصواتهم وتحت ضغوط أبنائها وبناتها وأقاربها واحتجاجاتهم المتواصلة ،على إدارة المستشفى وبعد أن رفعوا يافطات تستنكر ما حصل لإمهم ولهم من عدم احترام وتقدير ،وافق مدير المستشفى على استدعاء أمهر الأطباء للوقوف على هذه الحالة المرضية التي أكّدوا أنها ليست مستعصية إذا تعاملوا معها برفق و إذا ما حاول الفريق الطبي الجديد تحت إشراف النطاسي البارع أن يجلسوا مع أهل المريضة : أبنائها وبناتها وأقاربها وأصدقائها وأن يستعرضوا سيرتها المرضية ،وما يجب أن يقدم إليها من علاج وأن يتفق الطبيب الجديد معهم على آليات إجراء عملية القلب المفتوح التي، وإن كانت خطيرة إلا أنها برضا الأهل وبتوقيعهم على إجراء العملية، وصراحة الطبيب الماهر المعهودة يستطيعون أن يتوصلوا إلى حل مقبول حسب إمكانيات المستشفى وقدرتها على إنقاذ هذه العجوز الهرمة التي ( دوشتنا ) بصراخها وعويلها !!! 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد