من يجب عليه أن يستقيل

من يجب عليه أن يستقيل

19-01-2011 10:34 PM

من الأخر وبدون مقدمات تجميلية أقول، إن نواب مجلسنا الحالي قد سقطوا بنفس اليوم الذي منحوا فيه الثقة "باشكالها المختلفة" إلى حكومة دولة السيد سمير الرفاعي. ومن الأخر أيضاً أقول وعلى بلاطة، إن هذا المجلس ليس من حقه الحديث عن استقالة هذه الحكومة، أو حتى الطلب باجراء أي تعديل على أي من حقائبها لأنها حصلت على ثقته الغير مسبوقة في تاريخ الحكومات الأردنية، وبالتالي فلا أقل من أن تصمد هذه الثقة لعدة شهور وإلا فإن أصابع الإتهام يجب أن توجه وستوجه إلى من منح الثقة وليس إلى من حصل عليها.




 إن الحديث عن استقالة الحكومة بعد أسابيع من حصولها على "الثقة" من قبل مجلس النواب حديث يبعث على الإستغراب والشك الحقيقي في قدرة نوابنا على التعاطي مع العمل النيابي والسياسي، وبالتالي فهو حديث يبعث على الشك في قدرتهم على تمثيل الشارع الإنتخابي تمثيلاً ينم عن سعة في الأفق وقراءة للواقع وتداعياته المستقبلية قراءة مناسبة. هذا الشارع الإنتخابي وأثناء المظاهرات الأخيرة غسل يديه من بعض نوابه، ولم يستمع إليهم على إثر منحهم الثقة لهذه الحكومة، الأمر الذي أضطر معه العديد منهم إلى التراجع عن موقفه من الحكومة والمطالبة خلال الأيام الماضية بحجب الثقة عنها ورحيلها.




 هذا التذبب في المواقف وخلال فترة زمنية لم تتجاوز الأسابيع يؤكد على أن هذا المجلس الذي ولد من رحم الحكومة خداجاً، لم يزل خداجاً، وأحسبه سيبقى كذلك، ولن يستطيع أن يكمل سنواته المفترضة إن هو بقي يحن كثيراً إلى هذا الرحم الذي خرج منه شبه "مسلوق" على نار القانون الإنتخابي الذي وضعته نفس الحكومة التي يطالب برحيلها. الشارع الإنتخابي والنقابات المهنية وخلال اعتصامها أمام مجلس النواب تخلوا عن النواب وعن أحزاب المعارضة بعد أن تساءلوا معاتبين أصحاب السعادة وأظنه عتباً وجيهاً إلى الدرجة التي يجب معها أن يندى جبين كل من منح الثقة إلى هذه الحكومة ويلاحقها الأن لترحل بحجة أنها لم تعالج مشكلات الغلاء وارتفاع الأسعار وكأن هذه المشكلات هي وليدة البارحة.




هذا هو التساؤل وهذا هو العتب: أين كنتم يا أصحاب السعادة؟. أين كنتم قبل شهر من فوزكم؟. أين كنتم منذ أن تسلمت الحكومة زمام الأمور وظلت لعدة أشهر تقدم مشاريع القوانين دون حسيب أو رقيب؟. أين كنتم عندما "فصلت" الحكومة قانونا إنتخابيا لا يوجد له مثيل في العالم ويكاد أن يكون على مقاس كل واحد منكم؟. أين كنتم عندما أعلنت هذه الحكومة الحرب على الأحزاب وعلى نفسها في خطوة هي أقرب ما تكون إلى الإنتحار السياسي؟. أين كنتم وأين كانت حكومة سمير الرفاعي عندما وعدتم الناخب بمحاربة الفقر والبطالة؟. أين كنتم وأين كانت حكومة سمير الرفاعي عندما وعدتم الناخب بمحاربة الفساد؟. أين كنتم عندما فاز رئيس المجلس بالتزكية وأين كانت حكومة سمير الرفاعي حينها؟. أين كنتم عندما كانت حكومة سمير الرفاعي على وشك أن تفوز بثقتكم بالتزكية؟. أين كنتم قبل شهر وما الذي تغير منذ شهر أو أقل؟.



 هذا المجلس ومنذ الجلسة الأولى ظهر بمظهر اللاعبين الهواة، وبعيداً كل البعد عن الحرفية من حيث تعامله مع الحكومة، بل وأعلنها مدوية من خلال الثقة أنه الإبن الشرعي لهذه الحكومة. أما أحزاب المعارضة داخل المجلس وخارجه، وإن كنت لا أرى فيها أحزاباً بالمعنى الحقيقي لأحزاب المعارضة، فإنه يجب عليها أن تراجع نفسها لمحاولتها العزف على وقع الغضب "الشعبي" التونسي وهي تمني النفس بأن الفرصة ربما أصبحت سانحة للإطاحة بحكومة الرفاعي. ما تقوم به هذه الأحزاب المعارضة من داخل وخارج المجلس النيابي أمر لا يمكن تفسيره إلا بمحاولة الحصول على مكاسب حزبية حتى لو كان ذلك على حساب المواطن ووحدة الوطن.




 إذا كانت حكومة الرفاعي سترحل، ولا يهمني كثيراً أمر رحيلها، فالمنطق يقول إن هذا المجلس يجب أن يسبقها بالرحيل لأنه هو وليس غيره من أعطاها الشرعية المطلقة، وأنه أصبح لزاما على أحزاب المعارضة أن تكون أكثر فعالية وحضورا داخل المجلس أو أن تتلاشى وإلى الأبد !!!.




 المواطن هو الخاسر الأكبر بين الفريقين، فقد أصبح بين كل مسيرة ومسيرة يسير في الشارع مشوشاً "مدووشاً" من شدة ما تلقى ويتلقى من ضربات على رأسه، فتارة يحدث نفسه، وتارة يضحك على نفسه، وتارة يضحك مع نفسه، وتارة يصحو على نفسه فيجدها أمام الواقع نفسه، ليعود ثانية يحدث نفسه ويضحك على ومن نفسه ولكن بينه وبين نفسه. ويبقى الوطن شاهداً على الجميع، وعاتباً على الجميع، وحال لسانه يقول إلى متى....؟ وهل عجزت أمهاتكم...؟. هذا هو عتب الوطن وأحسبه عتب لكل الشرفاء من أبناء هذا الوطن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد