مهارات الحياة .. عقوبة رادعة!

مهارات الحياة .. عقوبة رادعة!

05-03-2011 03:58 PM

طالعتنا الصحف الاردنية بخبر مفاده أن مجلس عمداء الجامعة الاردنية "...اتخذ قرارات بتخفيض عقوبات الفصل النهائي للطلبة المستأنفين الى الفصل المؤقت لمدة اربعة فصول فيما سمح لجميع الطلبة الذين اوقعت عليهم عقوبات الفصل المؤقت بمن فيهم من تم تخفيض عقوبه الفصل النهائي لهم باستبدال فصل دراسي واحد من فصول العقوبات باجتياز دوره في مهارات الحياة والاتصال لدى مركز متخصص تحدده الجامعة".

بالله سمعونا زغروتة اصلية...فقد اصبح حضور دورة في مهارات الحياة عقوبة مخففة على الطلبة الذين يثيرون الشغب في الجامعات! اقتراح رهيب لا يقل عنفاً عن الشغب الذي يثيره هؤلاء الطلبة! يحدث هذا في عالم ينادي فيه علماء التربية في العالم بأن تكون مهارات الحياة والاتصال متطلبا جامعيا (وفي بعض الدول في المدارس) يتقدم على كل المتطلبات لأنه ببساطة يعد الطلبة لمواجهة الحياة.
وقد عرفت المؤسسة العالمية للمهارات الحياتية مهارات الحياة بأنها "أنماط سلوك تمكن الشباب من تحمل المسؤولية بشكل أكبر بما يتصل بحياتهم من خلال القيام باختيارات حياتية صحية أو اكتساب قدرة أكبر على مقاومة الضغوط السلبية".
أما منظمة الصحة العالمية فقد عرفتها بأنها "المهارات الشخصية والاجتماعية التي يحتاجها الشباب كي يتعاملوا بثقة وكفاءة مع أنفسهم أو مع الناس الآخرين ومع المجتمع المحلي ". من هنا فان مهارات الحياة ضرورة لكل شاب وليست عقابا للمنحرفين!

منذ 15 سنة تقريباً ونحن نسمع ونقرأ الكثير من الصخب الذي يتحدث عن الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل ولم يهدنا الله بعد الى أن نردم هذه الفجوة التي يمكن ردمها خلال أقل من فصل دراسي واحد لو قررنا فقط أن نكون اكثر تواصلاً مع سوق العمل؛ مهارات الحياة هي الجسر الاول في ردم  هذه الفجوة.

أكاد أجزم بأن العلوم التي نتعلمها في المدرسة وفي الجامعة لا تساوي نصف أهمية تعلمنا لمهارات الحياة وفي مختلف المراحل العمرية. لاثبات هذا اسمحولي أن أسأل: من علمنا القيادة، الحوار، الاستماع، التواصل، حل المشكلات، اتخاذ القرارات، تحديد الاهداف ورسمها، عمل الفريق، الثقة بالنفس وغيرها من مهارات الحياة؟ وما هي أهمية أن نحفظ عن ظهر قلب انواع المناخات الاستوائية في العالم ان لم نعرف من نحن وكيف ندير ذواتنا؟ مشكلة العصر الذي نعيشه هو انه قائم على التواصل الدائم وعمل الفريق في شتى مناحي الحياة. من هنا لابد أن نركز على تنشئة أبنائنا تنشئة قائمة على أن يعرفوا كيف يتعاطون مع هذه الحياة التي تمضي بسرعة هائلة وتتغير بشكل مستمر. أشارت دراسة على خمسين الف مدير تم تعيينهم في الولايات المتحدة الامريكية بأن العنصر الاهم الذي تم بناء عليه التعيين هو مهارات الاتصال. قد يفسر هذا لماذا ما زلنا نتمتع بنسبة بطالة عالية في الاردن على الرغم أن لدينا ما يقارب ال 30 جامعة متميزة ونعيش في محيط يستورد العمالة من كل أقطاب الكرة الارضية لانجاز مشاريعه. "قال لي أحد الاشخاص في احدى دول الخليج: والله بنحب اننا نعين اردنيين بس يا أخي بقابل 100 بختار منهم واحد. عندهم مشكلة في التعبير عن قدراتهم!". 

لا أعرف لماذا نصر على أن نكون في آخر الصفوف، ولماذا نعجز عن المبادرة ولماذا نتمسك بحالة امسى واضحاً انها ستودي بنا الى الهلاك. التغيير الذي ينادي به الجميع اليوم لابد أن ان ينطلق من التربية والتعليم والتعليم العالي. لم يعد مجدياً أن نتعامل مع الامور باسلوب الفزعة وردود الفعل المتشنجة، ولم يعد مقبولاً أن نخترع عجلة مربعة لنقول نحن نموذج! كل ما علينا هو أن ننوي خيراً ونعمل بما نتعلم. ان اصرارنا على "عدم التخطيط للتغيير" هو في صالح "التغيير غير المخطط له"...!   



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد