أنقضى عام على الحراك الشعبي الأردني ، المطالب بالإصلاح . بعد أن توجته غالبية قوى المعارضة بالاعتصام في ساحة النخيل يوم 6/1/2012 . وقد مرّ ذلك اليوم بأمان وسلام,على الرغم من تشاؤم العديد من توقعات المراقبين . فاجتاز الأردنيون امتحانات العام المنصرم بامتياز يستحق التأمل والتقييم والمراجعة . واستخلاص الدروس والعبر المستفادة .
ولعل في مقدمة الدروس ، ما يبرز الحقيقة الكبرى التي أثبتت أن هذه الدولة(الحكومة والشعب) ، قد أنجزت مالم تنجزه غيرها ,وبرهنت على قدرتها على تجاوز المخاطر الامنية والسياسية التي عصفت في المحيط العربي. فقد حافظ الاردنيون ومؤسساتهم الوطنية على إدامة وتعزيز حالة الأمن والسلم الاجتماعي.والإتزان الواعي , والتوازن الحكيم . مما عكس صورة رائعة عن الأردن . فلا الشعب انزلق إلى العنف ، ولا الحكومة استخدمت القهر والقتل والاعتقال والتعذيب. وعندما حدثت بعض الحوادث ــ الأخطاء ــ من أي طرف ، تمسك الطرف الآخر بالحكمة وضبط النفس . وأثبت الشعب أنه على درجة مطمئنة من الوعي, كما أثبتت مؤسسات الامن أنها قد أتقنت إدارة الازمة.
إما ثاني هذه الدروس . فقد كان بحق ,أنه فتح الباب باتجاه عملية إصلاح ، ثبت أن ملفاتها عديدة ، وميادينها واسعة ، وكشفت للأسف الشديد عن ملفات خطيرة سياسياً, واقتصادياً, واجتماعياً. الامر الذي يستدعي حتماً ، السعي الجاد والصادق والعاجل, إلى وضع أجنده عمليه قادرة على محاسبة كل من أسهم بتلك الخروقات. وحول قوتنا الادبيه الى حالة من الضعف والحيرة ، وأفسد علينا سمعتنا, وكثيرا من هيبتنا الوطنيه. مما يدعونا الى سرعة العمل على إعادة الحال إلى الوضع السليم المنسجم مع القانون, بما في ذلك حفز أجهزة الادعاء العام والقضاء للقيام بالدور المتكامل والفاعل .
وأما ثالث الدروس . فلا أقل من أن يلتزم الجميع بحسن النية . والإرادة والعزيمة القوية على استمرارية نهج الإصلاح والالتزام العالي بانجازه كاملاً وشاملاً بمساراته السياسية, والاقتصادية ,والتشريعيه ,والادارة العامة، ومحاربة الفساد. في ظل مناخ من الاحترام المتبادل , بين قوى الشعب المختلفة وأجهزة الدولة بما يحفظ ويعزز الأمن الوطني ، ويضمن دوران عجلات الاصلاح على الوجه الاكمل والاشمل. وهذا يتطلب أولاً وأخيراً عدم اللعب بالنار من كافة الجهات وعدم فسح المجال أو تشجيع الخروج على القانون . أو التأزيم غير المبرر. ذالك أن توفير المناخات المناسبه هي فريضة عين على كل القوى والاتجاهات,بما في ذالك أجهزة الدولة ومؤسساتها الوطنيه. كما أن الامل أن تبقى مؤسسة العرش الحكم العدل, والموجه لسير كل مسارات الاصلاح. وهو دورها الدستوري ,الذي قامت به وتقوم به على الدوام.
مايميز الاردن, والاردنيون. كما أظهرته العبر المستفادة.هو الحكمة.ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. تلك الحكمة, التي أدت إلى القدرة على تجاوز الكثير من الاخطار والامتحانات,بل والمحن. ويكفي أن المعارضه الاردنيه لم تهاجر الوطن , إلا نادرا ومؤقتا. وأن كثيرا من قوى المعارضة , تمكنت من المشاركة الفاعلة في الحكم والإدارة و العمل العام . كما تميز نظام الحكم على مر الاحوال , بأنه ظل في نظر الاردنيين , وما زال وسيبقى بإذن الله, الحكم العدل والمحرك الفاعل لحسم الاختلاف وتجاوز المشكلات , والسير الى الامام بثقة وأمل. وهذا هو رابع الدروس المستفادة من الربيع الاردني المتميز. وهنا لابد من التأكيد على لزوم وضرورة المحافظة على هذا المنهج الحكيم.
تحية وتقدير لكل ابناء الوطن . وكل مافي هذا الحمى العربي الذي ظل على الدوام جامعا على الخير لكل أهله ومن أراد العيش فيه , من أبناء العرب والمسلمين و كل بقاع الدنيا . وندعو الله مخلصين أن يرشدنا الى دروب الخير والتقدم . وان يعزز جلالة الملك بالبطانة الصالحة المصلحة.