مستقبل الجامعات الأردنية(1)

مستقبل الجامعات الأردنية(1)

22-01-2011 02:35 AM

لا اعرف كيف ولماذا راودني وقفز إلى مخيلتي هذا المصطلح (التفتت التنظيمي) Organizational Fragmentation الذي اعتقد بأنه جديد على الفكر الإداري، ولم يطرحه أي من المنظرين في علم الإدارة سابقاً. ومما دفعني إلى التمسك بهذا المصطلح هو الحالة البائسة التي وصلت إليها مؤسساتنا التعليمية الأردنية بشكل خاص والعربية بشكل عام، واقصد هنا مؤسسات التعليم العالي من جامعات وكليات ومعاهد ومراكز بحوث. لقد توسع التعليم الجامعي في الأردن خلال السنوات العشرين الماضية توسعاً كمياً هائلاً. وعلى الرغم من هذا التوسع المتسارع في مجال التعليم الجامعي, فقد أشار العديد من الخبراء في التعليم العالي إلى أن هذا التوسع الكمي قد واكبه العدي د م ن الإشكاليات والتحديات والمؤشرات التي تظهر اقتراب حالة التفتت والاندثار التنظيمي لدور هذه المؤسسات، ويمكن تلخيصها هذه المؤشرات فيما يلي :



1.  العجز في موازنات الجامعات الرسمية واعتمادها على الرسوم من الطلاب والدعم الحكومي من الضرائب التي يدفعها المواطن مع عدم وجود عائد لهذا الدعم لا من البحوث العلمية ( الجبارة والرصينة؟؟؟؟؟) التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس بهدف الترقية العلمية (وخدمة المجتمع وتطوير الصناعات الثقيلة والبحوث الأساسية والتطبيقية؟؟؟؟؟)، فمثلا يقدر هذا العجز بأكثر من (100) مليون دينار أردن ي ب النسبة للجامعات الأردنية حسب آخر التقديرات. فلا خير في جامعة تكون عالة على كاهل أفراد المجتمع، تدفع رواتب جهابذتها من جيوب الفقراء. والأصل أن تكون الجامعة مؤسسة إنتاجية تنتج الأفكار والاختراعات والأموال والمشاريع والإبداعات والابتكارات، لا أن تكون عبئاً ثقيلاً على كاهل المجتمع .



2.  التهافت على التعلي م ال جامعي وضيق الجامعات عن الاستيعاب. وقد لجأت العديد من الجامعات الأردنية تحت ضغط الحكومات، وبسبب عدم قدرتها على استيعاب الطلبة الناجحين إلى س ن ق وانين تعرقل الانتساب إلى الجامعة كضرورة الحصول على معدلات عالية، وعدم الانقطاع عن الدراسة، كما أن معظم القبولات تتم على أساس الكوتا (الحص ص)، مما حول الجامعات الأردنية إلى مكان لتجمع ثلاثة من الفئات: الأغنياء والحاصلين على المعدلات العالية، وأصحاب الأعطيات والمنح والكوتات.



3.  عجز في التمويل. تعاني الجامعات العربية من أزمة مالية لا سيما أن جميعه ا ت عتمد على المعونات الحكومية ذلك تخوض صراعا دائما لزيادة موازنتها أ و ا لتخلص من العجز المالي عن طريق زيادة الأقساط أو فتح برامج تدريس ربحي ة ك البرنامج الموازي والمسائي والدولي . وهذا الاتجاه اثر بشكل مباشر على نوعية الخريجين من الطلبة.



4.  بطالة الخريجين. حيث تتراكم إعداد الخرجين الجامعيين العاطلين عن العمل في الأردن، والذي فاقم من هذه الأعداد أمران: أولهما: غلبة العلوم النظرية والآدا ب و الحقوق. وثانيها: عدم استعداد السوق لاستقبال هؤلاء الخريجين، حيث وتشير أرقام رسمية بشأن العمالة في الأردن ان عد د ا لخريجين العاطلين عن العمل في الأردن أكثر من (200) ألف خريج حس ب أخر الإحصائيات الصادرة عن ديوان الخدمة المدنية(2010). ويقدر حجم الإهدا ر ا لاقتصادي المترتب على بطالة الخريجين بحوالي (مليار) دينار أردني سنوياً, يضاف إليه حوالــي (500) مليون دينار أردني كلفة الفرصة البديل ة ب لغة علماء الاقتصاد . ويقول مازن الساكت يوجد في الأردن مليون و600 ألف طالب في المدارس، وهناك 275 أل ف ط الب في الجامعات، وهناك حوالي 60 ألف خريج سنوي من الجامعات بمختلف التخصصات. ومنها تخصصات لا يحتاجها سوق العمل. وأضاف بان مخرجات التعليم ف ي ا لأردن لا تلبي متطلبات سوق العمل، حيث يعاني الأردن من مسألة التخصصا ت ا لمتشابهة في الجامعات، والتي لا تختلف عن بعضها البعض إلا في بعض المسميات وهو أمر أوجدته العقلية الربحية في الجامعات، وكأن التعليم العالي أصبح تجارة وهذا الأمر ليس هدرا في الطاقات فقط بل جريمة بحق الموارد البشرية الأردني ة.



5.  انكماش البحث العلمي واقتصاره على تحقيق أهدا ف آ نية, حيث هناك تقصير من قبل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية ع ن ا لقيام بالبحوث العلمية التطبيقية وخدمة المجتمع, واقتصار هذه البحو ث على القضايا الشكلية لأغراض الترقية العلمية والتي ليس لها أية قيمة أو فائدة.



6.  عدم مواءمة مخرجات التعليم الجامعي مع متطلبات خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية والوطنية من العمالة الماهرة المدرب ة.


7.  عدم قدرة الجامعات على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب الراغبين في الالتحاق بهذه الجامعات، نتيجة الطلب الاجتماعي على التعليم الجامع ي.


8.  سيادة ظاهرة البيروقراطية الإدارية المتمثلة بالمركزية الحادة والتفرد في صناعة القرار من قبل الإدارة الجامعية العليا، وغياب مبدأ المشاركة من قب ل أ عضاء الهيئات التدريسية والإدارية والطلاب في عملية صنع القرار، ومقاومة الجامعات للتغيير والتطوير وانعدام التميز والإبدا ع.


9.  نقص الإعداد التطبيقي للطالب، واعتماد التكوين النظري أساساً للمناهج، واعتماد أساليب التلقين والتدريب التقليدي، والبعد عن عملية التعلم الذاتي .


وفي مقالة قادمة سوف نستكمل هذا الواقع المعاش للجامعات الأردنية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد