موجة التحرر العربية الثالثة

موجة التحرر العربية الثالثة

17-03-2012 10:11 AM

قبل حوالي ربع قرن شهد العالم موجة ديمقراطية كاسحة شملت دول أوروبا الشرقية، وأميركا اللاتينية، وبلدان الشرق الأقصى وأفريقيا، ولكنها وقفت عند حدود الوطن العربي، فكان الاستثناء، حيث استمر الاستبداد واستكانت الشعوب ولكن إلى حين.
سنة 2011 ستدخل التاريخ تحت عنوان الربيع العربي، الذي استطاع أن يتجاوز الخوف، ويسقط أنظمة استبدادية فاسدة. وهو يشكل الموجة العربية الثالثة التي يؤمل أن تنتهي بأفضل مما انتهت إليه الموجتان الأولى والثانية من نكسات.
كانت الموجة الأولى التي عبـّر فيها العرب عن عنفوانهم وتطلعهم إلى الحرية والاستقلال، قد وقعت في أواخر العهد العثماني، وقد نشأت في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، وتبلورت تنفيذياً بالثورة العربية الكبرى (1917)، التي استهدفت التحرر من النير التركي، وتوحيد المشرق العربي.
أما الموجة الثانية فهي الطفرة القومية التي قادها جمال عبد الناصر 1952-1970 وأحزاب عربية كالبعث والقوميين العرب ومجمل الليبراليين والعلمانيين  وكان هدفها الوحدة والتحرر من الاستعمار الغربي والعدالة الاجتماعية، ولم تكن  الديمقراطية أكثر من شعار جانبي.
الموجة الاولى فشلت بسبب تدخل القوى الاستعمارية، وخاصة بريطانيا وفرنسا، اللتين اقتسمتا الوطن العربي وعملتا على تجزئته ورسم حدود مصطنعة (سايكس-بيكو).
والموجة الثانية التي قامت في الخمسينات فشلت بسبب الاستبداد وحكم الفرد.  وتكرس الفشل الكامل بالهزيمة العسكرية في 5 حزيران 1967.
كانت النتيجة لهذا الانكسار تراجع وانحسار الاتجاه القومي، وصعود نجم الحركات الإسلامية التي يؤمل أن لا تؤدي إلى إفشال هذه الموجه الثالثة، لأن موجة رابعة سيطول انتظارها.
نحن الآن نعيش وسط هذه الموجة الثالثة، ومن الواضح أن النتائج ليست مضمونة، وفيما عدا تونس فإن ما يحدث اليوم في بلدان الربيع العربي لا يسر البال ولا يدعو للإطمئنان. والمستقبل مفتوح على جميع الاحتمالات، فهل تستطيع طلائع الأمة العربية أن تستغل الظروف المواتية لبناء أنظمة حكم تجمع بين الديمقراطية والحداثة والنزاهة، أم أن الأطماع والأحقاد والأنانية والرجعية وتصفية الحسابات والمواقف العدمية وفقدان الأمن والاستقرار ستسود، ويتحول الربيع العربي إلى نكسة أخرى..؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد