موثوقية المقابلات الشخصية و الوظيفية

mainThumb

25-04-2012 10:14 PM

لا بد من إجراء ما يُعرَفُ إدراياً  بـ«المقابلة الوظيفية أو الشخصية Personal or Job Interview » من أجل الترقية الوظيفية ، وهي لقاءٌ بين المرشح  لشغل الوظيفة مع لجنة مكونة من عدة أفراد  ، و ينظر إلى المقابلة على أنها  أداة من أدوات التقويم( Evaluation Tool )  تهدف الجهة المستفيدة من خلالها إلى اختيار المرشح الذي يحقق الحد الأدنى من واجبات الوظيفة، ومهامها.

من المفروض أن  يتم خلال المقابلة  التعرّف إلى السمات الشخصية(Personal Traits)  للمتقدم لشغل الوظيفة ، والتأكد من مؤهِّلاته و مهاراته التواصلية وقدراته، إضافة إلى لياقته السلوكية والنفسية العامة لشغل الوظيفة. لكن واقع الحال يقول إن المقابلات الوظيفية في دول العام الثالث لا تتعدى من كونها قياس  الهندام و المظهر العام مع العلم أنه  من الاستحالة أن يأتي الفرد للمقابلة دون أن يلبس أحسن ما عنده، ويندر الكثيرون بأن المقابلات الشخصية في دولنا العربية بشكل خاص هي وجه آخر للواسطة التي أصبحت رائحتها تزكم الأنوف.  
 
ومن جهة التنظير الإداري فإن المقابلات تأتي في إطار الالتزام بإجراءات العمل السليمة التي تحدد آليات التوظيف حتى يكون الهدف دوماً هو إيجاد الشخص المناسب في المكان المناسب بعيداً عن المحسوبية والمحاباة والواسطة وتضارب المصالح، وسيراً على مبدأ تكافؤ الفرص( Opportunity Equality) . لكن هناك العديد من التساؤلات التي تدور في خلد كل مرشح يخضع للمقابلة منها  هل تحقق المقابلات الشخصية العدالة بين المتقدمين ؟وهل فعلاً تستقطب المؤهلين لذلك أم تتداخل فيها الرؤية المختلفة والأمزجة وغيرها؟ هل هناك  عدالة و حيادية و موضوعية(Objectivity)  لدى جميع أعضاء اللجنة ؟ 
 
في ظاهر الأمر والتزاماً بمبدأ الحياد و الموضوعية يكون لكل عضو في لجنة المقابلات علامة توضع بشكل فردي و من ثم يأخذ المتوسط الحسابي للعلامات. و لمزيد من ذر الرماد في العيون يحضر المقابلات عضو من قسم الرقابة و التفتيش في المؤسسة بصفة مراقب حتى يكون شاهد زور على ما يجري. 
 
يجب أن  يتمتع جميع أعضاء لجان المقابلات الوظيفية و الشخصية بالكياسة  والاحترام والتنظيم وهذا يتطلب  كفايات ومهارات معينة ، كذلك يجب أن يكون هناك إدارة جيدة للوقت حتى  لا يقضي طالب الوظيفة الوقت الطويل في الانتظار ، و يجب أن يعطى كل مقابل نفس الوقت . كثيرون ممن أعرف يشتكي من تعسف لجان المقابلة أو انحيازها للبعض فالبعض مقابلته يكون وقتها طويل والبعض مقابلته قصيرة ،كما يتذمر البعض بأن بعض أعضاء لجان المقابلة يطرحون أسئلة فنية وعلمية  لا تمت لتخصصاتهم  بصلة ، و هناك من يقول بأن  الإجابات يجب أن تتوافق مع هوى اللجنة وألا يكون فيها نقد لأي شئ يخص المؤسسة  وألا الخفاق هو النتيجة المحتومة.
 
وفي كثير من الأحايين ، تسبق المقابلة الشخصية الواسطة  حتى يتم  تنفيل درجات المتقدم لوظيفة ما  علماً بأن الجميع يمقتونها ولكنهم يمارسونها..! الكل يكتب أعذب المقالات  في مقتها   ورميها بأقسى النعوت، وسيئ الصفات..لكن ذلك يحدث فقط في أحاديث المجالس وميدان المثاليات. المؤسف إن الكل يمارسها ويلجأ إليها ما استطاع ذلك سبيلاً ، وأكثر من ذلك نستخدمها باللي يسوى واللي ما يسوى..! بل أننا عندما نحتاج إلى هذه الواسطة نلبسها أحلى الثياب ونصفها بأجمل الصفات ففي هذا السياق تكون خدمة و مروءة ومساعدة وقضاء لحوائج الناس..!   أيها السادة ، انه الإسراف و الشطط بعينه .
 
و من واقع تجربتي الشخصية خارج الوطن فأن لجان المقابلات في المؤسسات التي يشرف عليها أناس من جنسيات غربية تتكون من ثلاثة أعضاء من لهم مساس مباشر بالوظيفة الشاغرة حيث كان رئيس اللجنة يستقبل طالب الوظيفة ، و يقدم له أعضاء اللجنة و من ثم يبدأ رئيس اللجنة بطرح بعض أسئلة كسر الجمود أو أسئلة افتتاحية وهي تلك الأسئلة التي تهيئ المرشح للمقابلة للدخول في المقابلة الشخصية ، كما كانت أسئلة  اللجان تنصب على مواقف تقيس مهارات و أنشطة موقفية وليست معلومات و معارف ، وكل عضو في اللجنة تنصب الأسئلة التي يطرحها على مجال معين من تخصصه ، كما كنت الأسئلة مكتوبة وليست من الذاكرة ، كذلك كانت اللجنة تجتمع لبحث آليات المقابلة و ضرورة توفير اللجوء المناسبة للمقابلة قبل الشروع في إجراء المقابلات . 
 
و حتى يتم التخلص من التذمر و الشكوى المستمر من نتائج المقابلات ، لا بد أن تكون المقابلات موضوعية و أسئلتها مقننة و ممنهجة وإن  لا تكون وليدة اللحظة ، و أن يبتعد أعضاء اللجان عن العشوائية ، وأن يكون لديهم الأطر والأسس العلمية والإدارية المنظمة لذلك و أن يتمتع كل عضو في اللجنة بكفايات  شخصية   و علمية و مهارية و إدارية وتنظيمية . ويجب أن تتراوح أسئلة المقابلات ما بين أسئلة افتتاحية و أسئلة مهنية تتعلق بالعمل  و أسئلة متعلقة بالخلفية التعليمية لطالب الوظيفة  و أسئلة متعلقة بالخبرة و أسئلة استشرافية وهي أسئلة تهدف إلى سبر غور رؤية المرشح  تجاه العمل للوظيفة الشاغرة . وهنا دعوة لكل من يهمه الأمر إلى ضرورة  تأهيل لجان المقابلات من خلال حقيبة تدريبية(Training Package) تعنى بإدارة المقابلات الشخصية من حيث   وضع نظام مهني واضح بكيفية آلية إجراء المقابلات و صياغة ووصف المعايير و آليات صنع و اتخاذ القرار. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد