من يكسب الرهان ؟

mainThumb

14-02-2012 11:02 AM

كنا نسمع كثيرا من وسائل الإعلام المختلفة عن الرهان، وأكثر ما يتجلى هذا الإمر في السباقات التي تقام في ميادين الخيول، إذ يجلس الناس على منصة مرتفعة، خصوصاً أولئك المترفين الذين يقضون أوقات فراغهم عبثاً في مثل هذه الأمور، وبعد ذلك يراهن بعضهم بعضا على هذا الحصان، أو ذاك في الوصول إلى نقطة النهاية، أي هناك فائز وخاسر.

 أما اليوم وفي خضمّ ما يعرف بالربيع العربي، فإننا نرى رهاناً من نوع آخر، رهاناً في ميدان التعليم، إذ تقف الحكومة في برجها العاجي، محتكمة إلى عقلية متعنتة، قامعة، متغطرسة، لا يهمها إلا الحفاظ على كينونتها ومكانتها، متناسية أو متغافلة هذا الصرح العظيم الذي تُراهن عليه، صرح الأجيال المتعاقبة على حمل رسالة العلم والتعليم، رسالة التقدم والازدهار.

 إنها رهان خاسرة بكل تأكيد عندما تضع الحكومة المعلم نداً لها، هذا المعلم الذي حمل رسالة عظيمة، فكان مثالاً للتضحية والوفاء، نبعاً للمحبة والعطاء، لماذا هذا التحدي والكل فيه خسران؟ وهل يتحدى الوالد أبناءه؟ ألم يكن هذا التحدي صارخاً لإرادة المعلم وكرامته؟ وهل يعقل أن تتخلى الحكومة عن عشرة آلاف معلم بقضهم وقضيضهم، هذا على أقل تقدير؟ ربما يفكر هذا الكم الهائل من البشر في استبدال أرض غير أرضه، فأرض الله واسعة، أتريدون أن تفرّغوا الوطن من أهله، كما فرغتموه من ثرواته ومدخراته؟ ما هكذا تورد الإبل يا عون. 

ولنا أن نتساءل هنا، لماذا لم تتعامل الحكومة مع المعلمين بمبدأ الحس الوطني الذي يحمل كل معاني الحرية والعدل والمساواة؛ لتأسيس عملية إصلاحية سياسية حقيقية مستندة إلى قيم الديمقراطية المنشودة التي باتت تستقر في الأذهان؟

 لماذا لا تقوم الحكومة بإعادة الحق لأصحابه المعلمين؟ ألم تكن هذه العلاوة استحقاقاً لهم لأكثر من عشر سنين مضت؟ لماذا تغتصب الحكومة حقوق الناس بالباطل، بينما تقدم الأموال الطائلة لفئة ضالة، فاسدة، على طبق من ذهب ملفّع بالحرير؟ (بطيخي، شمامي، ذهبي، عوضي، شاهيني، شرقاوي، غرباوي) تلك أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان. 

على حساب من نهبت الأموال والأطيان، ألم تكن على حساب المواطنين البسطاء الذين يعجزون عن دفع فاتورة الماء أو الكهرباء؟ والمعلمون جزء منهم. لنستشعر خطورة المرحلة التي تلم بـ الاردن والتي لا يدركها أصحاب تلك الأبراج العاجية، فإن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لاتدري فالمصيبة أعظم. 

أيها الفاسدون المفسدون، كفاكم هدراً ونهباً لمقدرات الوطن ومكتسباته، ويا من تهددون، وتتوعدون، إنكم لم تستوعبوا، ولن تستوعبوا أن عجلة الأيام تدور لا للوراء، وإنما نحو التقدم والارتقاء. 

الثلج نقي في كل البلاد، لكنه أنقى في بلد الأحرار. 

ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعهُ وألا أرى غيري له الدهر مالكا 

جامعة الملك سعود

 ايميل: dr.al-gwider@hotmail.com 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد