الابتزاز والقرصنة واستغلال حرية الصحافة

الابتزاز والقرصنة واستغلال حرية الصحافة

15-12-2010 09:34 PM

قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). هناك جهات عديدة ممن تمتهن هذه المهنة (الصحافة ) السامية تؤمن ايمانا حقيقيا بمبادىء المهنة ، وتسخرها في طريقها القويم الذي وجد لخدمة الوطن والمواطن ، فكم من الصحفيين الشرفاء الذين ضحوا بارواحهم ومصائرهم في سبيل شرف المهنة ونبالة مقصدها ، وكم منهم من كتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ هذه المهنة الجليلة ،



 ولكن للاسف هناك ثلة ممن باعوا انفسهم الرخيصة ، واعاروا ضمائرهم ،فدخلوا خلسة بين صفوف جيش السلطة الرابعة ، فارتدوا زي جنود الصحافة ومحاربيها ، لا ليقاتلوا من اجل الحقيقة ، ويناضلوا في محاربة الفساد ، بل ليكونوا اعواناً لاعداء الامة والشعب والوطن والدين ، فتجد أن بعضهم يظهر بمظهر الناقد الموضوعي، ويقوم باستغلال هذه المنابر استغلالاً بشعاً فيظهر للناس أنه مجرد محايد أو مراقب، وما هو في الحقيقة إلاّ خصم يحاول اختطاف الرأي العام واستغفاله وتأليبه ليجعله في صفه، وكأنه بات محامياً في قضية يعلم قلبه ويدرك ضميره بطلان حجيتها ،



 فتراه يستخدم وسائل الإعلام أبشع استخدام ، ويحاول جرها لتكون ردءاً له في خصومته، ويستغلها لتعزيز مواقفه أو لتحسين وجهة نظره أمام الرأي العام، ويشغب على السلطات المعنية ، ويحاول تمرير وتبرير مواقفه على القرّاء ، وإني لأربأ بوسائل الإعلام التي تحظى بالمهنية والتقدير أن ترضى بجرها إلى مثل هذا، ومن الحصافة أكبر من أن تُستدرج لهذا المنزلق، كما يجب عليها أن تنأى بنفسها عن مثل ذلك.وأهيب بالقائمين على وسائل الإعلام والقرّاء أن يتصوروا أنفسهم في خصومة قضائية أمام عدو يستغل هذه المنابر الإعلامية بطريقة في ظاهرها التلبس بالموضوعية والحياد والنقد البناء والغيرة على الدين والوطن، بينما باطنها لصالح خصومته وتمرير مواقفه ومصالحه الشخصية، وقد سمى الله في كتابه الكريم هذا النوع من الفجّار لدداً، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)، وهذا يرسم صورة حديثة من صور البلطجة او القرصنة قد نسميها (الابتزاز الإعلامي). ومما يدمي القلب ويثير في النفس حزنا ، ما يحدث في بعض الاحيان في اخبار بعض الصحف وخاصة الالكترونية منها قيام بعض الصحفيين مهاجمة بعض الشخصيات او الهيئات والدوائر بالاستناد الى اخبار مضللة او موضوعة ، او الاتكاء على خبر وتحويره او تهويله لانشاء مادة صحفية رنانة بقصد الكيد من شخص او موظف او مسؤول ،



فتراه يصور للقارئ ان فساد الدنيا جبل بشخص المسؤول ، او يضخم خبراً يكاد يكون اقل من هامشي ليجعل منه مادة صحفية تكون حديث الشارع . والاسباب وراء ذلك عديدة فقد يكون باعث ذاك الصحفي شخصي او مدفوع ، وفي كلا الحاليّن ، فان هذه الحالة اشبه بالبلطجة ولكن ضمن طريقة اخرى وشكل اخر ، كمن يكون مجرما سيكوباثي يتلذذ بضحاياه ، او كمجرم ماجور على استعداد لايقاع الايذاء بالغير مقابل دريهمات معدودة او منفعة مقصودة . اعلم ان هذا الموضوع يثير حفيظة حملة القلم فلا اقصد هنا جل الصحافة والصحفيين ، ولكن يجب ان نعترف ان هناك موبؤن يستغلوا هذا السلاح لاغتيال الشخصيات ،



وبعضهم يتمادى في غيه ولا يتنبه انه ايضاً ينال من مصلحة الوطن ، فالمجرم العادي والمقصود به (البلطجي او الازعر ) قد يضرب شخص او يؤذي شخص او مجموعة صغيرة ولكنه بالمقابل ينال احتقار وازدراء المجتمع ونبذه ، ويتنبه منه الناس ويبتعدوا عن شره ، ولكننا نلمس اليوم بلطجة وزعرنة بشكل اخطر واشمل واعمق ، فهؤلاء المجرمين الجدد يرتدون ملابس فاخرة ، ويصنفون ضمن بوتقة النخبة المثقفة ، ويلقون احترام المجتمع وتقديره ،



 الا ان خطر جرائمهم لا يقتصر على اغتيال الشخصية والنيل منها فقط ، بل هم يقفوا في كثير من الاحيان عقبة كؤود في وجه تقدم المجتمع ، ويؤثروا في مسيرة الوطن ، بل في كثير من الاحيان ينالوا من مصلحة الوطن . فالامن الوطني لا يقتصر على حماية المجتمع من الجرائم الواقعة على الجسد من خلال ملاحقة معتادي جرائم الايذاء (كالبلطجية والزعران) ، فلا بد حمايته ممن يلوثوا ويسمموا فكر المواطن ، ويدخلوا جراثيم امراضهم في اذهان الشعب ، فلا نسمع او نقرأ لهم الا طروحات النقد المبنية على الاعتراض المجرد من أي وجهة نظر ،



 فوجهة نظر المعارضة يجب ان تبحث عن الحل قبل الاعتراض ، والا فانها تصبح بمثابة ظاهرة اعتلال نفسي تفرزها شخصية مريضة ، كي تلقي عبئها همّاً فوق هّم . ومما يؤلم كل وطني غيور مشاهدة حملات تلك الاقلام المسمومة التي تتتبع بعض قرارات الوزارات وتعرضها بشكل سلبي ، وتتهكم عليها ، وتحورها بشكل يوحي انها ضد الشعب والوطن ، وللاسف هناك ببغاوات كثر ما تفتأ تسمع النبأ او تقرأه حتى تردد خلف سيمفونية التباكي وتدق طبول الحزن وتحثوا التراب فوق رؤوسها دون ان تعلم انها هي الضحية وأنها انما تنعى نفسها ،



 فيا من تعي وتعقل يجب ان تدرك بان أي عمل مهما كان لا بد ان يكون له وجهين ، فاقدس عمل هو الدفاع عن الوطن والذي نبذل في سبيله ارواحنا التي اغلى ما نملك ، فاذا اردنا ان ننظر اليه بشكل سلبي كما يريد هؤلاء فبالامكان القول انه يؤدي الى قتل شباب في مقتبل العمر او اصابتهم وجعلهم مقعدين او معاقين ، فهل يمكن ان نقول ان الدولة تقتل ابناءها وتصنع منهم معوقين وعجزة اذا كلفتهم بذلك ! فعمليات الاصلاح لن تحدث بدون ثمن ، مثّلها مثّل الجراح الذي يجري عملية لمريضه فلا بد من الجرح من اجل براء المريض ، فاذا وقف احد وبدأ ينتقد عمل الجراح وتصويره باللا انساني ، ووصف العملية الجراحية بانها اعتداء على الجسد البشري ، ووصف إسالة الدماء والنزيف ، ووصف الاستئصال ، ووصف الم المريض ......الخ ، فمن المؤكد سيؤثر في مشاعر البعض ، ولكن بالنتيجة سينتصر الجراح لانه اوقف الالم المزمن لدى المريض ، واصلح اعتلال جسده ،



 وهكذا حال وضع حكومتنا او على الاقل كثير من مسؤولينا ، وقرارات الحكومة ، وبحكم معرفتي بأحد المسؤولين الذي لم اجد له مثيلا في كفاءته وقدرته ونزاهته ، وقد جاء ليصلح ما افسده كثير ممن سبقوه وتاجروا باموال الشعب ومصائرهم في سبيل بقاءهم على كرسي المنصب ، الا انه في كل خطوة يخطوها نحو اعادة البناء وتصحيح المسار ترى سيلاً من البكائيات ، ونهراً من الامتعاضات والاعتراضات ، وكأنهم تتلمذوا على يد الصحافة الصهيونية ، فانتهجوا سياسة النحيب والعويل ، فبدؤا النواح على الوطن ومصلحة الشعب وهم بذلك اول اول اعداء الوطن والشعب ،



 اتعلمون لماذا لان بكائياتهم مدفوعة الثمن ، ولان دموعهم المسكوبة عبر اقلامهم المسمومة خطت لقاؤها احبار على شيكات تصرف من ارصدة فاسدة . فعدوك الحقيقي ليس الذي في الجبهة المقابلة لانك تراه وتعرفه ، ولكن عدوك الحقيقي الذي يكمن في خندقك دون ان تلحظه عيناك ، وكلما هممت بالصعود والنهوض جذبك الى الاسفل .



 فيجب علينا ان نحذر من تلك الاقلام المسمومة كحذرنا من أي وباء ، ولا نعطي لها الفرصة ان تتلاعب بعقولنا كيفما تشاء ، ولا نثق بقول كل من هب ودب ، فلدينا عقول ولدينا ابصار نميّز فيها بين الغث والسمين ، وجل ما يمكننا ان نصطاد به هؤلاء هو الطرح الايجابي ، فلا يكفي ان يقبل من احد سوق خبراً يسمه بكل سلبيات الكون ، انما عليه ان يبين اين الحل الصحيح والطريقة المثلى ، فكل طرح سلبي مرفوض لانه طرحٌ عاجزٌ مريض ، واتمنى كذلك على الحكومة ايضاً اضافة مادة في القوانين المتربطة بالصحافة والاعلام بتجريم اعلان أي خبر عن نشاطات حكومية ما لم يتقدم الصحفي بسؤال للدائرة او الوزارة عن الموضوع ويتلقى جوابا خلال مدة لا تزيد عن 24 ساعة ، ويضع الخبر والاجابة عندها معا ، كي يعلم الجميع انما كثير من الاخبار التي نسمعها انما هي مزاودات لا قيمة ولا اثر لها .



فانني اناشد كل من لديه عقل ومعه انتماء ، وكل من يحوي بين جنباته حب لهذه الشعب واخلاص لهذه الارض ان ينزع عن عينيه نظارة الكآبة ، ويزيل عن قلبه غمامة التشاؤم ، وينظر بعين مؤمنة وقلب ثابت واثق بان الاردن بشعبه وابنائه اقوى من المتخاذلين ، واعتى من رياح المتشائمين ، وان الاردن سينتصر على اعدائه مهما كانوا ، وسيفتخر بابنائه الذين على العهد داموا. فلن نستمع لنداءات الهزائم ، ولن نردد دعوات التراجع والتخاذل ، ومعاً نحو بناء الاردن ، معاً نحقق وطن المجد والسؤدد ، معاً نصنع المستحيل كي يكون الاردن المجيد ارض البركات والانتصارات . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

توقّع إنجاز اتفاقيتي امتياز لشركتين نقبتا عن الفوسفات بالريشة

وزيرة التنمية الاجتماعية تزور دار سيدة السلام

مدير الخدمات الطبية الملكية يتفقد مدينة الحسين الطبية

السبت دوام لمديريات الضريبة وتمديد دوام الاربعاء المقبل

أبو علي: صرف رديات ضريبة للمكلفين المستحقين إلكترونيا الأحد

إسرائيل تتوعد بمواصلة العدوان على لبنان وسوريا وغزة واليمن

بدء محادثات بين كمبوديا وتايلاند لإنهاء النزاع الحدودي بينهما

سياحة الأعيان والنواب تبحثان التنسيق المشترك

ماكرون: بحثت الوضع في أوكرانيا مع أمين عام حلف الأطلسي

انخفاض أسعار الذهب في التسعيرة الثانية محليا الأربعاء

فصل مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق في بني كنانة

التعليم العالي: 480 ألف طالب على مقاعد الدراسة في الجامعات الأردنية

تشكيل لجنة في جرش للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات

السياحة: ميزات مهمة للمسافر الأردني للولايات المتحدة

تركيا: تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي في دولة محايدة