مسك الصالحين

mainThumb

07-04-2011 12:55 AM

بوركت يا أرضا شهد على بركتها رب العالمين منذ الأزل فقال سبحانه :" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" بوركت يا أرضا رسمت على ترابها أقدام سيد البشرية ( صلى الله عليه وسلم ) معالم الطريق نحو الحضارة و الخيرية بوركت يا أرضا شهدت على سفوح جبالها و هضابها و سهولها نهاية كل ظالم على وجه الأرض بدءا من الرومان و انتهاءا باليهود ،




 بوركت يا أرضا احتضنت الأنبياء و شهدت على تضحياتهم و جهادهم و صبرهم من لدن آدم عليه الصلاة و السلام و حتى سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الذي قال عنها" رأيت عمودا من نور خرج من تحت رأسي ساطعا حتى استقر بالشام " و الأردن جزء من هذه الأرض ، بل هو من صلب الأرض المقدسة خضعت لحكم الرومان ردحا من الزمان ، ثم أطلت عليها تباشير الإسلام ، و لأن الأردن من هذه الأرض المباركة ، التي تأبى أن يحكمها الفاسدون ، و ينهبوا خيراتها ، و لا ترضى إلا بالصالحين العادلين النظيفي اليد حكاما عليها ، و على ثرى أردننا نتقاسم العيش ، و نتنسم هواءه العليل ،




 كان لزاما علينا أن نتعرف على تاريخ وطننا و ان نبرز هوية وطننا الإسلامية الأصيلة و ذلك من خلال مقالات متسلسلة آثرت أن أسميها " مسك الصالحين " لعلنا ننال من بركتهم و لعلنا نأخذ من تاريخهم ما يجدد عزمنا نحو النهوض بالوطن و الأمة الحلقة الأولى زيارة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) للأردن نبدأ بسيرة سيد البشرية مع الأردن حيث ورد في كتب السيرة أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مر من الأردن ثلاث مرات و نريد في هذه الحلقة أن نتناول الزيارة الأولى له صلى الله عليه وسلم التي شرف بها هذه الأرض ،




 و كان ذلك عندما اصطحبه عمه أبو طالب معه في رحلة تجارية إلى الشام و التقى خلال هذه الزيارة مع الراهب بحيرا، دعونا و اياكم نطرق باب سيرة ابن هشام و نعيش في اجواء هذه القصة "قال ابن إسحاق :ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يزعمون - فرق له وقال والله لأخرجن به معي ، ولا يفارقني ، ولا أفارقه أبدا ، أو كما قال . فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام ، وبها راهب يقال له بحيرى في صومعة له وكان إليه علم أهل النصرانية ، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيها - فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر .




 فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى ، وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك ، فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام . فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا ، وذلك - فيما يزعمون - عن شيء رآه وهو في صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا ، وغمامة تظله من بين القوم . قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة ، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استظل تحتها ، فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم فقال إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم عبدكم وحركم فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا ، وقد كنا نمر بك كثيرا ، فما شأنك اليوم ؟ قال له بحيرى : صدقت ، قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما ، فتأكلوا منه كلكم .




 فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش : لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي ، قالوا له يا بحيرى ، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدث القوم سنا ، فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم قال فقال رجل من قريش مع القوم واللاتي والعزى ، إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا ، ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم .




فلما رآه بحيرى ، جعل يلحظه لحظا شديدا ، وينظر إلى أشياء من جسده وقد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا ، قام إليه بحيرى ، فقال يا غلام أسألك بحق اللاتي والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تسألني باللاتي والعزى شيئا ، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما " ، فقال له بحيرى : فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه فقال له " سلني عما بدا لك " . فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده قال ابن هشام : وكان مثل أثر المحجم . ق



ال ابن إسحاق :فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له ما هذا الغلام منك ؟ قال ابني . قال له بحيرى : ما هو بابنك ، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا ، قال فإنه ابن أخي ، قال فما فعل أبوه ؟ قال مات وأمه حبلى به قال صدقت ، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده فخرج به عمه أبو طالب سريعا ، حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس أن زريرا وتماما ودريسا - وهم نفر من أهل الكتاب - قد كانوا رأوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب فأرادوه فردهم عنه بحيرى ، وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه ".



ورد في تاريخ دمشق لابن عساكر أن اسم القرية التي حدث فيها هذا اللقاء " ميفعه " و ميفعه الان هي المعروفة باسم أم الرصاص التابعة للواء الجيزة الواقع بعد مطار الملكة علياء الدولي بعدة كيلو مترات و الذاهب الى هناك سيجد برجا يسمى بصومعة الرهبان و هو المكان الذي التقى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالراهب بحيرا و هذه صورته و في جانب البرج آثار لبركة ماء كان يستخدمها الراهب بحيرا و من ثم الرهبان من بعده و توجد غرفة كان يستخدمها الراهب بحيرا لمبيت الخيل و رعايتها كما و يوجد آثار لكنائس قديمة بالقرب من البرج يرجع تاريخها إلى ما بعد هذه الحادثة و المنطقة كانت عامرة بالسكان و كانت على طريق القوافل التجارية و يقع على بعد 7 كيلومترات منها الخط سكة الخط الحجازي الأردني و تقوم الان وزارة السياحة باستثمار الموقع لغايات جلب السياح و لكن للأسف لا يوجد في قاموس وزارة السياحة أية اشارة في الموقع تدل على أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) التقى بالراهب بحيرى هنا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد