ماذا يعني حبك للوطن

mainThumb

01-02-2012 09:22 PM

دق الباب باكرا  ... وقبل أن يقول "صباح الخير" , وقبل أن أقول له "أهلاً وسهلاً يا أبا علي , سألني "دخيلك شو يعني كلنا نحب الاردن ؟ 
وأبو علي   فلاح , يعمل في الأرض وقد تجاوز عمره السبعين عاماً,صاحب حكمة ونكتة  وله مقولات في الحلال والحرام, ومن مقولاته "إن الله سبحانه وتعالى لم يحلل تعب هذا الكف للكف الآخر" . ويقول أيضاً: "إن محبة الله, والوطن, والناس هي في القلب, وليست في المظاهر".‏ 
المهم.. إن أبا  علي  يأتيني بين الحين والحين وفي فمه أسئلته, ولديه اعتقاد بأن لدي إجابة, وإذا ما قلت له يوماً "إنني لا أملك إجابة على هذا السؤال أو ذلك" بان الحزن في وجهه, وتنهد "من يحتكر العلم مثل من يحتكر خبز الناس.. كله حرام في حرام" فاضطر إلى أن أحلف له.. فيمسك كفي "لا تحلف دخيلك.. صدقتك"..‏ 
سألته: "هل ستظل واقفاً في الباب, اجلس .. نشرب الشاي .. ونتحدث قليلا فهو يحب ان يحكي لي تاريخ قريتنا وانا شغوف بكلامه وحديثه عن ايام شبابه 
راح يضحك "في  الشتاء, تفرشون  الأرض بالسجاد, وأنا جئت من الأرض, وبصراحة لا أستطيع أن أخلع حذائي, لذلك تعال نجلس أمام البيت".‏ 
قلت: "أهذه أول مرة تدخل بيتنا؟.. نحن لا نمتلك سجاداً عجمياً, ولا تركيا , ولا أي سجاد فاخر؟ هو على الأرض, ومن أجل أن يدوسه الناس, راح يضحك: "أعرف ذلك, ولكني منذ أيام كنت عند ابني في عمان , وطلبت مني زوجته أن أخلع حذائي, فرفضت, وعندما جاء علي  سألني لماذا فعلت ذلك, وأن كل سجاد البيت عجمي, وثمنه بالآلاف" قلت له "إذا كان بهذا المبلغ الضخم, لماذا تفرشونه على الأرض علقوه على الجدران 
ومشى نحو الداخل, وداس على السجادة, وهو يضحك "المهم أن يكون الحذاء نظيفاً, والقلب نظيفاً عندما ندخل البيوت وحتى في علاقتنا مع الله والوطن".‏ 
جلس وجلست قبالته وراح يحك رأسه من تحت كوفيته, وينظر إليَّ.... سألته: "هل تشك يا أبا علي  أن في البلد من لا يحب الوطن؟
تنهد "بالتأكيد كلنا نقول إننا نحب الوطن, يا أخي المحبة مو  بالكلام, المحبة فعل. سأقص عليك حكايتي مع وحيدي علي  
تركني وذهب للعيش في العاصمة, لماذا أنجبته أليس ليكون معي.. ماذا لو أصابتني جلطة , بالتأكيد لن أجده.. قد أجدك أنت, هل أنا من أنجبك. هو يتصل أحياناً ويقول لنا أنا قلبي معكم.. يزورنا في العام مرتين, يأخذ في كل مرة الزيت والميرمية والبرغل و.. ..هل رأيت محبته, باقي لحمنا لم يأخذه بعد.. ومع ذلك أبقى ساكتاً.".‏ 
قدمت له الشاي 
أمسك به, ورفعه إلى فمه, وقبل أن يأخذ رشفة سألني: "ألا تظن أن أكثر الناس في علاقتهم مع الوطن مثل علاقة علي معي؟
قلت "ليس كل الناس".‏ 
رفع الفنجان إلى فمه وجرع نصفه دفعة واحدة.. وقال: "ليت أبي علمني, وأصبحت مسؤولاً.. وبيده القرار".‏ 
ضحكت: "ماذا كنت ستفعل?!"‏ 
فأجاب كنت سأضع المنافقين والمفسدين والعاقين لوطنهم  في أقفاص صغيرة لإبعادهم عن الناس, وأبعادهم عن المسؤولين...وعن الوطن وكنت سأريهم كيف يكون حب الوطن 
وسألني عن دواء لالم معدته ومازحته قائلا معدتك اوجعها كثرة الفساد 
أعجبته المزحة, أخذ النصف الباقي من فنجان الشاي , ونهض قائلا: لا نستطيع القعود الأرض تنتظر.‏ 
تابعت مزاحي "هي بانتظارنا جميعاً".‏ 
وبذكائه الريفي أجاب سريعاً "منها خلقنا وإليها نعود.. ولكن لا أحد سيأخذ منها شيئاً ويبقى ماقدمت لك ولامتك ولوطنك "


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد