عطر انفاســــــــــــــك بشم زهرة

mainThumb

04-01-2011 11:36 PM

جلس صديقي إلى جانبي، وقد ألقى بجسمه المتهالك المنهك، على كرسي خشبي عتيق، فوق سطح البناية، المزدان بالورود والرياحين، العابق بروائح الفل والكالونيا والياسمين، وقال وهو ينفث سيجارته التي كادت أن تحرق أطراف أصابعه النحيلة الصفراء؛ غريب أنت يا أبو هيثم كيف لك أن تبذر نقودك وتبدد جهدك وترهق جسمك وتضيع وقتك من اجل رعاية هذه النباتات الضعيفة القابلة للجفاف والذبول، وأحسب أن كل ما تفعله خسارة في خسارة، لحظتها وضعت مرشاش الماء، وقلت له بكل دهشة ومرارة أحقا ما تقول؟

 

قال: نعم وبكل تأكيد، قلت له هل تسمح لي أن أسالك بكل صراحة، على أن تجيبني بكل صدق وسعة صدر وسماحة، قال وهو يسعل بقوة ملتقطاً أنفاسه المتسارعة، محاولا رفع جفونه عن عيون ذابلة لا حياة براقة فيها تفضل......تفضل يا ابا هيثم وقالها متهكما ً مداعبا ً لانه أدرك بحسه إن السؤال سيدور حول شخصه  .

 

قلت له: من سيكون فينا الخاسر أو الرابح !

 فمثلاً  أنا  أشتري دائما و باستمرار  أثناء عودتي من جامعة جدارا الكائنة في عروس الشمال ، مرورا بجرش الآثار و الجمال ، المكتظة  بالمشاتل والمستنبتات ، متنقلا كنحلة ولكن بحجم آدمي وكأنها قادمة من عصر ديناصوري ، من اجل اختيار زهرة جميلة أو نبتة يانعة صغيرة ،لأضمها إلى حديقتي السماوية الكائنة فوق سطح البناية التي اقطنها ، بسعر لا يكاد  يتجاوز ثمن علبة تبغك، فأملأ المكان عندي سحراً وجمالاً وعبقا، مما انعم الله علينا من مزركشات الطبيعة، ومنمنمات الأرض السخية، فأزيد بها الجمال جمالاً والهواء نقاءا والنفس صفاءا، أما أنت يا أخي وصديقي ناجي الذي تشتري يومياً علبة سجائرك، وتبدد مالك، وتحرم عيالك، وتعكر نفسك، وتلوث هواءك، وتفسد أجواءك، وتؤذي اهلك وأصحابك، وتصفر أصابعك وأسنانك، وتحرق ملابسك وشاربيك.

 

هل تعلم يا صديقي المدخن المبتلى  بهذا العدو  المتخفي بلفافته البيضاء، أن قيمة ما تشتريه من علب دخان في عام واحد ، ينشئ لي او لك حديقة غناء تٌعجب البشر، وتستقطب الطير، وتريح النظر، وأما أنت فستبذر المال، وتحرم العيال، وتطفئ في محياك البهاء والجمال، ناهيك على انك سوف تسرطن رئتك وتنهك بدنك،وتضعف قلبك، وتجهد  نفسك، وتدمر مظهرك، وتؤذي غيرك ممن حولك ، وأهمهم زوجتك، شريكة حياتك إلى مماتك، بالإضافة إلى احتمالية حرق بيتك اومصنعك اوشركتك ومكان عملك أنى كان ،إنه عدو ماكر  خبيث، يتصيد لحظة غفلتك ونعاسك و متعتك وانسجامك، فينقض بشراسة ليَلتهم ما حوله بلا رحمة أو هوادة، غير مميز  لحرق وإيلام عجزة مسنين ،أو أطفال أبرياء مساكين، او الإتيان على أموال ولو كانت بالملايين ، أما الطامة الكبرى فهي  تلويث بيئتك والذي سيكون أولها بيتك، وعليك أن تعتبر من الآن طبيا أن أطفالك واهلك مصنفين بالمدخنين السلبيين، لذا أنصحك بأن لا فائدة مطلقا من نصيحتهم بأن لا يدخنوا مستقبلا، لذا هدئ من روعك ولا ترفع سكرك أو ضغطك ،بعد أن زمجرت وأرغيت وأزبدت، لأنك ياأخي الفاضل  والناصح الأمين ،في الأصل أنت قدوتهم ومثلهم الأعلى ، لذا من هنا ادعوك وادعوا كل أخ وأخت متفهمين واعيين مقدرين مدركين لهذه الدعوة الأخوية الإنسانية الخيرية،بأن يزرع اويضع  كل مدخن مبتلى،في بيته زهرة ليفوح شذاها وعطرها، لا أن يملأه بيته ومكان تواجده سما زعافا، ودخانا خانقا  منبعثا من سيجارة أو نارجيلة أشعلتها جمرة لتحرقها  لك أولا ثم(لأسمح الله )بعدا تحرقك أنت..... حاول لا تيأس فالألف ميل أولها خطوة، والحديقة نواتها وبدايتها بذرة أوشتلة ثم نموها كزهرة عليك تنسمها ومن ثم إلقاء وسحق اللفافة والجمرة،هداك  الله  أخي مارايك بتطبيق هذه الفكرة ... ؟ فكرت........   أعجبتك طبقها



لان صديقنا ناجي تم له الانقلاع بالإقناع فيما بعد وشكرني ( الحمد لله ) على ان أنقذته من الانزلاق في الهاوية الصحية و ارتح عائلته من سحب لفافاته الدخانية التي تعبق في كل زاوية ومكان .

 

(آملاً أن يسامحني كل مدخن مبتلى وعنيد، ولكن يوما ما ربما!!!و ليس على الله ذلك ببعيد) أن يقلع عن التدخين ، المهم المبادرة والإصرار والإرادة والصبر والتعويد ، وليعلم قرائي العزاء إنني إن شاء الله ناصح آمين لهم احي أن يمتعهم الله بموفور الصحة و العافية لهم ولأسرهم و الناس من حولهم أجمعين   .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد