الخصخصة

mainThumb

26-01-2011 11:30 PM

من خلال فتح الأردن بوابته الاقتصادية والتكنولوجية على مصراعيها ( في عصر العولمة ) على العالم ، قامت الحكومة بإنشاء وحدة خاصة في رئاسة الوزراء في عام (1996) سميت بالوحدة التنفيذية للتخاصية ، وتتلخص مهامها في إجراء عمليات الخصخصة ضمن السياسة العامة للدولة ، ويعتبر برنامج الخصخصة في الأردن مـن أنجح البرامج في الـدول العربية ((كما يقول البنك الدولي؟)) نظرا للسرعـة التي تم فيها تنفيذه ، " ولقد بلغ إجمالي ما قامت الحكومة الأردنية ببيعه من شركات خلال الفترة مابين عامي( 1996و2001) ، (44) شركة ما المقصود بالخصخصة ؟ وما الهدف الأساسي الذي ترمي إليه ؟ و ما دور الحكومة عندما تكون جميع مؤسسات الوطن قد بيعت أصولها للمستثمرين ؟.




تطغى عبارة الخصخصة أو التخصيص أو الخوصصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية وهي جميعها تسميات لمصطلح اقتصادي باللغة الإنكليزية أو الفرنسية لكلمة privatisation. لا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى. ولكن لو أردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعا رئيسيا يتم استخدامه في معظم الدول، فإنها فلسفة اقتصادية حديثة ذات إستراتيجية، لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القطاع العام إلى القطاع الخاص. فالدولة، في المفهوم الاقتصادي الحديث، يجب أن تهتم بالأمور الكبيرة كالأمور السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا, أما سائر الأمور الأخرى فيمكن تأمينها من قبل القطاع الخاص وذلك في إطار القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع تعددت واختلفت مفاهيم الخصخصة وتعريفها إلى تعدد مجالات تنفيذ هذه الإستراتيجية وإلى تعدد أساليبها، فيتسع التعريف أو يضيق بقدر شموله لهذه الأساليب وتلك المجالات.




ونظرا لأهمية تعريف هذه الكلمة قبل الخوض في تفاصيل البحث، فتعرف الخصخصة(( بأنها نقل ملكية أو إدارة نشاط اقتصادي ما ، إما جزئيا أو كليا من القطاع العام إلى القطاع الخاص أي أنها عكس التأميم)). والخصخصة وسيلة أو أداة لتفعيل برنامج إصلاح اقتصادي شامل ذي محاور متعددة يهدف إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية في دولة ما مثقلة بالديون . و من هذا المنطلق عادة ما يتزامن مع تنفيذ برامج الخصخصة تنفيذ برامج أخرى موازية ومتناسقة تعمل كل منها في الاتجاه العام نفسه الداعي إلى تحرير كافة الأنشطة الاقتصادية في القطاع العام تجاه القطاع الخاص، أي أن الخصخصة يجب أن تواكبها تغييرات جذرية لمفهوم أو فلسفة مسؤولية الدولة من إدارة الاقتصاد ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي تجاه المزيد من المشاركة للقطاع الخاص.




 و للخصخصة منظوران اقتصادي وسياسي فمن المنظور الاقتصادي تهدف عملية الخصخصة إلى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى, وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة إلا في حالات الضرورة القصوى, وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته. أما من المنظور السياسي فالتخصيص يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والأمن الداخلي والخدمات الاجتماعية, بمفهومها الضيق المقتصر على عملية بيع أصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة.




وعلى الدولة أن تحذر من ممارسة الإنتاج السلعي أو الخدمي بنفسها في الحرب أو قبلها أو أثناءها، بل على الدولة أن تكون دولة سياسات، توجيه ورقابة للإنتاج، ويكون الإنتاج وكل الأعمال والمهن بيد الناس، فتنحصر مهام الدولة في تنظيم الاقتصاد والإنتاج، حفظ العدل، منع الإجحاف، والتوجيه إلى سدّ الشواغر، استكمال النواقص، المراجعة ورفع الخلل و... ، فمسؤولية الدولة وبالتعاون مع السلطة التشريعية وضع النظام العام، ودعم قوة استقلال السلطة القضائية للحيلولة دون إجحاف الأخصائيين وأصحاب المهن و...، وتشجيع وتوجيه القدرات والكفاءات والإمكانيات نحو الشواغر والحلقات المفقودة، وبذلك يخف كاهل الحكومة، ولا يتضخم الجهاز الحكومي، فتتفرغ الحكومة للإشراف والمهام المحورية الموكلة إليها، فتظهر الكفاءات التي يتوقف ظهورها على كون الناس أحراراً فيما يفعلون. ومن آخر صرعات الخصخصة في الأردن ((الحكومة تبيع والضمان يشتري!)) سلامه الدرعاوي. 14/4/ 2009.




 ومن هنا برزت عند البعض شبهات فساد في التخاصية ومنها إعلان الحكومة عن صفقة بقيمة 5 مليار دولار مع شركة إماراتية لتطوير ميناء العقبة. ودفعت الشركة من قبل مبلغ 500 مليون دولار للحكومة مقابل 320 هكتار من الأرض التي سيتم تطوير الميناء عليها. وتخطط الشركة لنقل منشآت ميناء العقبة إلى الجزء الجنوبي من المدينة وتوسيعها وتطوير السياحة هناك. وكذلك تتم عملية بيع مركز الملك حسين الطبي الذي أجريت فيه أول عملية زرع قلب في الوطن العربي في السبعينيات من القرن السابق ، وخضع فيه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لجراحة عام 1992، وفيه توفي الملك حسين عام 1999، لمجموعة من المستثمرين الإماراتيين. وبموجب هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 2 مليار دولار، يخطط المستثمرون أيضًا لشراء الأرض المحيطة العائدة للجيش. وأكدت الحكومة المشروع ولكنها قالت أن البيع سيكون "تدريجياً" وأنه سيتم تغيير مكان المركز الطبي.




وأضافت أن المستثمرين سيبنون مكاتب على الأرض وسيؤجرونها لشركات عالمية. وقد التقت اللجنة القانونية للبرلمان برئيس مجلس الوزراء نادر الذهبي وطالبت بتفسيرات للعديد من الاتفاقيات التي تم توقيعها من قبل الحكومة السابقة أو تم التوصل إليها خارج سلطة الحكومة. وقال المحلل السياسي فهد الخيطان: "أثبتت التجارب السابقة في الأردن أن الصفقات السرية كانت مصممة لإخفاء العمولة المدفوعة"، وهاجم "الاتفاقيات التي تتم من تحت الطاولة والتي يتم التوصل إليها بدون معرفة مجلس الوزراء".




وأضاف : "يجب أن تخضع المفاوضات على خطط الخصخصة، بما فيها عروض المناقصات، للمناقشة العامة، وخصوصاً المشاريع المرتبطة بالقيم الوطنية أو التاريخية". وقال زكي بني رشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، حزب المعارضة الأكثر نفوذاً في الأردن، أنه "من الخطير للغاية بيع هذا المقدار الكبير من الأراضي والعقارات لغير الأردنيين" كجزء من برنامج الخصخصة. وأضاف بني رشيد : "هذه المشاريع ليست مصممة ليستفيد الفقراء منها، بل الأغنياء وأصحاب النفوذ من الأردنيين فقط".




وتزامنت أخبار الصفقات مع الأسعار المرتفعة التي تواجه الأردنيين في حياتهم اليومية في هذا البلد الفقير مالياً.وقال بني رشيد أيضًا : "صبر الناس له حدود، وأعتقد أنه سيحدث انفجار في الأيام القليلة القادمة، انفجار كبير جداً، ولا يمكن لأي أحد توقع عواقبه الوخيمة /أو نتائجه خلاصة القول .... الخصخصة استراتيجية جديدة وتهدف إلى الربح ومن العوامل التي ساعدت على انتشار البطالة بسبب الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمال من أجل أن يحصل المستثمرون على أكبر نسبة من الأرباح عن طريق استعمال عدد قليل من العمال . ويكون دور الحكومة يقتصر على الإشراف والمتابعة ....ولكن للآسف أن الحكومات التي عنيت بالخصخصة أغفلت دور السلطة التشريعية ولم تتبع الأسس القانونية في بيع الأصول لكي يأخذ مثل هذا البيع المسار التشريعي الخالي من الشبهات ...




وقد تحول دور الخصخصة الحقيقي إلى دور يجانب الصواب ويثير الشبهات مما كان له أثر كبير في إحداث أزمة اقتصادية خانقة أربكت المجتمع الأردني وأنهكته بزيادة الأسعار وآلتي آلت إلى ما نحن عليه وتحول معظم المجتمع الأردني إلى مجتمع فقراء لا يستطيعون الحصول على متطلبات العيش الأساسية من الماء والغذاء والكساء والتعليم الموازي في الجامعات الذي لا يوازي ما في جيوب المواطنين . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد