تساؤلات أميركية حيال مصر الإخوانية

mainThumb

27-07-2012 03:59 PM

 لا يزال الباحثون الجديون الاميركيون يحاولون معرفة آثار انتخاب رئيس لجمهورية مصر ينتمي الى جماعة "الاخوان المسلمين" على بلاده اولاً، ثم على المنطقة فعلى معاهدة السلام الموقّعة مع اسرائيل، وأخيراً على المصالح الدولية في العالم العربي، وعلى الحلفاء العرب لواشنطن. ولا يزالون في الوقت نفسه يسعون الى معرفة رأي الرأي العام في اميركا والشرق الأوسط في الانتخاب المشار اليه اعلاه. 

هل توصل هؤلاء الباحثون الى نتائج جدية ونهائية جراء محاولاتهم المذكورة؟ يجيب أحد ابرزهم، وهو للمناسبة مؤيد بقوة لاسرائيل، ان انتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر يشكّل حداً فاصلاً بين مرحلتين. فهذا الانتخاب، وبعد 84 سنة من تأسيس "الاخوان المسلمين"، وبعد 60 سنة على انقلاب الجيش المصري على الملكية في بلاده، هذا الانتخاب زاد كثيراً احتمالات وإمكانات قيام حكم اسلامي (اسلاموي) في أقوى الدول العربية وأكثرها سكاناً. ويؤكد الانتخاب نفسه للولايات المتحدة، مضافاً إليه قتل اسامة بن لادن مؤسس "القاعدة"، الانتقال من التهديد العنفي للتطرف الاسلامي الى تهديد آخر اكثر تعقيداً يشكّله وصول تيار إسلامي الى السلطة في دولة عربية، ولكن غير عنفي وذي طموحات اقل من الإسلامية الراديكالية.
 
على هذا النحو، يضيف الباحث الاميركي اياه، هكذا ويا للأسف تنظر الحكمة التقليدية (Conventional Wisdom) إلى انتصار مرسي. فجريدة "النيويورك تايمز" مثلاً وصفت انتخاب الاخير بأنه "فوز رمزي"، لأن المجلس الاعلى للقوات المسلحة الممسك بالسلطة، او الموكلة اليه السلطة، "شلَّح" رئاسة الجمهورية في السلطة التنفيذية الكثير من الصلاحيات، وحلّ مجلس الشعب بعد ايصال الشعب وفي انتخابات عامة نزيهة غالبية اسلامية الى عضويته تفوق نسبتها الـ70 في المئة. وهو يحاول بذلك خلق وضع يمكنه من الاشراف المباشر على امرين مهمين جداً هما وضع نص الدستور الجديد للدولة المصرية، ووضع قانون جديد للانتخابات التشريعية وتحديد موعد اجرائها. انطلاقاً من ذلك، يلفت الباحث الاميركي اياه، سيكون خطأ كبيراً التركيز فقط على العقبات التي وضعها "العسكر" في مصر امام "الأخوان المسلمين" بل امام الإسلاميين، وذلك من اجل التأكيد للخائفين منهم في الداخل والخارج انهم لن يستطيعوا تنفيذ اجندتهم خفية كانت أو معلنة، وتحديداً لن ينجحوا في تحويل مصر دولة دينية يحكمها الشرع مثل ايران او مثل السعودية او مثل افغانستان الطالبان. وهذا امر تخشاه غالبية الشعب المصري رغم ان مسلميه متدينون كلهم. فـ"الاخوان" المتجذرون في مصر، فضلاً عن السلفيين المستجدين على الساحة المصرية سياسياً وشعبياً الذين دعم نشأتهم وقواهم نظام مبارك بغية وقوفهم في وجه "الاخوان"، ودولة عربية غنية كبرى، فهؤلاء "الاخوان" قادرون على ملء اي فراغ سياسي يسمح لهم "العسكر" بأن يملأوه، مثل التظاهر الحاشد في "ميدان التحرير"، والانطلاق منه لوراثة الثورة التي اطلقها ليبراليون، ومثل الحاق الهزيمة بأخصامهم في الانتخابات النيابية المقبلة، ومثل الوصول الى الرئاسة (وهذا حصل). والمتابعة الدقيقة لكل ما جرى في مصر منذ نشوب ثورة شعبها في 25 يناير 2011 أظهرت ان اسلاميي مصر فازوا كلما واجهوا تحدياً سياسياً كبيراً او متوسطاً او حتى صغيراً. والرهان ضدهم اي على انهم "سيفرطون" او يخسرون فقط لأن المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية نفّذ خطوات من شأنها تعطيلهم، هو على الارجح غير حكيم. كما ان الاعتماد على العقبات التي وضعها المجلس الاعلى نفسه على طريق "الاخوان" والإسلاميين عموماً، وذلك من اجل "اخراج قطارهم عن السكة" إذا جاز التعبير على هذا النحو، قد لا يكون في محله، ربما لأنه غير مؤهل لذلك. علماً ان ما يجب ان يفعله هو المناورة بغية التفاوض مع هؤلاء حول تسوية تحفظ صلاحيات الجيش المصري (او ربما امتيازاته) في دولة يحكمها الإسلاميون.
 
ما هي القضايا "المصرية" التي يعتقد الباحث الاميركي نفسه ان بلاده تتأثر بها جراء انتخاب "الاخواني" محمد مرسي رئيساً للجمهورية؟
 
هي ثلاث، يجيب. أولاها، اي طريق ستختار مصر لترتيب اقتصادها المتردي وتالياً لتلافي التحوّل "دولة فاشلة"؟ مبادرات شعبوية لتحقيق العدالة الاجتماعية ام اقتصاد سوق قائم على خبرة الاستثمار وخلق فرص عمل؟ وثانيتها، بأي سرعة ستتم "أسلمة" مصر؟ وهل تذهب "الأسلمة" الى حد المس بالتسامح دينياً حيال الأقباط واجتماعياً حيال المرأة وحيال حقوق الإنسان كلها. وثالثتها، هل ستحافظ مصر على سياستها "التقليدية" المؤيدة للغرب وللسلام والمعادية للتطرّف أم ستعتمد نهجاً أكثر حيادية حيال ذلك كله؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد