الآنَ مــتُّ

mainThumb

25-11-2011 07:13 AM

في رحلة ربما تثير حالة من التشاؤم والإحباط عند الوقوف على أول محطة من نتاجات أو مخرجات بعض الحراكات من زاوية، وتوالي تشكيل الحكومات والأعيان من زاوية ثانية،إذ نجد صورتين كانتا لفترة ما متناقضتين والآن سحلهما القدر ليكونا وجهين لعملة واحدة.
     
 فيما يتعلق ببعض الحركات التي نجحت، اتجه مناضلوها( لغوا) ليُنصّبوا من أنفسهم آلهة فوق البشر، وليعيدوا بناء أبراج ٍ من الدكتاتوريات المريضة،معيدين رسم خارطة الثورات الانقلابية القديمة وإحيائها من جديد،على قاعدتي: أنا النُخب والنُخب أنا، أنا القائد النادر القادر على القيادة، وسحقا للعوام، ونعم لمصادرة حريات الآخرين وسحقهم. وكأنّ بحالهم يقول: الرفاق حائرون يفكرون ..... مستقبلي أنا .... مستقبلي أنا أين يكون؟ يتقاطرون حول مصالحهم يتهافتون....
        أمّا الوجه الآخر فهو تعدد وتجدد تشكيل الحكومات والأعيان وتواليها في أزمان تكاد تتنافس في قياسيتها، وخير ما يمثلها والوجه الأول،ما جاء في ثقافة إحدى الشعوب في (الصين) وهي رواية شعبية من الماضي تقول: إن شعوبا كانت تعاقب من يرتكب مخالفة بتقييده جالسا على كرسي في غابة يكثر فيها البعوض طيلة الليل وحتى بزوغ الفجر، وإن بقي حيّا حتى الصباح يُعفى عنه ويُطلق سراحه،وذلك لأنّ البعوض يتجمع عليه طيلة الليل ماصّا دمه وفي الصباح يتفرق وقد امتلأت بطونه من دمائه.
       
وتتابع الحكاية الشعبية أنّه في إحدى المرات تمّ تنفيذ الحكم على أحد المخالفين وكالمعتاد،ولكن في هذه المرّة تعاطفت الزوجة معه ومن شدة حزنها عليه بحثت عنه في الغابة طيلة الليل إلى أن عثرت عليه مغطى بالبعوض،فدفعها حزنها عليه إلى المباشرة بطرد البعوض عنه وحاله صارخا بأنينه راجيا منها التوقف عن ذلك وترك البعوض،ولكنها وبدافع الحب لم تستمع إليه وظلت تطرد البعوض إلى أن تفرق عن جسمه وحينها قال وبصوت حزين: الآنَ متُّ..... الآنَ متُّ.....  ذلك لأنّه ستأتي أفواجا جديدة من البعوض المتعطشة للدماء لتجهز عليه.
     
وهذا ما نخشاه من التغيير،على مستوى الحراكات وعلى مستوى كثرة تشكيل الحكومات ومجالس الأعيان،فهل الموجود أفضل من اجتلاب الجديد المتعطش الذي سيعيد الكرّة لينهب ويسرق من جديد،أو يمارس أقسى أنواع التخلف الفكري والإقصاء القمعي؟ هل سيخرج صوت أنيننا ليقول: الآنَ مُـتُّ .... الآنَ مُـتُّ ؟

raidazzam@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد