صديقي المدير

mainThumb

22-05-2011 01:09 AM

مديري الفاضل

تحية تقديرٍ واحترام وبعد،

أودّ بداية أن أثني على اجتهادك ومثابرتك والتزامك الذي دفع بك لتسلُّم منصب مدير المدرسة بجدارةٍ ودعم من مسؤوليك وثقة من حولك بكَ.

مديري،

ألم تطلب منّا يوماً قبل أن تصبح مديراً أن نكون أصدقاء ما رأيك أن نكون كما أردت الآن ولو للحظات، لتتذكر معنا نحن المعلمين صعوبة يومنا الدراسي، ألم تكن تعتقد سابقاً أنّ وظيفة المعلم ورسالتهُ لم تعدّ سهلة بسبب تغييرات الجيل والمنهاج وأوامر ومتطلبات التربية وواقع المدرسة الذي نعيشهُ وأضيف إلى قناعاتك أنّ الأهل والجوار باتوا ندّاً للمعلم ورقيباً على عطائهِ ومحاسباً لخطواتهِ وأُسلوبهِ ومنهجه، ومع ذلك هو مسؤول عن البيئة الصفّية، والإبداع من ذاتهِ وتحفيز الطالب على الإبداع في زمن بات الأهم فيه هدوء المدرسة وهدوء الصف وضبط الحصة أليس هذا هو معيار المعلم الناجح في مدرستك مديري؟؟.

صديقي المدير،

سأُفصّل لك ما لديّ اليوم، لديّ خمس حصص لثلاث مراحل صفيّة أي بعبء ثلاث مذكرات تحضير يومي وثلاث أوراق عمل وثلاث جداول معايير وتقييم هذا لأقابل بين مئة إلى مئة وعشرين طالباً وطالبة يخبؤون أمزجةٍ متنوعة وعقليات وأطباع مختلفة وهم مشحونون بقنابل قد تنفجر في أيّ حصةٍ صفيّة دون سابق إنذار، فأنا في المدرسة أسير بين بحرٍ من الألغام ولا أعرف موقع قدمي الصواب.

ثم أنا مناوب وهذا ضمن أهم مسؤولياتي وما يشغل تفكيري لأن الانتهاء من المناوبة مثل الانتهاء من عملية جراحيّة لا تعلم تطوراتها وعواقب تلك التطورات، ثم أنّ اسمي هذا اليوم على برنامج الإشغال وقد قمت باحتساب عدد حصصي وعدد حصص زملائي وتناقشت في ذلك مما أجهد عقلي وجسدي خوفاً من حصة إشغال.

 وقد قمت البارحة بتوزيع أوراق الامتحان ضمن المتوقع أن يكون عدداً من أولياء أمور الطلبة لشكري أو لمساءلتي قد استبقوني على باب المدرسة وفي مكتبك مديري، منها أنا أعدّ مصطلحاتي لأبرر علامة كلَّ طالب من المئة إلى المئة والعشرين طالباً.

لا تنسَ مديري أنني أُقحمت في لجنةٍ من لجان المدرسة وقد طالبتني دون سابق إنذار بإعداد عدّة نشاطات تحت اسم اللجنة، وفي وقتٍ محددٍ وبإبداع استعداداً  لزيارة مسؤولين للمدرسة.

كما أني مديري سأقف اليوم أمام مكتبك لأطلب ساعة مغادرة متوجهاً للبنك لأقدم على قرضٍ مالي فأنت أعلم لظروفي العائلية والنكسات التي مررت بها هذين الشهرين وأنت أكثر العارفين بأعبائي الأُسرية والضغوط التي أعيشها خارج المدرسة والتي أحاول مراراً وتكراراً ألا أحملها معي إلى داخل المدرسة علماً بأنّ (مجتمعنا ضيق وخصوصياتي عند الجميع وإن كنت أبذل جهداً كي أُخفيها).

صديقي المدير،

ما المطلوب مني ومنك الآن؟ نحن سوياً نعمل متممين لرسالةٍ واحدة وهدفنا واحد جلي وهو نمو المدرسة لمصلحة الطالب ونضجه وإعدادهِ للحياة ضمن أُسلوبٍ تربوي حضاري مجتمعي فعّال.

إذن نحن مسؤولون عن إقامة خطة نحن جميعاً أطرافها ومعدّيها لنخطو بالطالب والمدرسة للأمام على أن لا يكون ذلك على حسابي فقط بل بتعاوني وعلمي وإدارتي لنفسي ثم إدارتك لطلبتك ولمدرستك كافةً.

مديري ما تتوقعهُ مني أتوقعهُ منك أولاً وهو الانتقال من مجرد مدير إلى قائد قيادي تشاركي تفاعلي يعمل بروح الفريق من أجل الفريق لا ضد الفريق، نحن لا نتصيد أخطاء بعض دون هدف، الهدف هو الإصلاح هو البناء هو الأنموذج لإدارة ناجحة وليست مهلهلة لا إبداع فيها ولا تطوير إنما ربط وشدّة ثم ارتخاء وفرقة.

صديقي المدير،

تأكد أنني سأسندك عندما تسندني وعندما أشعر بوقوفك معي سأقف معك وأدعمك سأعمل بحضورك وغيابك بضمير يقظ لا يخاف الزلل بل يقوى بهِ.

أنا أطلب منك أن نعمل تحت ما يُسمى بثقافة العمل المشترك، أنا إذا أُرحت لن أكون شاهداً بعد اليوم بل سأكون بين لائحة المشاركين لنعمل معاً على تطوير الطالب ليتفاعل في بناء المجتمع، مديري لا تجعل مني أمام طلبتي وبين مجتمعي معلماً مهمشاً بل أشركني وأطلعني على خططك ونظرتك وفلسفة مؤسستك واجعلني صانع قرارٍ إلى جنبك، اجعل من إدارتك إدارة تشاركية مثمناً عطائي مهما كان بسيطاً أمام من حولك مصرحاً بتقصيري لي شخصياً مسانداً محباً ومتواضعاً، اثني عليّ وسلّمني مهاماً إدارية بسيطة تزيد من تفانيّ واجعلني مسؤولاً وإن قصرت آنذاك عاقبني بإدارة وساندني بإدارة.

صديقي المدير،

لا تجعل من رسالتي كلاماً يقتحم أُذنك دون أن تتوقف عندهُ رجائي فكّر بي كما تفكّر بنفسك حين كنت مكاني.

بعد الاحترام

شكراً لوقتك

صديقك المعلم


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد