الأمن الغذائي والأمن الإنساني في الاردن

الأمن الغذائي والأمن الإنساني في الاردن

22-01-2011 02:39 AM

ترددت كلمة الأمن كثيراً خلال الفترة الماضية في جميع أنحاء العالم منذ أن انتشر الإرهاب وأعمال العنف عند الدول، والأمن بمفهومه العام يشمل كل نواحي الحياة التي تهم الإنسان المعاصر: فهو يشمل الاكتفاء المعيشي، والاقتصادي، والاستقرار الحياتي للمواطن؛ حتى يشعرَ بأن له ركائز ثابتة في مجتمعه تحفظ له وجوده وكيانه وتعلقه بأرضه ووطنه ودولته، فالاستقرار الأمني في حياة الفرد عامل ضروري لحفظ توازنه العاطفي والنفسي، فمن أساسيات الأمن الإنساني تأمين الخدمات الأساسية له، فلا يشعر بالعوز والحاجة والإحباط؛ لأن ذلك يكسبه الطابع العدواني والنقمة على المجتمع وأنظمته، فيضطرب السلوك ويسهل الانحراف.



يرتبط الأمن الغذائي ارتباطا وثيقا بالأمن الإنساني، فمشكلة الغذاء تمثل مأساة إنسانية، إذ يموت سنويا ملايين البشر جوعا في عالم وصل أوج الحضارة العلمية والتكنولوجية، ومما يزيد المشكلة فداحة هو سوء التغذية، وعدم العدالة في توزيع الثروة القومية، وخاصة في مناطق العالم الثالث ( الدول النامية)، التي يجتمع عليها ثالوث الفقر والجهل والتخلف، فتوفير الغذاء الكافي والمناسب، يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بطمأنينة النفوس وسلامة التصرف والتعامل، كما يعدّ الأمن الغذائي نعمة من نعم الله عز وجل التي منَّ بها على عباده المؤمنين، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: ( فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف.



لقد شهد العالم أجمع أزمة غذائية حادة تمثلت بالنقص المفاجئ في الإنتاج العالمي من الحبوب، والتي انخفض إنتاجها في النصف الأول من السبعينيات بمقدار 33 مليون طن عام  1972م ، بينما ازداد الطلب العالمي على هذه المادة بمقدار 25 مليون طن، وبذلك بلغ العجز في إنتاجها ما نسبته 5 %، مما نتج عنه ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، هذه الفجوة عانت منها  البلدان النامية وعلى وجه الخصوص البلدان العربية بشكل عام والأردن بشكل خاص.



والأردن كبقية الدول العربية يعاني من  اتساع الفجوة بين الإنتاج الغذائي المحلي والاستهلاك المتزايد كنتيجة طبيعية للنمو السكاني الذي يصل إلى ما نسبته 2.6 %، فوق مساحة من الأرض لا تزيد نسبة أراضيها الصالحة للزراعة عن 10 % من إجمالي مساحتها البالغة نحو 89.3 ألف كم 2، يقطنها نحو 5.3 مليون، 2004، كما يعاني الأردن من نقص حاد في كميات المياه إذ تعدّ من أفقر عشر دول في العالم بالمياه، بالإضافة إلى تقلبات الأحوال المناخية وظروف الجفاف، كتلك التي تعرض لها الأردن في العام المطري 1998/1999، حيث تزامن هذا الجفاف الذي لم تشهده المملكة الأردنية الهاشمية منذ أكثر من 40 عاما مع ارتفاع في نسبة البطالة التي وصلت إلى نحو12%، والأزمة الاقتصادية التي شهدها الأردن أثناء حصار العراق، والتقلبات الحادة في النظام الاقتصادي العالمي، وما رافقها من تقلبات في أسعار الصرف العالمية، وتراجع الصادرات الأردنية إلى دول الخليج العربي، وتفاقم المديونية، وتناقص الإيرادات من الحوالات المالية بعد رجوع أكثر من 300 ألف عامل .



إن تراجع الإنتاج الزراعي في الأردن بمختلف أصنافه يدق ناقوس الخطر حول مستقبل الأمن الغذائي والإنساني في الأردن، وخاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المتردية التي يشهدها الشرق الأوسط من ناحية سياسية، واعتماد الأردن بشكل مباشر أو غير مباشر على الهطول السنوي المتذبذب زمانا ومكانا، مما يشكل عقبة أمام التنمية الزراعية، وتوفير المتطلبات الأساسية من الأمن الغذائي للمواطن، وبالتالي بقاء الاعتماد على توفير المادة الغذائية من خلال عمليات الاستيراد التي تثـقل كاهل الحكومة الأردنية سنة بعد أخرى، ففي عام 1999م سجل قطاع الزراعة على سبيل المثال عجزا كبيرا في إنتاج الحبوب (القمح والشعير)، فتراجع الإنتاج في هذه المادة إلى نحو 13 ألف طن وهذه الكمية لا تغطي إلا 0.6 % فقط من احتياجات المواطن الأردني، بدلا من 10 % هي النسبة الطبيعية للإنتاج الأردني في السنوات العادية، ولذلك استورد الأردن في عام 2000 نحو1.936 مليون طن من الحبوب، منها: 742 طن من القمح، 725 طن من الشعير، 370 طن من الذرة، و99 ألف طن من الأرز .



لذلك، فإن ورقة العمل هذه ستحدد أهم العوامل والمتغيرات التي أدت إلى اتساع الفجوة الغذائية في الأردن وأثر ذلك على الاستقرار الاقتصادي، وارتفاع حجم المديونية، وازدياد نسب البطالة والفقر؛ وخاصة في المناطق الريفية، كما ستخلص لعدة نتائج وتوصيات من شأنها أن تقلص من الفجوة الغذائية بالتأثير على أنماط السلوك الاجتماعي لتغيير النمط الاستهلاكي، وترشيد استخدام المياه، وتحسين إنتاجية البذور، والمكافحة الحيوية، وحفظ التربة، والحد من التصحر والاعتداء على الأراضي الهامشية، وتفتت الملكية، والعناية بالمراعي لزيادة الإنتاج الحيواني من الحليب واللحوم الحمراء لتغطي نسبة معقولة من الاستهلاك المحلي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد