الأوضاع الليبية مثار قلق جدي

mainThumb

10-04-2012 01:14 PM

 تمر الأوضاع في ليبيا , كما تتناقلها وكالات الأنباء الدولية , وتصريحات اليبيين أنفسهم  بمخاض لا يحمل أي وجه شبه بمخاض الثورات الشعبية التي تأخذ مسارها الطبيعي , أي التي يسعى الثوارمن ورائها إلى التحررمن الظلم والطغيان لحكام ,مثل العقيد الليبي الذي حمّل بعض ملابسه نياشين لا يستحق أيا ًمنها,عدى استحقاق منظره بها المثير للاستغراب والعجب كما حملت مواقفه وآرائه ومبادئه السياسية من التناقض ما أدى إلى عدم الاكتراث بما يقول وبما يطرح من آراء تتزايد فيها نسب الغرابة والفكاهة كلما وجد نفسه في فضاء أوسع من الفضاء الليبي ( كان العقيد مغرم بالفضاءات) الذي مثلته أفريقيا. وفي الوقت ذاته ,يؤكد الثوارعلى استقلالية قرارهم والحرص الكامل على استقلال وطنهم و دون أي فرصة لمقايضة ذلك بأي منحة أو خدمة أومساعدة . 

 
التناقض المبدئي مع قيم الثورات وأدبياتها ومنطلقاتها عبر التاريخ ,الذي انحدرت إليه الفئات التي انتفضت على الدكتاتور(أوبعضها ), والخطأ الجسيم الذي ارتكبوه عن عمد وبشكل   مقصود يتمثل في وقيعة التمسك بشعارالتحرر بقوى الاستعمار وهي القوى التي وضعت تصاميم النصرعلى الظالم !!! بدهائها وخبثها (ربما تجنبا ً لما كان سيكشفه من  فسادهم ,دبروا قتله بطريقة غيرلائقة ) و شاركتهم في خطيئتها هذه الجامعة العربية (بقيادة عمرو موسى), بدلا ًعن التمسك بالتحررمن الطاغية ومن قوى الاستعمارذاتها التي كانت من داعميه ومتلقية أمواله وعطاياه وهداياه على حساب قوت الشعب الليبي وهدر ثروته , وهي ما تمثله قيم الثورة وأخلاق الثوار.
 
ليبيا اليوم في مأزق التفكك والتجزئة والاقتتال بين العناصر والتجمعات والقوى التي يتشكل   منها المجتمع الليبي, كل يقاتل من أجل إثبات حقه في ما يرى إن له حق فيه بغض النظرعن     ما تعنيه المصلحة العامة ,أوالثقة أو الاتفاق على من هي الفئة أو القوة التي يمكنها مراعاة  المصلحة العامة والعمل من أجلها بتجرد وكفاءة وحيادية ؟ تعاني كذلك من ضعف السيطرة الحكومية على أمن المدن وأمان المواطنين الذين ما زال المسلحون منهم يسعون وراء تأمين حصصهم من الثروة وفي السلطة , ولم يجدوا من الدول الاستعمارية أي جهد لمساعدتهم على تحقيق اللاستقرار وفرض الأمن ,هذا إن لم تكن تلك الدول السبب المباشر( وأغلب الظن أنهم كذلك ) في إدامة هذه  الفوضى والتسيب والاضطراب,ما دامت مواقع النفط مسيطرعليها حسب  رغباتهم وخدمة مصالحهم , و تعمل على دوام هذا الحال كأحد مجالات الضغط والتأثيرعلى مجريات الأحداث في ليبيا ورصد ما ستؤول إليها أوضاعها ومراقبتها وإلى ما سيؤول إليه    نظام الحكم في الادعاء بالتحول إلى الديمقراطية !!!  .  
 
السيد بان كيمون وقد تميز بالقلق الدائم , فهو قلق على الشعب في كوريا الشمالية , وقلق على الأوضاع في دارفورفي السودان ويقلق كثيرا ًعلى الشعب السوري من حكومته وليس من   الفئات المسلحة المنتشرة دون انضباط في عدة مناطق من سوريا بدعم من دول أخرى من المفروض أن يقلق من سلوكها هذا, وأن يعبر عنه بشكل علني.والسيد كيمون(دائم القلق) لم  يفطن إلى المأساة التي ألحقتها قوى الاستعماربليبيا وشعبها وثرواتها , ولم يعبر بأي صيغة عن تلك المأساة  وجرائمها وهو الأمين العام للأمم المتحدة ,أي الأمم كلها كما تعنيه المهمة, لتقف  مع المظلوم وتقلق على أحواله من سلوك الظالم !
 
جامعة الدول العربية (ليس الأمة العربية أوالشعوب العربية,بل الدول ),لم تتردد في اتخاذ قرارات غير قانونية في موقف غريب مليئ بأسباب التناقض من الأزمة في سوريا, ما سيشكل سابقة في هذه المؤسسة التي لم تتجاوز صلاحياتها عبر معظم تاريخها اتخاذ المواقف  الدبلوماسية الشكل والمضمون . ولم يقتصر التجاوزعلى صيغ الجامعة التشريعية والقانونية , وإنما لوحظ خروج الأمين العام للجامعة العربية عن حدود صلاحياته كأمين عام, وتجاوز في ذلك كل برتوكولات الجامعة وكياسة مواقفها من الدول الأعضاء , ولم يتعظ  بما الحقه موقف الجامعة العربية الداعم لتدخل قوات حلف الناتو المدعومة أميركيا ً في ليبيا, فأخذ يكرردعوة الأمم المتحدة إلى التدخل في سوريا تحت البند السابع , ولم يرعوي أو يدرك أن الموقف  الروسي – الصيني من هذه الأزمة هو موقف استراتيجي يشكل القاعدة الراسخة لبناء قطبية جديدة تتصدى للقطبية الأميركية الأحادية . 
 
حرض العربي الدول الإمبريالية على التدخل بالقوة العسكرية في سوريا في مجلس الأمن, وحرض عليها في العديد من تصريحاته التي تكاثرت حول سوريا , دون اليمن أو البحرين أو السعودية أو ليبيا وغيرها من الدول التي لم يفطن أحداثها أو تناساهاز
 
 في الوقت الذي اتصف فيه  المستربان كيمون بالقلق اتصف فيه السيد نبيل العربي بالتحريض بالاختصاص بالأزمة السورية على الرغم من إنه ما زالت الأزمات تعصف بمصروتونس وليبيا واليمن والبحرين وسوريا والسعودية والسودان ... ولم يؤول المخاض الثوري في بعضها باستحقاقاته ,وما زال العرب بانتظار أزهار الربيع بأمل ارتوائه بسقايته  بالدم العربي المسفوك لغاية هذه اللحظة, بحق وبدون وجه حق!
 
كان الحكام الفاسدون والدكتاتوريون ونظم الحكم الفردية , يتحدثون عن  الشعب  وباسمه    دون تمييز بين من يقبل بهم ومن يرفض أساليبهم ومن يرفض وجودهم, ولكن أمرالتشدق  بمفردة الشعب لتعني التحدث نيابة عنه بكليته ,ما زالت حديث القلقين والتحريضيين  والعقائدين الملتزمين صرامة الفكروقيوده ,والعابثين بأمن الناس وولاءاتهم والتضليليين والمنافقين .الشعب لم تعد مفردة سياسية صالحة بكليتها ولا مصطلحا ً اجتماعيا ً شاملا ً,    وإنْ تغنى بها الشعراء فهم يجوزلهم ما لا يجوزلغيرهم,بل مفردة الشعب غير ذات دلالة    على جماعة محددة أو فئة مقصودة , لأن التعددية وتنوع المكونات في المجتمعات أخذت شكلها الواضح , ورسمت واقعها الذي لا يجوز تجاوزه أو التحدث بالصيغة الجمعية عنها وعن  مصالحها وطموحاتها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد