ابتزاز وطن .. !

ابتزاز وطن .. !

17-02-2011 02:00 AM

لم يعد الاحتجاج في هذه الأيام المباركة أمراً غريباً ولكن الغريب فعلاً هو تناقض أفعالنا مع أقوالنا. في المساء تصل إلى أسماعنا أنباءٌ تؤكد اجتماع عشيرة على تقديم الولاء للوطن، وفي صباح اليوم التالي تخرج علينا نفس العشيرة لتقطع الطريق على هذا الوطن! حيث تكرَّر هذا التصرف باستمرار ليس من عشيرة واحدة وإنَّما من عدة عشائر.
 



كلنا يريد الإصلاح، ولكن عندما يبدأ كل منا بالبحث عن حقوقه التي يعتقد أنها سُلِبَت ويُطالب بها ثمناً للسكوت عن الإصلاح الشامل... فهذا ليس من أخلاقنا أبداً!. كلنا نؤيد الحقوق الفردية والفئوية لكل فرد أو فئة من فئات المجتمع، ولكن ليس هذا هو الوقت المناسب للمطالبة بها، وبالتأكيد ليس هذا هو الأسلوب الأمثل للحصول عليها. كنّا نقول من قبل بأننا لسنا مثل تونس كما أنَّ وضعنا يختلف عن الذي في مصر وكنتُ أنا أعتقد العكس.
 



لكنني اليوم أتساءل لماذا لم يخرج الأقباط في مصر أثناء الثورة للمطالبة بحقوقهم التي يعتبرونها مهضومة؟ لماذا لم تخرج في مصر مظاهرةٌ فئوية واحدة تطالب بحقوقها المنقوصة؟ فلم يخرج الإخوان مثلاً، ولا المعلمون ولا العمال ولا الصعايدة المهمشين، لقد خرجوا جميعاً من أجل مطلب واحد فقط، ألا وهو الإصلاح الشامل. نحن في الأردن اليوم نطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث بادرت القيادة على الفور إلى الاستجابة لمطالب الشعب، فقد تشكَّلت حكومةٌ شرعت بالعمل على تنفيذ هذا الإصلاح، إلا أن هناك من تثيره رائحة الدماء ورؤيتها فقرَّر أن ينقضَّ على هذا الوطن في لحظة ضعفه. هذه ليست شيم الأردنيين الذين يعتزون بالمروءة والشهامة والحَمِيَّة.
 



لسنا نحن من يستغلُّ هذه اللحظات الفارقة في حياة الوطن لنطالب بمطالب فردية أنانية. أين كنتم منذ عشرات السنين؟ أين القضاء الأردني العادل الذي نتغنَّى به؟ لماذا لم تتوجهوا إليه ليأخذ لكم بحقوقكم السليبة حسب اعتقادكم؟ لماذا لم تخرجوا بالأمس لتطالبوا بنزاهة القضاء بدلاً من إطلاق الرصاص في فضاء الوطن لتروِّعوا أمنه وأمانه؟




كلي ثقة بأن من يقوم بهذه الاعمال هم فئة محدودة لا تمثل ولا بأي شكل من الاشكال الفئة الأغلب والأعم من أبناء نفس العشيرة والعشائر التي نحترم ونقدر. من يعتقد أنه فوق الوطن فهو مخطىء؛ لأن هذا الوطن الحبيب سيبقى عزيزاً، فنحن لا نريد أن نراه يتعرَّض للابتزاز صباح مساء. جميعنا يملك حقوقاً فرديةً وفئويةً يمكنه المطالبة بها الآن، ولكن تأبى علينا نفوسنا العزيزة في هذه اللحظة بالذات أن نقدِّم الخاص على العام...! 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد