الولاء الأعمى ونقمته على الوطن

mainThumb

06-12-2011 08:07 PM

ما الذي دعا البعض لان يشمئز عند  سماع أغنية وطنية هنا أو هتاف هناك , هذه الظاهرة التي بدأنا نلمسها في الفترة الأخيرة حيث أرى بعضهم وبرغم عشقه للوطن وانتمائه بإخلاص له إلا انه أصبح يتأفف حين يسمع شعارات وطنية وغيرها حتى أن بعضهم أصبح لا يروق له سماع السلام .

لقد أصابني استياء كبير من رؤية هذه الحالة رغم عشقي القوي لسماع هذه الأغاني وافخر بسماعها ولكني وبعدما رأيت ما رأيت خرجت بقناعة انه لا عتب على هؤلاء على هذا  التصرف لكون الغالبية ممن يرددها هم فاسدون يخرجون نهارا يعيثون فسادا في الوطن ويتلذذون بأكل لحم المواطن وعند أي مناسبة وطنية تراهم ينشغلون ليل نهار للتجهيز لاحتفال يليق بهذه المناسبة وبعضهم يقوم بتعطيل الشوارع لأجل كرنفال وطني ولا يأبه بمواطن قد تضرر من ذلك أو مريض تدهورت حالته  لعدم قدرة الإسعاف للوصول  إليه وإنقاذه .

هل أصبح الولاء للوطن مجرد أغنية وهتاف وكرنفال  من جهة وهتك عرض خزينة المال العام وإباحة اغتصابها بلا رحمة من جهة أخرى ؟ هل الوطنية هي أن نطبق القانون على الفئة البسيطة والمعدمة في هذا الوطن وبالمقابل هناك الاف  الفاسدين يصولون ويجولون بحكم علاقتهم القوية بولي الأمر والذي غض النظر عنهم وجيّر القانون ليكون لمصلحتهم  والسبب واضح أن الفاسد لا يحميه إلا فاسد مثله .

من منكم قادر على إقناعي أن هناك شخصا مظلوما قابع في الزنزانة زورا وبهتانا - لان القانون طبق عليه بأمانة - سيخرج محبا للوطن ومن يمثل الوطن في تطبيق القانون فاسد ؟

من منكم قادر على إقناع مظلوم - انتهك ظالم حقه ورماه عنوة في السجن - على أن الوطن لا زال بخير ؟ 

الكثير من الشعب سئم ترديد الشعارات الوطنية لان الغالبية منهم إما انه ظلم أو احد من أقاربه كان ضحية مسؤول فاسد .؟

أي وطنية يتغنون بها وهم يرون الفساد بأعينهم وبعضهم جزء منه ويتاجرون بالمواطن لأجل مصالحهم ؟ أي وطنية هذه التي تبيح لهم تطبيق القانون بحذافيره على متهم -  ربما هو برئ - ويجلدون ذاته ويقطعون رزقه وبالنهاية يلومونه  لأنه أصبح سارقا وقاتلا وسفاحا وبعضهم هم من أسهموا بتحويله لمريض نفسي لا يتحكم بتصرفاته وخرج للمجتمع لينتقم من الجميع لأنهم قبلوا بظلمه ولم يقتصوا من الظالم   ؟

أي وطنية تنادون بها - وقد كنت في أوائل صفوفها ولا زلت - ولكن ظلم المواطن جعلني أصحو من غيبوبة وأدرك أن الوطن - بظلم الفاسد الذي يعتلي أعلى المناصب في الدولة ويتحكم بعباد الله - قد انحدر باتجاه الهاوية . فشعور المواطن بالظلم لا يؤمن عواقبه فاحذروه . فهناك الآلاف من المظلومين في وطني , هناك الآلاف من المرضى في وطني لان تجار الدواء جعلوهم يستغيثون من يساعدهم ثمن دواء ونحن نكذب على أنفسنا ونقول أن الوطن بخير . لو كان بخير فلماذا نسمع أنين المرضى وصراخ المظلوم وبكاء الجائع وهناك من يردد أغاني وطنية لا يفقه معنى الجوع ولا المرض لان الجشع عمى بصره , وربما هؤلاء ينتمون للوطن أكثر ممن يقضي وقته فقط في البحث عن أغنية وطنية هنا يقلق بها راحة الآخرين ظنا منه أن الوطن مجرد أغنية لأنه صغير ويرى الوطن مثله صغيرا بحجم أغنية .

من يريد أن يرى حال الوطن ويترجم وطنيته بحق فليذهب ليسمع أنين الجائع والمريض.. ليذهب للسجون ويرى كم من العائلات قد دمرت لان أربابها سجنوا ظلما , ليدخل اغلب المنازل ويرى كم من عامل قد ظلم بقطع رزقه حيث فُصل من عمله لان مسؤوله لا يفقه معنى قطع رزق شخص يعمل لأجل أسرة وبالنهاية يرمي به وبأسرته بالشارع لأنه لا يشعر بمعنى الذل لأجل العمل ويطرد عاملا من عمله لأنه اضطر للتأخير لأنه لا يقوى على العمل بسبب مرضه ومقابل ذلك ترى ذلك المسؤول لا يعمل أكثر من ساعة في النهار وباقي يومه يقضيه بين أسرته .

أي ظلم وصل للنخاع في وطني وأي وطنية تدعونا لغض البصر عن كل السلبيات التي نراها وأصبحت توأم حياتنا لا يخفى علينا رؤيتها علنا هنا وهناك  .

أي وطنية تلك التي يراها البعض مجرد شعار يطبل به ليل نهار ولكنه يفتقد البصر ولا يرى ان الوطن فعل علينا القيام به بإخلاص لنبني ونرتقي بوطننا . فما بنت الأغنية يوما وطنا وما بنى الفاسد يوما وطنا لأنه وبفساده المغطى بالشعارات الوطنية المزيفة قتل روح الوطنية عند الكثيرين  من أبناء هذا الوطن حين قبل على نفسه التجبر عليهم وظلمهم وأكل مالهم عنوة وتركهم  يشتمون هذا الوطن سرا لأنهم لم يجدوا الطمأنينة فيه وباتوا مشردين وعائلاتهم بسبب الفاسد هذا والسارق ذاك الذي هلكته التخمة من كثرة ما تناول طعاما بشراهة  من عرق جبين العاملين المتضورين جوعا هناك.

اعذرني يا وطني قد كنت اعشق سماع ألاغاني التي تشوقني إليك ولكنني ألان أراها قد أصبحت ستارا للفاسدين ولم اعد احتمل سماعها .

وعندما يصبح الوطن أهزوجة نرددها فرحا بالخلاص من الفاسدين وقتها سنصول ونجول العالم ونتغنى بكل ألاغاني الوطنية فكفى البعض الولاء الأعمى الذي أوصل وطننا إلى حافة الهاوية فالوطن يحتاج العمل بصدق لنرتقي به لا الكلام المزيف والمأجور الذي يقلل من قدره  ,  فالزحمة دائما تولد المشاكل وكثرة ألاغاني قد ولدت بداخلنا الضجر لأنها لا تغني ولا تسمن من جوع ولا ترتقي بالوطن   .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد