ضوء الملك الانسان الأخضر انذار للفاسدين

mainThumb

20-12-2011 06:45 PM


ان من وظائف الاشارات الضوئية كما هو معلوم لدينا هو تنظيم حركة انسياب السير واعطاء الأولوية حيث توضع غالبا على مفترقات الطرق. والضوء الأخضر الذي هو أحدها يوظف كمؤشر على بداية الانطلاق والسفر مباشرة دون تردد اذا كان المفترق خاليا, والغماز الأخضر في السيارة يدل على وجود مجال لرأي السائق في اختراق المفترق, ومن هنا أصبحنا ندرك تماما  بأن هذا الضوء الذي أعطاه جلالة الملك للدولة هو بمثابة المؤشر لتحسين انسيابية حركة ملفات الفساد واعطاءها الأولوية القصوى ضمن جدول أعمال الحكومة , وأصبحنا ندرك أيضا أن لهذا الضوء مفهوم تاريخي وثقافي يرمز الى التحرك الفوري عند بزوغه , فلا مجال للتأخر لمن أوكل له الأمر بالحركة , وعليه تطبيق التعليمات الموجهة اليه فورا دون مماطلة, والمشاهد المتلمس للحدث  في هذه الحالة يفرح كثيرا لهذا الضوء الملكي الذي يعطي الحكومة  السير قدما دون وجل , والمباشرة الفورية في محاكمة الفاسدين , ومعاقبة كل من دنت له نفسه بالعبث بمقدرات الأمة والتلاعب في مصالح الناس والتجني عليها مهما علت رتبته  وكبر جاهه أو منصبه , فالكل سواء أمام القانون ولا يستثنى أحد دون عقاب . 

وها نحن نلاحظ التصريحات الملكية التي تطالعنا بها وسائل الاعلام المختلفة  والتي يشدد بها جلالة الملك على ضرورة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتحويل ملفات الفساد الى القضاء, ومعاقبة كل من تثبت عليه ادانته , وما لقاء جلالة الملك مع مجلس الوزراء وزياراته المستمرة الى الدوائر الحكومية وتصريحاته المتشددة بضرورة مكافحة الفساد سواء الادارية منها أو المالية الا عنوانا للتعبير عما يجول في خاطره ودليلا قاطعا على رغبة جلالته لأخذ القصاص من كل مدان , وعلى نيل كل من تثبت ادانته جزاءه العادل.

ان ما يلمسه الشعب في هذه الأيام من ظلم  وتعد على حرماته وممتلكاته ,وابتزاز البعض من المسؤولين له , وانتشار الفساد وتزايد الحيتان التي تأكل أموال الأمة وتهريبها لصالحهم , وتعيين الأقارب والمحسوبين عليهم في مناصب ادارية بغير حق, وهدر أموال الدولة دون رقيب أو حسيب وكأنها من بيت أبيهم ورثوها أبا عن جد, والاختلاسات التي ليس لها حد ,والأثراء غير المشروع واستغلال النفوذ  , كل ذلك استدعى جلالة الملك لاعطاء الضوء الأخضر لانقاذ الأمة من هذه البطانة التي أولاها الثقة  واطمأن اليها, ولاعلان الحرب عليها دون هوادة لاستئصال الفساد من جذوره لكي تعيش الأمة باطمئنان ويسود الأمن والأمان لرعيته.

لقد حرص الملك الانسان المعروف بانسانيته وخلقه الهاشمي الأصيل على التواصل مع شعبه والاستماع الى قضاياهم , ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة لمشاكلهم ومعاناتهم , فها هو يقوم بالزيارات المفاجئة للمؤسسات الحكومية ومنها التنكرية لكي يطلع بنفسه على أوضاع الناس ويصدر التعليمات لحكومته لمتابعة قضاياهم وحلها , واعلامه  بما اتخذته الدولة من اجراءات حتى يقف على كل صغيرة وكبيرة , ويكون على بينة عن مدى تطبيق ما أمرهم به. وها نحن نشاهد هذه الانسانية بالعين المجردة عبر شاشات التلفاز يأمر موكبه للوقوف عند رؤيته لحادث سيارة ,ويترجل من سيارته لكي يسرع للاطمئنان على صحة المصابين آمرا حرسه بارسالهم  الى المستشفى ومتابعة كل مصاب طبيا ,وغيرها الكثير الكثير من المشاهد الانسانية التي لست بصدد العروج اليها  في مقالي هذا لأن ذلك يحتاج الى مقال آخر كي أعطي هذا الموضوع حقه. 

ان من يتابع وسائل الاعلام ويقرأ تصريحات جلالته التي تتعلق بضرورة نزول القياديين والاداريين كل حسب موقعه الى الميدان للاطلاع عن كثب عما يعانيه المواطن والموظف والعامل , واتخاذ الاجراء اللازم لحل مشاكلهم لهو مؤشر قوي على ضرورة عدم الجلوس في المكاتب بعد اليوم الا للضرورة , فلقد دقت ساعة العمل فلا مكان لفاسد , وعلى الجميع الانضباط تحت حكم القانون , ومن يقبل بموقع المسؤولية فعليه تحمل أعبائها , والا فلا حاجة للدولة به وعليه مغادرتها لأن هناك الكثير من الناس ذوي المؤهلات العالية والخبرات الواسعة ومن أهل الانتماء غير المحدود لهذا الوطن والحريصين على أمن وطنهم وملكهم المطموسين والمنسيين والغلابى الخارجين من قاموس المناصب العليا الذين لا يجدون من يزكيهم للترقية والوصول الى هذا المنصب أو ذاك بسب نقص "فيتامين واو" لديهم التواقون جدا لبناء هذا البلد ولخدمة هذه الأمة هم أحق منهم لتحمل المسؤولية , ولو فتح لهم المجال لتسلم مهام ادارية أو قيادية لرأت الدولة منهم الكثير من المنجزات لأنهم جاءوا من رحم هذه الأمة,  يشعرون بألمها ويعرفون حق المعرفة متطلباتها وكيفية التعامل معها , فهذه العينة لعمري هي الأولى في تقلد المناصب الادارية والمالية  وتطبيق الاصلاح السياسي الذي يعتبره جلالته من أولويات هذه المرحلة , فهم أشد توقا لها وأشد اخلاصا لها ولقائدها الهاشمي الفذ , وما نراه من معظم الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي تجري في بلدنا الا نتيجة حرمانهم من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, ولو تحسنت أحوال الناس المعيشية وأعطي كل ذي حق حقه في الوظيفة لخفت مثل هذه المظاهر وأصبحت في طي النسيان . والمتمعن لمجريات الأمور يلاحظ ذلك بوضوح لأن ما يهم المواطن الآن هو العيش بكرامة وأمن وأمان.

ان ضوء الملك الأخضر لهو أكبر جرس انذار للفاسدين ومن والاهم , وهو بمثابة اعلان النفير العام ضد الفساد وكل أشكاله , وهو مؤشر الى استئناف السير في مكافحة الفساد الذي تجاوز الحدود المعقولة فاصبح جرثومة يهدد ضررها المجتمع بأكمله , وآفة يجب التخلص منها لتأمين حياة كريمة لكل مواطن . فحقوق الشعب قد تلاعبوا بها , وزادت قسوة الحياة عليهم , وكثرت الشكاوي , وبدأت تظهر حالة التململ لديهم مما سيولد ثورة لا تعرف نتائجها. فالتغيير ظاهرة صحية والاصلاح مبدأ مستحب يقبله ويرعاه الجميع , ومن هنا فلابد أن يتوقف هذا الأخطبوط المتعشعش  بين أضلعنا وهذا الزحف الفسادي المستشري في معظم مؤسسات الدولة , وقد آن الأوان لكي يعمل المجتمع بكل أفراده كل حسب مجاله واختصاصه مع القيادة الهاشمية بيد واحدة للقضاء على هذا المرض الخبيث.


وها أنا أتساءل الى متى سيتوقف زحف عجلة الفساد الذي ينذر بانهيار مؤسسات الدولة ! ومتى ننتهي من مشاهدة طوابير العاطلين عن العمل كل ينتظر دوره الذي لا يأتي الا وقت الكبر ! ومتى سننتهي من وضع حد لهذا الأخطبوط من الفساد ! هل لدينا متسعا من الوقت للخروج من هذا المأزق أم الأمر قد خرج من أيدينا لكثرة تفشيه في كل مقومات الحياة ! ومتى نتخلص من أولئك النفر الذين مسكوا مفاتيح الثروة والدخل وعاثوا في الأرض فسادا  ! ومتى سيفتح باب التوظيف المغلق أمام الخريجين من مختلف التخصصات الا لأهل الواسطة في كل الوزارات  والمؤسسات العامة وشبه الحكومية حتى ننقذ العاطلين من الوقوع في دروب الرذيلة وينالوا حقوقهم ! 

أليس من العيب أن نرى المهندسين من كافة التخصصات الذي كلف تخريجهم الآلاف من الدنانير والذين أثقلوا كاهل أولياء أمورهم ماديا يجلسون في بيوتهم ينتظرون التعيينات في مؤسسات الدولة المختلفة ! أو ينتظرون رحمة فتح المشاريع لكي  يجدوا عملا يمارسون فيها مهنتهم ويبنون بلدهم بعقولهم وسواعدهم ! ومتى سيكون لدينا رجال سلطة يكون همهم الوحيد هو بناء البلد لا لكسب ما تطاله أيديهم وهم في مناصبهم ! والى متى سنصل الى مستوى القول أن "لا ظلم اليوم" فقد اعلنا الحرب على قطع دابر الفساد ! أو ليس حق لنا كمواطنين أن تتاح لنا تكافؤ الفرص لتسلم المناصب المختلفة في الدولة ! أم هي منزلة أنزلها الله لهم  فتكون حكرا على عينة معينة يتوارثونها على مرأى أعين الناس ! والى متى سيبقى الشعب صامتا وهو يأن من عدم نيل حقوقه المهضومة ! والى متى يبقى الفاسدين والمنتفعين مختبئين خلف العشيرة التي لا تقبل بالأصل استغلال المواطن وثروته ومس أمن الوطن وهيبة الدولة ! والى متى سندرك أن الشفافية والانتاجية والكفاءة هي المعايير التي تودي بنا الى الاصلاح ! 

والى متى سننتهي من قضية "حكلي تحكلك" ! ان الضوء الأخضر الذي أطلقه سيد البلاد سيكون بمثابة الطلقة الأولى لوأد هذا الميكروب الخبيث من الفساد الذي أصاب جسد الأمة , واني لآمل أن يكون له  صدى يدوي أرجاء المعمورة , وها نحن نرى تحويل ملفات الفساد الى القضاء وما أكثرها , وكأن المواطنين  في بلد الهاشميين الذين لا يقبلون الظلم لأي أحد يستظل بظل رايتهم قد عاشوا طيلة حياتهم تحت رحمة حيتان لا تشبع وعطشى لا تروى . ان هذا الضوء  قد أصدر شعاع أمل ورسالة  قد فهمها الشعب , وأيقن الآن قبل أي وقت مضى أن الأمر جدي لا مجال للنقاش فيه,  فقد حاكى خيالهم  وفسروه بجدية قائدهم وتصميمه على تحدي هذا الفساد , وقلعه من جذوره مهما واجه من تحديات لكي يشعر المواطن  بالعدالة الحقة والأمن والأمان. 

وهكذا نلاحظ أن هذا الضوء يحمل في طياته فوتونات لها أبعاد ثقافية وسياسية واجتماعية ودينية تحكمها الظروف والحيثيات التي يعيشها المجتمع. فقد أصبح  يمثل مرجعية للشعب لا يمكن الحياد عنه يوظفه للتعبير عن ذاته وعن حبه لقيادته , فأصبح رمزا للخير والعطاء والتفاؤل والبعث من جديد لغد مشرق سينعكس ايجابيا على مستوى معيشة الشعب نتيجة تنفيذه. ولقد فهم الشعب أن هذا الضوء سيظهر مفعوله في القريب العاجل ولن يتردد المسؤولون هذه المرة من تنفيذ ما يوكل لهم من مهمات , ولن يتنظروا مجيء الضوء الأحمر الذي يجعل القائد عندها مضطرا لمعاقبة من تجاوز وتعدى الأوامر المعطاة لأنه يؤمن ايمانا قاطعا بأن مثل هذا التجاوز يعني توقف المسيرة الاصلاحية ووضع الأمة برمتها في خطر لا يحمد عقباه. 

 وعندما يأمر سيد البلاد بمعاقبة المفسدين وملاحقتهم في كل مكان , ويعلنها صراحة أن لا أحد فوق القانون والمحاسبة ولا حماية لفاسد مهما علت رتبته أو منصبه , فهذا دليل واضح لا لبس فيه على تصميم جلالته لمحاكمة كل فاسد يظلم شعبه ويخون أمانته متحديا التعليمات والمهام التي أوكلت اليه , ضاربا بعرض الحائط الثقة التي منحها اياه جلالة الملك , وقسم الولاء الذي أقسمه أمام من ولاه زمام الأمور , وأمام الأمة بأكملها , واضعا يده على القرآن الكريم ليكون شاهدا عليه في الدنيا والآخرة . ومن جراء هذا الايعاز الملكي للحكومة باتخاذ الاجراءات اللازمة  لتحويل الفاسدين الى القضاء أصبح كل متنفذ يشعر بفساده يخاف على حاله , وهكذا نسمع من هنا وهناك وعبر المواقع الالكترونية تسرب الخوف الى مثل هؤلاء الفاسدين من عدم الافلات من العقاب , فيجرون الاتصال بالديوان الملكي وغيره لعل وعسى أن يتعرف كل على مصيره , ولكن يبدوا أن قنوات الاتصال قد أغلقت فلا وجود لمن يرد على مكالماتهم لطمأنتهم على حالتهم لأن القيادة الهاشمية تؤمن ايمانا جازما ان الثمرة الفاسدة تفسد ما حولها من الثمار, وأن مالك الشجرة لا ينتظر حتى تفسد بقية ثمارها فيبادر فورا لقطعها حتى لا تؤذي غيرها, وبائع الخضار يخرجها ويرميها خارج صندوق الخضار لكي لا تؤذي غيرها من الثمار وتفسد عليه بضاعته , وهكذا هو مصير كل فاسد فقد أيعن وحان قطافه , ولا مجال لبقائه حتى لا يؤثر على غيره فيطمع بالفساد.

يا لك من ضوء قد أحببناك وأحببنا صاحبك وانتظرناك كثيرا لنرى قوة بهجتك ولمعانك , فلك حقا علينا أن نفديك بأرواحنا, فان لك  نكهة وطابع خاص وشعاع عندما يبزغ يضفي جمالا وروعة أكثر! فكم تراك تحمل من هموم لاستئناف السير بخطى ثابتة نحو التنفيذ برؤى سليمة ! وما كان الملك الانسان ليطلقك الا بعد استفحال الكيل من الفساد وكثرة الشكاوى التي تطلق في كل مكان وعبر الوسائل الاعلامية المختلفة , فكان علامة لافتة لاقت ترحيبا واسعا من قبل كافة شرائح الشعب مبتهلين الى الله ان يديم أبا الحسين وأن يبقيه رمزا للاصلاح بشتى أنواعه, وان ما قام به هو لابعاد شبح الفساد قبل فوات الأوان عن هذه الأمة وللسير قدما نحو الاصلاح.

 فهذا لعمري هو ربيع الأردن الذي انتظرته الجماهير. أفلا يستحق هذا القائد منا كل التقدير والاحترام وأن نشد على يديه ونؤازره ؟ الم تعلموا أن  للون الأخضر حكايات مؤثرة ! فقد روي أن عمال أحد المصانع كانوا يشكون من نقل الصناديق السوداء التي كانوا يحملونها , وعندما قررمديرالمصنع تغيير اللون الى الأخضر توقفت الشكاوي , وروي أيضا أن الكبري الأسود الذي يقع على نهر التايمز قد اشتهر بحوادث الانتحار فتم تغييره الى اللون الأخضر , فقلت تبعا لذلك مثل هذه الحوادث, وروي أن مصنعا كانت جدرانه مطلية باللون الأحمر ولكن بعد ثلاثة أسابيع ثار العمال بحكم اللون اذ تولد لديهم الطاقة الكافية والجرأة لعمل احتجاج مما دعا المدير لتغييره للأخضر حيث هدأ العمال . وها نرى وجوب الهدوء كي نمضي قدما نحو التغيير والاصلاح , وما زيارة الملك الأخيرة لمجلس الوزراء الا للتأكيد على ضرورة تحقيق انجازات واقعية لمصلحة الشعب ضمن جدول زمني محدد مشددا على أن من يقبل لنفسه تحمل المسؤولية فعليه تحمل أعبائها , وأن الوطن أغلى من الجميع , ولا حصانة لمسؤول.

ان محاربة الفساد يستوجب اسنادا من كل فئات الشعب لأنه حجر الزاوية التي ترقى بها الأمم . فدعنا يا اخوتي نتلاحم مع القيادة الهاشمية لدرء هذا الوباء الذي سيهلك الحرث والزرع , ويؤدي الى ضياع المال وتبدد الامكانيات والموارد واساءة توجيهها مما يضعف من فاعلية الأجهزة الحكومية , ويتسبب في حالة من التذمر والنقمة بين أفراد المجتمع الواحد ! ودعنا نفعل هيئة مكافحة الفساد وندعمها بكل امكانياتنا لتحصين الأمة من ممارسة جميع أنواع الفساد ! ودعنا نحترم القوانين والأنظمة ونوفر كل أسباب النجاح لخطط الحكومة التنموية ! ودعنا نبلغ عن أي حالة فساد قد يواجهها المواطن في معاملاته المختلفة لنساعد القائمين على سير أمور الدولة على التعرف على مواطن الفساد , والتصدي لها بحزم بكل ما أوتيت من قوة لأن في ذلك سببا رئيسا في جعل الموظف أكثر حرصا على انجاز المعاملات بأسوب عادل ودون تأخير.
ما أجمل هذا الضوء وما أروعه ! انه حقا رمز نعتز به وسيكون حقا ربيع الأردن لو تم تطبيق رؤية صاحبه على أرض الواقع , والا فسنشهد الخلل تلو الخلل في الجهاز الوظيفي  الذي  بدوره سيبطأ من حركة تطور المجتمع ويقيد كل حوافز التقدم بكل أشكاله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد