الأسس السياسية للتربية
تستند التربية إلى مجموعة من الأسس الاجتماعية و الثقافية و السياسية و الفكرية ،فالأسس الاجتماعية Social Foundations ) ) تقوم على احترام حرية الفرد وكرامته، وإشاعة العدل الاجتماعي وإقامة التوازن بين حاجات الفرد وحاجات المجتمع وتعاون أفراده وتكافلهم بما يحقق المصلحة العامة وتحمل المسؤولية الفردية و الاجتماعية، و المشاركة السياسية والاجتماعية في إطار النظام الديمقراطي . بينما تعتمد الأسس الثقافية ( Cultural Foundations ) في مقوماتها على ثقافة المجتمع وتراثه الثقافي وهي تعمل على تحسين عناصر هذا التراث كي تضمن للمجتمع التطور والازدهار . ولعل التراث الثقافي في الأزمان الغابرة أنتقل لنا عن طريق التربية و التعليم ، أما الأسس الفكرية فتقوم على ايدولوجيا معينة ، والإيمان بالمثل و القيم و المبادئ السائدة ، وتبني نظام فكري و سلوكي .
يلعب النظام السياسي دورا أساسياً في تشكيل أصول التربية وذلك بما يحتويه من قيم و اتجاهات وما يتبناه من أهداف .ففي حقبة استعمار الوطن العربي ، تنبه المستعمر إلى قطاع التربية و التعليم الحيوي في تطور التكوينات الاجتماعية عبر العصور ، و سعى بكل ما يملك من ترسانة أيديولوجية و عسكرية وكوادر بشرية إلى تبني سياسة تعليمية ( Educational Policy ) تهدف إلى إعادة هيكلة التعليم خدمة لاستراتيجيه التي تستهدف إخضاع الشعب المستعمر ، و نشر ثقافته خدمة لمشروعه الاستعماري الذي يسعى إلى السيطرة على الثروات الطبيعية و إخضاع القوى البشرية ، و خير مثال على ذلك ما حدث في تونس و الجزائر و المغرب ، ففي هذه الدول عملت الإدارة الاستعمارية على إدماجها ، و محاربة الثقافة العربية، كما أشاعت في الأوساط العلمية والأدبية، اضطرابا شديدا فهجر معظم الأساتذة الأفذاذ مراكزهم . وقد ادعت هذه الدول إنّ اللّغة العربية قد ماتت ، كل هذا لتبرير سياستها التعليمية ودعم مطامعها الاستبدادية ، موهمة الرأي العام أن من واجب الأمم المتحضرة أن تنقذ سكان هذه الدول من آفة الجهل و التأخر الفاحش عن ركب الأمم المتمدنة.
تعيش التربية فى مجتمعاتها ، و تعتبر أدواتها فى التغيير و تشكيل الأفراد الذين لا يمكن لهم أن ينمو فى عزلة ، ومن هنا فإن التربية هي عملية اجتماعية تتأثر بطبيعة المجتمع والقوى الثقافية و السياسية و الاقتصادية بالإضافة إلى القيم الروحية والفلسفية السائدة .
يتأثر التعليم بنظام الحكم القائم وبتوجيه الدولة له ، فيكون أرستقراطيا عندما تتسيد الطبقة الأرستقراطية ( (Aristocracy على المجتمع ، و يكون ديمقراطيا في دولة تتسم بالديمقراطية (Democracy ) ، ويكون اشتراكياً في دولة تدين بالاشتراكية ( (Capitalism .
لقد وجد الفلاسفة والمفكرون أنفسهم وهم يضعون نظاماً لدولة مثالية وجها لوجه أمام التربية كأداة لبنائها وبناء مواطنيها على المبادئ والقيم التي تم رسمها لهم ، ولقد كان لهذا التأثير السياسي في التعليم أثره في اختلاف مفاهيم التربية وأهدافها وذلك لاختلاف المفاهيم السياسية من وقت لأخر ومن مجتمع لآخر، كما كان له أثره في اختلاف كثير من المفاهيم الاجتماعية المرتبطة بالتربية كمبادئ الإدارة وأسسها وأساليبها ومبدأ الفرص التعليمية وما إلى ذلك ، لهذه الأسباب مجتمعة كان على التربية أن تتخذ لنفسها من السياسة أساسا تستند إليه فتتعرف على مفاهيمها وأسسها وأهدافها وإدارتها وطرقها ووسائلها ومناهجها وأنشطتها وأبنيتها ومواقعها .
ويقول ربوبن ماسون إن الأسس السياسية ( Political Foundations ) للتربية هي نتاج التفاعل بين التربية والسياسة ، حيث تعمل التربية وفقا لهذا الأصول في إطار سياسي تخدم في مجتمع معين له أهداف معينة وتشكيلات سياسية معينة ، فالتربية وهي تضع أهدافها وتحدد وسائلها وإجراءاتها وتصمم وتنفذ برامجها تتأثر بالنظام السياسي للمجتمع ، فإعداد الفرد للعيش في نظام دكتاتوري يختلف عنه للعيش في نظام ديمقراطي ، يختلف عنه للحياة في مجتمع اشتراكي ، يختلف عنه للحياة في مجتمع رأسمالي ، فلابد وأن تستمد التربية أسسها من النظام السياسي السائد في مجتمعها حتى يمكنها تربية أفراد المجتمع تربية سياسية تتواءم وتتوافق مع خصائص المواطنة ، وفي ضوء ذلك تتحدد مواقف وعمليات وإجراءات التعليم مثل نوع الإدارة التعليمية ونوع المسؤوليات والحقوق و موقف المؤسسات والهيئات التعليمية من الرأي العام ومن التغير الاجتماعي، فالتربية شأنها في ذلك شأن أي ميدان في المجتمع تحكمه قوانين ولوائح وتنظيمات وهذه كلها تعبر عن السلطة السياسية في المجتمع وهذا هو قوام الأسس السياسية للتربية.
التربية هو أداة تكوين المواطن ، ففي المدرسة تزرع لدى الطلبة أن النظام ضروري للمدرسـة ، ومن ثم الدسـتور ( Constitution ) والقوانين ضرورية للمجتمع ، وكما أنه يجب على الطلبة احترام الأنظمـة المدرسـية مثل التوقيت اليومي للحصص ، وزمن الفسحة ،وبداية طابور الصباح ، وزمن الانصراف ، وتوزيع الطلبة على الصفوف ، ثم توزيعهم داخل الصف الواحد حسب أطوالهم ، وحسب حالاتهم الخاصة ، فإنه يجب على المواطنين احترام الدستور والقوانين في المجتمع ، والمجتمع الفاضل هو المجتمع الذي تحترم فيه القوانين والدستور . كما يدرب المتعلمون على الممارسة الديمقراطية، من خلال انتخاب البرلمان المدرسي، وفي هذا الانتخاب يم تدريب عملي على الانتخاب الذي سيمارسونه في المجتمع لاحقاً في انتخابات مجلس النواب و المجالس البلدية و مجالس النقابات . كذلك تعمل المدرسة على تنمية قيم العـدالــة الاجتماعية و السياسية عند الطلبة من خلال منحهم العلامات التي يستحقونها ،و تلعب المدرسة دوراً ريادياً في غرس قيـمة الحـوار وقبول الرأي الآخر من خلال تدرب الطلبة على الحوار والمناظرة ، وقبول الرأي الآخـر ، وإكسابهم قيمة الاستماع الفعال واحترام الرأي الآخر .
وفي الختام تشكل الأسس التي تستند عليها التربية باختلاف أنماطها و ضروبها فلسفة التربية و التعليم والتي ينبثق منها الأهداف العامة للتربية في أي بلد ، كما إن هذه الأسس تهدف إلى تكوين نظام فكري يوجه العمل التربوي فى مجالاته التطبيقية والعملية المختلفة . كما أنها تساعد على فهم طبيعة العلاقة بين التربية وغيرها من المجالات الأخرى.
الأزهر يُدين تفجير مسجد بحمص في سوريا
إلغاء أكثر من ألف رحلة طيران بسبب عاصفة ثلجية
علمت بزواج طليقها من أخرى… وكانت النتيجة مروّعة
بلدية غرب إربد ترفع جاهزيتها للمنخفضات الجوية
زيلينسكي يعقد محادثات حاسمة مع ترامب الأحد
إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس
422 طالبا من ذوي الإعاقة يؤدون التكميلي
مصر تقتنص فوزا صعبا على جنوب إفريقيا لتبلغ دور 16 بكأس الأمم
النفط يهبط دولارا وسط توقعات بتخمة في المعروض
الجمارك تعلن دوام كوادرها السبت لتطبيق قرارات تخفيض الضريبة
خبر سار .. اكتشاف قد يحدث ثورة بالوقاية من السمنة
الفيصلي يتجاوز الأشرفية في دوري السلة
القضاء على داعش .. مسؤولية جماعية
الطب الشرعي يكشف سبب وفاة شاب مفقود في الكرك
استيطان جديد في الضفة الغربية يفاقم الصراع
اعلان مقابلات صادر عن وزارة التنمية الاجتماعية - أسماء
اعلان توظيف صادر عن صندوق المعونة الوطنية .. تفاصيل
بث مباشر حفل افتتاح كأس أمم إفريقيا اليوم .. القنوات والتوقيت
وظائف شاغرة ومدعوون للتعيين في القطاع العام .. أسماء
بني سلامة مديراً لمركز دراسات التنمية المستدامة في اليرموك
تحذير .. أدوية يُمنع تناولها مع هذه الفواكه
ماسكات طبيعية لبشرة أكثر إشراقا


