أهلا بشهر المناسف والقطايف والمعازف

mainThumb

08-08-2010 06:28 AM

            أهلا بقدومك أيها الشهر الفضيل وكل عام أنتم والوطن والأمة بألف خير.أهلا بك يا رمضان الذي كلما رأينا أكوام (قمر الدين) في المحلات ، أدركنا أنك قادم لا محالة دون أن ننتظر إطلالة المفتي ، أو مراقبة تخلق الهلال . إلى درجة أننا لم نعد قادرين على أن نفرق بين قمر الدين  وقمر المشمش !!

 

أهلا بك ، فلقد بدأنا نعقد صفقات سرية ليلية مع إخواننا العرب العاملين في محلات الدجاج  لتجهيز ( ربطة دجاج) يوميا على الهاتف دون انتظار الدور في المحل بحجة الصيام  !!

 

يا مرحبا بك  يا شهر المناسف  والولائم وصلة الرحم ، فلقد جهزنا لك (جميدّا كركيّا ) حاصلا على ( الايزو) وأقنعنا أنفسنا بأن اللحوم السودانية المنشأ ترتبط مع خرافنا البلدية، بعد ارتفاع أسعارها، بأواصر متينة من الإخوة العربية والعشب المشترك !! على الرغم من أن كثيرا من أصحاب الدخل المفقود يصرون على ( البلدي ) ويرفضون الكونفدرالية أو التطبيع مع أية جنسية أخرى  مهما كانت النتائج والديون ولو أدت بهم إلى الجويدة !!

 

أهلا بك يا شهر المحبة والود والصبر والتراحم ، وخصوصا عند شراء ( كيلو قطايف ) فلقد أحصيت أكثر من عشرين مشاجرة تتعلق بتجاوز دور القطايف،  الأمر الذي استدعاه لأن يستل بلطته من السيارة بسبب هذه الإهانة البالغة التي لا يمكن السكوت عنها ، حتى إن أحدهم حين استشاط غضبا أشعل سيجارة !! ولا أدري ما  الذي سيحدث لو تضور قطايفا ونام أولاده بدون قطرتلك الليلة ؟!!

 

إطلالة خير ويمن وبركة ، وها نحن قد نصبنا وزينا لك خيامنا الرمضانية وساحاتنا ومياديننا وفنادقنا وفضائياتنا ونراجيلنا وفنانينا وفناناتنا وراقصاتنا وفوازيرنا ومسابقاتنا وطباخينا وطبالينا ،الذين لا يعملون طوال العام إلا في حضرتك أيها الضيف الكريم، إنهم حقا يستقبلونك بحفاوة بالغة ؛لأنك معيلهم ،ورازقهم ،وجابر عثراتهم حقا .



نحن متشوقون لاستقبالك على أحرّ من الجمر، ونعدك ونعاهدك أن ننتظرك على جذوع الفنادق ورؤوس الأبراج بالأهازيج، ومعنا مجموعة كبيرة من نجوم الطرب الهزيل احتفاء بمقدمك السعيد، ونقيم لك الليالي الملاح حتى الصباح ،وإلى أن تسكت شهرزاد عن القول الحرام .

 

حياك الله يا شهر الخطب والفتاوى على الهواء ، وأسئلة بعض الصائمين البريئة التي مللناها كل رمضان : فتنهمر على بعض شيوخ الفضائيات مئات الأسئلة المكررة ،وبخاصة النساء، وكأنهن لا يحضن أو يلدن أو يرضعن  إلا في رمضان و ساعات العصر  ، من مثل :يا شيخ ، ما حكم من تعطرت أو وضعت مكياجها  وخرجت إلى العمل ؟ ما حكم قطرة الأذن والفم والتحاميل والأنسولين والدخان والعلكة وسحب الدم والآكل ناسيا  ؟ وهل يجوز أن يجامع الصائم زوجته والمؤذن يؤذن لصلاة الفجر ؟!! وغيرها من الأسئلة ،ووالأدهى أننا نسمعها تتكرر علينا منذ سنوات، وصدقوني حتى هذه اللحظة، لا أدري ما حكم الشريعة فيها!! بسبب أن بعض المفتين لا يعطون  فيها جوابا شافيا واضحا ودقيقا .ثم إنني أتمنى على خطبائنا في هذا الشهر المبارك أن نسمع منهم خطبا عن عدم : الإسراف في الغذاء والماء والشراء ، وعدم تكديس البضائع في المحلات ومطابخ البيوت، والتوقف عن المعاكسات والمشاكسات  والمشاجرات والعصبيات والنعرات والمخدرات وإضاعة الأوقات في السهرات .

 

نحن نعاني من ازدواجية في سلوكاتنا الدينية والاجتماعية تنتفي معها حكمة مشروعية الصيام ففي رمضان تصفد مردة الجن ،ويبقى مردة الإنس أمام المساجد وفي الأسواق يصولون ويجولون،وتزداد جرائم القتل والعنف بصورة واضحة ، وأسمح لصديقي على يميني أن يدخل إلى مكان ما قبلي ، ولا أسمح له والأولوية له ، وهو في سيارته أن يلف الدوار قبلي ،ونحفظ أحاديث المصطفى : (من لم يدع قول الزور ..) و(من صام رمضان إيمانا واحتسابا ..) ولكننا لا  نترك أحدا إلا وننهش لحمه ونكسر عظمه ،والغريب أننا نتبرع لبعض المساجد لتركيب زينة كهربائية خارجية ،وتغيير سجاد العام الماضي وقد نتبرع بتكاليف عمرة لبعض المحتاجين غير المكلفين بها بسبب عدم استطاعتهم ، ولكننا نتأفف ونتردد عن إعطاء مبلغ زهيد لامرأة بائسة أمام المسجد بحجة أنها تتقاضى راتبا من صندوق المعونة الوطنية !!

  

أهلا بشهر رمضان الذي تتناقص فيه ساعات الدوام، و تتكدس فيه معاملات المراجعين ،وتتأجل إلى ما بعد العيد  ، ويتزاحم فيه الموظفون على الوضوء منذ العاشرة صباحا ،وتكثر فيه النوافل الصباحية ،وقراءة القرآن ،وتصفح المواقع الالكترونية والصحف!!

حقا لنا فرحتان، ولهم أفراحهم . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد