في ذكرى مسيرة نصرة أخت النشامى

mainThumb

30-07-2011 03:00 PM

في لحظة تاريخية تداعب الروح وتغازل القيم الإنسانية وتثير كوامن الروح الوطنية،في لحظة أسست لمرحلة جديدة في حراك المعلمين وربما في الحراك الشعبي بكامله عندما رسمت لوحة فسيفسائية فيها أجمل الوان الروح الوطنية وعبرت عن رقي وسمو الحراك الأردني الذي سبق حراكات الربيع العربي.

 

           في مثل هذه الأيام من العام المنصرم  أعلن المعلمون عزمهم القيام بمسيرة نوعية نصرة لزملائهم المعاقبين على خلفية حراكهم في قضايا المعلمين ولتنطلق من عمان (جسر مادبا) إلى الكرك الأبية سيرا على الأقدام ولمدة ثلاثة أيام لتكون بذلك حالة إبداعية في شكل الرفض والاحتجاج السلمي ولتعطي دروسا في التضامن الإنساني والوطنية والإرادة الصلبة الصادقة.

 

           في مثل هذه الأيام خرج إلى الملأ وفي معظم وسائل الإعلام بيان ذيّل حينها ب(رئيس لجنة معلمي عمان والموقر غالب خلف أبو قديس) ليعلن رفض المعلمين للطريقة التي تتعامل بها الحكومة ممثلة بوزيرها حينها مع قضايا المعلمين وخصّ بذلك تلك العقليّة العرفيّة القمعيّة غير المسؤولة التي عبرت عن نفسها بمعاقبة نشطاء المعلمين ابتداء بنقلهم مرورا بالإحالة على الاستيداع وصولا إلى الإحالة على التقاعد  وكشفت وقتها عن مخطط  تسير فيه الحكومة لتصل في نهايته إلى معاقبة جميع نشطاء حراك المعلمين وكسر إرادتهم تمهيدا لإغلاق الملف وليكون درسا لكلّ من يفكّر بمخالفة إرادتها أو حتى رفع صوته أمام صنمها الكرتوني.

 

          لقد شكل هذا البيان منعطفا هامّا في تاريخ الحراك الأردني فكان ردّا صريحا على المشككين بقدرة المعلمين على الاستمرار في نضالهم المشروع وليعيد المعلمين من حالة ردّة الفعل إلى حالة المبادرة والتوحد والقوة التي عبرت عن نفسها من خلال تعاون وتوحد وتلاحم الزملاء في اللجنة الوطنية مع زملائهم في لجنة معلمي عمان الحرة والموقر والذي كان له دورا كبيرا في إنجاح هذه المسيرة التي ربما فتحت الطريق أمام تشكّل حالة من الحراك الشعبي في الشارع الأردني.

 

          كذلك تكمن أهمية هذه المسيرة أيضا في أنها كانت بمثابة (كسر عظم) بين الحكومة وأجهزتها الأمنية وبين المعلمين وقضيتهم، لذلك مُورس أشدّ وأبشع الضغوطات على المعلمين لثنيهم عن تنفيذها،وحين فشلت كل هذه المحاولات بما فيها تغيير شخص وزير التربية ،حشدت الحكومة عددا كبيرا من القوات الأمنية ربما كانت الأكثر عددا ونوعية في تاريخ الأردن حينها، وكانت كل الوسائل لمنعها معدة وممكنة بما فيها استخدام القوة والعنف،ولكنّ إرادة المعلمين كسرت كلّ القرارات العرفية وانطلقت المسيرة لتعانق حرارة الصحراء وتقاوم محاولات التضييق عليها وإفشالها والتي استمرت حتى ساعة الوصول،وحينها كان استقبال المسيرة عرسا وطنيا كفيلا بأن يُنسي تعب الكون.

 

         بذاكرتي الكثير من صور المعلمين الأبطال وصلابتهم وتراودني نفسي أن أسميهم باسمائهم فخرا وانقل أعجابي بقوتهم وأصف تعبهم وجراح بعضهم التي أدماها معانقة أقدامهم للصحراء،بودي لو أستطيع وصف لون دماء أحدهم وقد اختلطت برمال الصحراء وضوء القمر، بودي أن أحدثكم عن إعلامين وكتاب وشخصيات وطنية قدموا دعما عظيما ومنهم من سار معنا لساعات طوال،إن نظرت إلى بريق عيونهم المجهدة أمدتك  بقوة حجمها الكون،بودي أن أُقبّل جبينهم جميعا، أنحني أمام إرادتهم وصلابتهم وقيمهم، لن أذكر أسماءهم لأني إن خانتني ذاكرتي ونسيت أحدا فسأشعر نفسي مجرما بحقّه في ذكرى مسيرة ملؤها نبل المقصد وسمو والقيم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد