هل سننزلق الى الازمة السورية ؟

mainThumb

30-07-2012 03:07 PM

لقد كثرت التصريحات والتحركات بشان الازمة السورية في الساحة الاردنية والتي كان ابرزها تصريحات رئيس الوزراء بان الازمة السورية وصلت الى طريق مسدود ولا يمكن ان تحل بالحوار السياسي وان الاردن سوف يحمي حدوده الشمالية  تبعه استنفار قوي للجيش الاردني على الحدود مع سوريا مع تسرب معلومات عبر بعض وسائل الاعلام من تواجد وحدات مقاتلة من القوات والمخابرات الامريكية تعمل بالتنسيق مع الجيش الاردني للتدخل والسيطرة على الاسلحة الكيماوية والجرثومية السورية ومنعها من الانتقال الى منظمات ارهابية كل هذا جعل المحللين السياسيين يعتقدون ان الاردن ربما اصبح قاب قوسين او ادنى من التدخل بشكل مباشر او غير مباشر في الازمة السورية و قد حاول وزير الخارجية لملمة الامور او حتى نفض اليدين مما صرح به رئيس الوزراء من خلال الشرح والتوضيح في احدى المؤتمرات الصحفية وهذه ظاهرة جديدة في الاردن حيث ان وزير الخارجية يقوم بنفي كلام رئيسه وان دل هذا فانما يدل على ان رئيس الوزراء لم يكن مطلقا موفقا أو متوافقا مع قمة هرم السلطة في تصريحاته الاخيرة وان الموقف الرسمي لا زال كما هو من االازمة السورية, ضف على ذلك تسلل اربعة افراد اردنيين داخل الحدود السورية والاشتباك مع الجنود السوريين وتصفيتهم ونشر اسماءهم وصور جثثهم في وسائل الاعلام ونعيهم بالشهداء من قبل قائد الجماعات السلفية في الاردن واعترافه الصريح بانهم كانوا ذاهبين للاشتراك في هذه الحرب الداخلية, ثم جاء اعلان الحكومة السورية بانها قتلت واسرت عددا من الاردنيين في معارك ضواحي دمشق وارسالها عينه من قذائف الهاون الى مدينة الرمثا الحبيبة ,و اخرها الاشتباك الذي حصل اثر تدخل الجيش العربي الاردني لحماية اسرة سورية هاربة من جحيم الحرب الدائرة هناك واصابة جندي اردني رغم النفي الرسمي لهذا الحادث, كل هذه مؤشرات على حالة التازم التي تعيشها الحدود السورية الاردنية الآن.
 
اننا كمواطنين اردنيين من حقنا ان نفهم ما يجري حولنا وهل نحن حقا سائرون ام مسيرون الى الانزلاق بهذه الحرب الاهلية والتي لا تخدم في نظرنا الا مصالح اعداء الامة في المنطقة ؟ ان الاحداث المتسارعة داخل سوريا في الاونة الاخيرة تظهر بوضوح ان اهم هدف لما يسمون باصدقاء وداعمي سوريا هو تفكيك الجيش العربي السوري وتدميره والسيطرة على الاسلحة الجرثومية والكيماوية التي يمتلكها في حين تناسوا هؤلاء ان لدى اسرائيل المتخوفة المتباكية اطنانا منه ولا يحركون ساكنا تجاهها , ان الهم الامريكي والاوربي وحلفائهم هو فقط حماية امن اسرائيل في المنطقة حتى لو كانت التكلفة المزيد من دماء شباب ونساء واطفال سوريا بل وتفكيكها, كل هذا يثير العديد من الاسئلة التي تحتاج الى اجوبة صريحة وشفافه ومنها: هل هناك حقا نية لدى قيادتنا الاردنية للانجرار والتدخل في الازمة السورية؟ وهل نحن في الاردن حقا قادرون على تحمل تبعات هذا التدخل من نفقات مالية وضحايا؟ الا يمكن ان يؤدي هذا التدخل الى ان تصدر هذه الازمة الينا ؟ واذا ما صدرت لنا هذه الازمة ,هل حقا جبهتنا الداخلية محصنة لهذه المهمة؟ ثم الا يكفينا الفساد الاقتصادي لندخل في ازمات سياسية ومعارك جانبية ستؤدي الى المزيد من النفقات و ستنعكس سلبا على اقتصادنا المتهاوي اصلا؟ .ان الذين يعتقدون ان جبهتنا الداخلية محصنة وقادرة على الصمود امام اي تصدير للمشكلة السورية هم واهمون وذلك لعدة مخاطر تحيط بنا وتهدد مستقبلنا منها:1. مخاطر ازمة الانتخابات والصوت الواحد وانقسام الشعب الاردني بخصوصه ما بين معارض ومؤيد والتهديد بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة من قبل العديد من الفئات الاردنية وما نشهده من حالة التأزيم والاحتقان في الساحة الاردنية2. مخاطر التجييش الطائفي للفصلين الاساسين في الوطن من خلال التخويف بما يسمى الوطن البديل لفصيل مقابل الحقوق المنقوصة للفصيل المقابل والذي تروج لها وسائل اعلام مغرضة عبر مقالات وتعليقات طائفية جهوية لاقلام مأجورة من الطرفين باعوا انفسهم للشيطان ولاعداء هذا الوطن 3 . فئات اردنية للاسف محسوبة على النظام السوري موجودة في الساحة الاردنية تدافع عنه عبر مظاهراتها واقلامها لدرجة التعصب الاعمى بحجج العروبة والمقاومة والتي كلها ثبت زيفها واسقطتها الانتفاضة والثورة السورية الباسلة ,هذه الفئة القليلة تجاهلت اردنيتها و مشاعر كل الاردنيون المتعاطفين مع اخوتهم بسوريا واصرت على ان يكون ولاؤها لخارج الوطن من هنا نحن نراها اخطر من الفئة السورية التي دخلت أو ادخلت الى الساحة الاردنية للعبث بامنها والتي تعمل كخلايا نائمة لهذه الفئات و تنتظر الاوامر من اسيادها في دمشق ,فلنكن حذرين ولا نعطيهم اية فرصة لتصدير ازمتهم لنا.
 
اننا نقول حذاري من السير خلف جهات تريدنا الانجرف الى هذه الازمة ليس لانهم يحبون الخير لنا او حتى  لتحرير الاخوة السورين كما يروجون فالذين حرقوا الفلوجه في العراق بقنابل سامة ومحرمة دوليا لا يمكن ان تقبل دموعهم الخادعة على حمص وحماه او حلب والذين سكتوا وساعدوا على حرق غزة بقنابل من صنع اياديهم لا يمكن ان يكونوا نصيرين للمدن السورية وحرية شعبها والذين لا يفقهون معنى للديموقراطية لا يمكن ان ينقلبوا في يوم وليلة لنصراء ومصدرين لها , كلهم كاذبون لانهم لو كانوا صادقين لتركوا السوريين بثورتهم السلمية لوحدهم لانه شعب عرف طريقه جيدا وكل ما كان ينقصه الدعم المالي والمعنوي ,ان هؤلاء يعرفون جيدا لن النظام السوري مهما صمد فهو زائل عاجلا ام اجلا وان الشعب السوري مصمم على ذلك حتى لو كلفه مليون شهيد هذا ما تظهره اعداد القتلى التي تسقط كل يوم ثمنا للحرية, وما الانشقاقات الحاصلة فيه الا مثال على تهاوي هذا النظام وفقدانه للسيطرة على زمام الامور لذلك فان كل هذه التصريحات والتدخلات الخارجية تصب في خدمة اطالة عمر هذا النظام المتهور الغارق الى اخمص قدميه بدم شعبه لأنها تمده بطوق نجاة من خلال تصدير ازمته ومشاكله الى الدول المجاورة ومنها على وجه الخصوص الاردن لما يكنه هذا النظام من حقد وعداوة له فهو لم يعد يحسب حسابا  للخسارة ولا للانسانية وكان حاله يقول اخسر وخسر الاخرين من حولك لذلك علينا ان لا نستبعد ابدا تصدير ازمته لنا هذا ان لم يكن قد صدرها وهي جاهزة للانفجار في اية لحظة من هنا نخاطب الاجهزة الامنية ان تكون دائما عيونها صاحية مئة بالمئة.
 
ان الذين يراهنون على سقوط واستسلام بشار بسهولة هم واهمون وعلينا ان لا ننسى المقولة بان زعماء العالم الثالت لا يتركون كراسيهم الا مقتولين او منفيين او ميتين , فالاحداث السابقة المماثلة في العديد من الدول العربية التي مر عليها الربيع العربي اثبتت مدى تشبث زعماء هذه الدول بالسلطة وعدم المغادرة حتى لاقوا مصيرهم بالقتل او السجن او النفي رغم انهيار جيوشهما ولم يكن لهم لا حليف ولا صديق مدافع في مجلس الامن كما هو الحال مع بشار ,هذا دليل قاطع بانه سيكون الاكثر صمودا و دموية من كل ما سلف خاصة اذا عرفنا انه لا زال مدعوما من جيشه الذي لا زال متماسكا الى حد ما واصدقائه الروس والصينين في مجلس الامن وحلفائه الايرانين وحزب الله الذين يمدوه بالمال والسلاح والرجال و الذين بالتأكيد لن يتركوه وحيدا يواجه حبل المشنقة, لانه سيصلهم لاحقا ان تركوه يلتف حول عنق بشار فرقابهم اكثر طلبا وثمنا من رقبته للامريكان والاسرائيلين .ان هذا المستنقع وكما يبدوا ليس له نهاية وسوف يمتد لسنين لانه تمهيد لحرب اهلية طائفية مذهبية في المنطقة خططت لها اسرائيل وحلفائها بنجاح تام حتى لا يكون قويا في هذه المنطقة الا هي وكل من يتوقع انه في منأى عن هذه الفتنة هو واهم فالكل مسير لها لا مخير هذا ما يظهر جليا.
 
اخيرا نقول نحن لسنا ضد مساعدة الاخوة السوريين بل على العكس ان افضل خدمة لهم هو عدم تدخلنا لاننا نمثل لهم الرئة الاخيرة التي يتنفسون منها ومن مصلحة النظام جرنا لهذه الازمة حتى يقطع هذه الرئة عنهم, اما المراهنين على دعم وحماية الولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الغربية نقول لهم انتم واهمون لان هذه الدول تقدم مصلحة اسرائيل على مصالحها في المنطقة واما الحرية والديموقراطية فهي مظلة للسيطرة على ثرواتنا واذلالنا وتهويد و ترحيل ما تبقى من فلسطين وفلسطينين لتحقيق حلم الدولة اليهودية وجعل الاسرائيلي السيد المطلق في هذه المنطقة وهذا طبعا لا يتم الا من خلال تدمير الجيش العربي السوري والقضاء على كل اسلحته الكيماوية والبيولوجية كما حصل للجيش العربي العراقي والليبي ومن قبل للجيش المصري وتحويل هذه الجيوش الى تماثيل لا اكثر وتحت رحمة وسيطرة الامريكان كما هو حاصل بالجيش المصري الآن ,وأي من زعماء دول المنطقة يتعارض مع هذه المصالح حتى لو انه من افضل الموالين لها فهي لا تتوانى عن ازالته من الوجود والامثلة التي حصلت في الاونة الاخيرة تدل على صدق اقولنا ,لذا فان الذي يحمي ويبقي الزعماء حب وولاء شعوبهم لهم , لذلك علينا كشعب اردني بكافة منابته واصوله ان نأخذ العبر لما يجري حولنا لنزيد من لحمتنا الوطنية و نلتف حول قيادتنا الهاشمية بالولاء والانتماء الحقيقين و نبتعد عن المزايدات التي لا تخدم الا اعداء الاردن ونشكر الله على ما نحن فيه من امن وامان وان نفتح الاعين جيدا وندرس تبعات كل خطوة لنا وان نضع مصالحنا في المقدمة ,حمى الله وطنى الاردن وقيادته الهاشمية من كل الفتن والازمات وادام عليه نعمة الامن والامان انه السميع المجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد