إن التغير والإصلاح الذي يلمسه أغلبية الأردنيين في المملكة لم يكن بعيدا لأن الأردن وقبل الربيع العربي كان لديه الجاهزية والبنية التحتية لذلك. فلو سئلت ما هي الجاهزية؟ لأجبت بما يلي:
(أولا) الولاء التام لله ومن ثم للوطن ولقائد الوطن. (ثانيا) لأننا شعب نتميز بالصدق، والكرم، والشجاعة، ودرجة عالية من العلم، والثقافة. (ثالثا) وهي الأهم توفر النية الصادقة والأكيدة لدى الشعب والقائد للتغيير والإصلاح.
أخي القارئ لو سئلت لماذا التغيير الآن؟ لأجبت: ان التقاء الإرادة الشعبية مع إرادة قيادتها الهاشمية في بوتقة واحدة نحو إستثمار إيجابيات الربيع العربي في الإصلاح السياسي، والإقتصادي، والإجتماعي، ومكافحة المفسدين والعمل على استرداد ثروات الوطن كان مبررا قويا للشعب الاردني للمطالبة بالتغيير والإصلاح.
بالإضافة إلى ذلك فأن لدى الشعب الأردني الكثير من التساؤلات يحتاج من يجيب عليها حول الكثير من الحقوق.
أخي القارئ الكثير من المواطنين دفعهم حرصهم على مصلحة الوطن أن يتوقعوا بأن المطالبة بالتغيير والإصلاح سيجلب التهلكة للشعب ولمقدرات الوطن، فاقول لهم أن التجربة خلال العام السابق والحالي اثبتت لأنفسنا وللعالم اجمع, أن المطالبين بالتغيير في الاردن من كافة الحراكات والأحزاب والنقابات والتجمعات، كانوا على قدر عالي من المسؤولية، وإنما اذا حدث بعض التجاوزات ما هي إلا سلوكيات غير مسؤولة لبعض من يخشى المجهول، لذلك فأن التغيير والإصلاح المنشود في الأردن يسير بخطى مبرمجة ومدروسة رغم بعض الحواجز والعثرات التي من الطبيعي أن تكون ، لأنه لولاها لما كان التغيير والإصلاح مطلبا شعبيا والذي سيعكس المعادلة المنفعية بين طبقات المجتمع .
أخي القارئ لا ننكر سمة الأمن والأمان، والإستقرار، والإزدهار، الذي نعيشه، ولا ننكر أيضا الإنجازات في كافة الصعد التي تحققت في عهد الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ومن قبله المغفور له بأذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، ولكن لا يعفينا واجبنا كشعب أمام الله تعالى ومن ثم أمام قائدنا المفدى أن نتخلى عن مسؤوليتنا في أن نكون سندا لقائدنا في إصلاح ما افسده بعض ما توسمنا فيهم الخير لوطننا.
أخي القارئ لا يختلف إثنان بوجود الفساد الذي يستشري في جميع دول العالم ولكن بدراجات متفاوتة ففي دول مواردها كبيرة قد تتحمل حجم الفساد ولكن نحن وللأسف وكما يعرف الجميع كدنا أن نكون من أغنى دول العالم لو أستغلت مواردنا بأيدي وعقول وأموال اردنية، ولكن بعض ممن توسمنا فيهم الخير من الذين لم يكن لهم نصيب في الكعكة الاولى كعكة المشاريع التنموية التي عمت جميع المحافظات في المجالات الصحية والتعليمية والخدمية والزراعية ......وعلى رأسها العطاءات العامة فارتأوا أن تدار مواردنا من الغير (الخصخصة)، بحجة الإنفتاح الإقتصادي وقلت الموارد (المادية، والبشرية)، ونقص الخبرات في الإدارة والتسويق، حتى يكون لهم نصيب مجزي في الكعكة الثانية.
أخي القارئ أقول هنا لو وجد التخطيط السليم لتنفيذ تلك المشاريع وعلى رأسها بعض العطاءات العامة والتخاصية المزعومة لما وجد الفساد لأن الفساد يكون وللأسف صديقا للانفاق الغير مبرمج. ومن هنا بدأت الفجوة تتسع وتقترب بين أصحاب القرار وبين الشعب ممثلا بمجالسه النيابية المتعاقبة ...؟ الذين كانوا يطالبون الحكومات بحلول اقتصادية، وبإنجازات، ومشاريع تنموية لإرضاء ناخبيهم، وللحفاظ على شعبيتهم، وهذا ما ينتظره بعض الفاسدون ليبرروا إنفاقهم، ولكن وللأسف هذا الذي منع مجالسنا النيابية بأن لا يسألوا الحكومات: من أين تغطى النفقات؟ وكم التكلفة الحقيقية للمشاريع؟ ومن هي الجهة المنفذة؟ وكيف ستنفذ ؟ ومتى ستنفذ ؟ لأن الإجابة على تلك الاسئلة من قبل الحكومات تعني الرقابة الحقيقية الفاعلة على انفاق المال العام، فعندما لاحظ بعض النواب أن هناك غنائم مستباحة ففضلوا المشاركة بالصمت لأن الكلام لا يضمي من جوع.
ومن هنا تحقق المثل القائل: المال السايب بعلم السرقة! فتراكمت العطاءات، والانجازات، والاتفاقيات، وتراكمت معها الفساد والمديونية فنفذ البئر. ورجع العقل الى العقول وبدأ التبرير تلو التبرير لملئ البئر من جديد ولكن من أين يا ترى؟ (الضريبة) نعم الضريبة التي يدفع ثمنها المواطن مما يثقل كاهله وهذا الذي لم يستسيغه المواطنين وبالتالي تحرك لديهم الشعور بالغبن، والغيض، والإهانة وبالأخص عندما أصبح لديهم القناعة الحقيقية بأن الرفاه الذي يعيشونه ما هو إلا حلم سرعان ما يتبدد، وأن أموالهم سلبت وسلبت معها آمالهم، وطموحاتهم، وأن الإنجازات التي تتغنى بها بعض الحكومات ما هي إلا وسيلة للنهب. ومن هنا أوجبت الإستغاثة بالله العلي القدير، ومن ثم بقائد الوطن المفدى، لإنقاذ الوطن من أعدائه الداخليين، الذين وصلوا الى مرحلة الإدمان في نهب المال العام لإشباع غرائزهم، لقناعاتهم الشيطانية بأنهم خالدون على الأرض. ونحمد الله تعالى الذي منَ على قائد الوطن حفظه الله ذخرا لنا أن يتدخل شخصيا لوضع النقاط على الحروف ويرسم للوطن خارطة الطريق الإصلاحية استجابَةً منه لأستغاثة شعبه، وأهله. فانطلقت عجلة الإصلاح بإذن الله عز وجل ومن ثم بإيعاز من قيادتنا الحكيمة، وبإرادة شعبه الذي لو افترضنا انه ممثِل بمجلسه النيابي الحالي الذي فاق من سباته، ومن دولة عون اعانه الله تعالى الذي أكن له كل الإحترام والتقدير وطاقمه الوزاري الذي نرجوا من الله العلي القدير أن يقرأوا رؤى قائدنا المفدى وطموح شعبنا النبيل، وأن يتجردوا من شخصنة الأمور وأن ينظروا بعين واحدة بأن مصلحة الوطن هي العليا. وللأمانة فأنني متفائل ببعض الأنجازات التي أتمنى أن لا تجهض قبل أن تولد لبعض النواب الذين فرزتهم صناديق الحق، في فتح ملفات الفساد والغاء فكرة إنتهت القضية بالتقادم لأن الإصلاح يبدأ من الأصل وهذا ما نريد. ومن هنا اقول لأهلي إننا نصبر على الجوع لننهض بالوطن ولكن لا يمكن أن نصبر على الجوع لتمتلء جيوب المفسدين. أما بالنسبة للأداء الحكومي المرهون بمخرجاته فأنني أشكر ما أنجزوه ولكن نرجوا أن يمهدوا وييسروا الطريق لبعض أعضاء مجلس الشعب وأن يجيبوا على تساؤلاتهم: من أين....؟ وكم....؟ وكيف....؟ ومن...؟ ومتى....؟ سيتم إنجاز المطالب لأن الإجابة على تلك الاسئلة من قبل الحكومة تعني صدق..... وشفافية.....، ووضوح.......ونية حقيقية بعدم الرجوع الى الماضي المعتم، والعمل على جز جذور الفساد وحرقها وزرع جذور قوية نستطيع أن نبني عليها مستقبلا مشرقا يشعر فيه الانسان وبألاخص المسؤول بأنه سيحاسب في الدنيا قبل أن يحاسب امام الله عز وجل، فهو خير له ولنا بإذن الله تعالى.
وأخيرا وليس آخرا أقول إن ما يعزينا في أمرنا ما أمر به جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ذخرا للوطن بأعلان الحرب على الفاسدين والمفسدين. حفظ الله الاردن والاردنين من طيش المنافقين وتسلط المفسدين. وحمى الله الأسرة الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم.