إنّها أزمة فكر وإدارة

إنّها أزمة فكر وإدارة

10-09-2012 01:17 PM

 لقد ميّز الله الخالق تعالى الانسان عن سائر المخلوقات بالعقل والفكر؛ وما جعل الله الانسان خليفة في أرض الله على أمر الله إلّا لأنّه عاقل يميّز بين الخير والشر والغث والسمين ؛ ومن عدل الله تعالى أنّ من حرمه الله نعمة العقل من بني البشر أسقط عنه التكاليف الشرعية ( فاذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب.

 
وبدون تفاصيل وشرح يطول؛ لقد غدا حالنا في الأردن أسوأ حال،فلقد توالت الأزمات تترى مالية واقتصادية وسياسية واجتماعية وتربويّة ، والمصيبة الأدهى والأمرّ أن تفاقمت الأزمات تدفع بعضها بعضا حتى وصلت الى أمن المواطن وأخلاقه؛ ولا يخفى على أحد مدى الهزّات العاتية الّتي لحقت بمنظومة الأمن العام الشامل ومنظومة القيم الأخلاقية ، حتى أصبحنا نعيش حالة من الفوضى وكأنّها جاهلية ماقبل الاسلام الّتي كان شعارها:
 
وهل أنا اإلاّ من غزيّة إن غوت...... غويت وإن ترشد غزيّة أرشد.
 
فأيّ بلطجيّة هذه الّتي انتشرت في هذه الأيّام حتّى عبّر أحدهم غاضبا مقهورا ممّا يرى من سلوك مشين وحتّى ممّن يدّعون أنّهم من القيادات الاجتماعية العليا، اذ يستعينون بالبلطجية لتنفيذ مآربهم ، فحقّا قالها ذلك الوطني الغيور ( وهل يريدون الأردن ليكون حارة كل من إيده إله ؟ ).
 
والسؤال الأهمّ هنا هو من أوصلنا الى هذه الأحوال المزرية الّتي لاتسر عدوا ولا صديقا ؟ 
 
والجواب واضح جلّي لايحتاج دليلا أبدا ، لقد أوصلتنا الادارة العقيمة الى كلّ هذه الأزمات، ولعلّ قائلا يقول لا بل هي السياسة العاجزة القاصرة، وأجزم هنا أيضا أنّ قصور السياسات في جميع المجالات مردّه الى سوء الإدارة، لقد عانينا وما زلنا نعاني في سياسة ادارة الموارد ، وسياسة ادارة المال العام، وسياسة ادارة التخطيط ، وسياسة ادارة التوجيه الوطني ،وسياسة ادارة الموارد والثروات الزراعية والطبيعية، وسياسة ادارةالتعليم العام والتعليم العالي، وكلّ ذلك أودى بنا حتما الى اتّباع سياسة ادارة عقيمة تعتمد أساس سياسةادارة التسيير( خلّيها تعدّي ) وابتعدنا عن اتّباع سياسة التطوير والابداع الّتي لا تكون الاّ من خلال تبادل الأفكار بالحوار ،، وللأسف الشديد ، وفي ضوءالانفتاح والفضاء المفتوح والسر المفضوح وثورة المعلومات والاتصالات، فإن الدولة لم تكن قادرة أيضا على ادارة ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يتفق مع ثوابتنا الدينية والقوميّة والوطنية حتى لحق الضياع بالجميع،وأصبحت الدولة عاجزة عن التعامل مع هذا الطوفان الّذي أغرقها في وقت الثورات العربيةالّتي أتت على الأخضر واليابس من حولنا.
 
وقد حاولت الدولة على استحياء تلبية بعض مطالب الشعب في الحريّة والعدالة والمساواة والتشريعات الدستورية والقانونيّة ومحاكمة الفاسدين.ممّا لم يلبّ طموح المواطنين أبدا .
 
وهنا لابدّ من كلمة حق وصدق مع الله نبتغي بها وجه الله تعالى ثمّ محبتنا لهذا الوطن؛ فالناظر بعين العقل يقول : إنّ مشكلة الدولة بشأن الاصلاح مردّها عقم وتباطؤ وتلكؤ في سياسة ادارة الأزمات، وقد يكون الهدف كسب الوقت، وهذا كذلك فكر قاصر لا يعرف سياسة ادارة البشر الّتي هي أصعب وأشد من ادارة كلّ الموارد وغيرها، فهنا التعامل مع الانسان صاحب الفكر والأحاسيس والمشاعر المؤثر والمتأثر في كل مايرى ويسمع ويقرأ في هذا الفضاء الرحب المفتوح.
 
فسياسة التجاهل والتباطؤ هي سبب رئيس لحالة الاحتقان الشعبي غير المسبوقة؛؛ فالمواطن الأردني الّذي يعاني جوعا وظمأ وعريا وفاقة وقد صبر طويلا واصطبر يفزع مقهورا وهو يرى بعض من سرقوا ونهبوا مقدرات الوطن يسرحون ويمرحون في الداخل والخارج دون حساب ، وأن من قدّموا للمحاكمات لم يحكم منهم أحد. وأمّا عن الواسطات والمحسوبيات وانعدام المساواة بين الاردنيين في الحقوق والواجبات الا على الورق فحدّث ولا حرج ، هذا عداعن الرشاوى وتوريث المناصب العليا دون وجه حق ورفع الاسعار غير المبرر وارتفاع فاتورة التعليم العالي حتّى أصبح التعليم فقط للأغنياء وألأثرياء؛ ولقد ذهلت هذا اليوم وأنا أقرأ رسالة من أحد طلبة الثانوية العامة لهذا العام 2012 وهوالحاصل على معدّل( 97،1 ) من أبناء الكرك يعرض شهادته للبيع!!!! فشر البليّة ما يضحك .!!
 
لكن ، مع أننّي من أول المطالبين بالاصلاح، واتّهم حكومات متعاقبة بالتقصير البيّن،إلاّ أنّ كلمة الحقّ مدويّة تقول : على من يطلب الاصلاح ( وهي رسالة الأنبياء ) أن يكون عفّ اللسان، لا يشتم ولا يقذف شخصا أيّا كان مستوى مسؤوليته ولا يطعن بأخلاقه أو عرضه، ذلك لأنّ هذا يتنافى مع شرع ربّنا ، فالرسول عليه السلام الّذي أمضى ثلاثة وعشرين عامافي اصلاح أحوال البشر يقول وهو المؤيد من الله الواحد العزيز الجبّار : ( ليس المسلم بالطعّان ولا اللعّان ولا البذيء...) . كما أنّ هذا الأسلوب المشين ان لم يؤخر الاصلاح فلن يسرّع به أبدا .
وبعد هذا السرد الموجز أدعو ومن خلال هذا المنبر الاعلامي بعد أن باءت الحكومات بالفشل الذريع لالتقاط فكر الشارع الأردني وابتعدت عن سياسة الحوار الهادف الصريح الصادق مع المواطن وهو صاحب المشكلة وجزء مهم من الحل بل كل الحلول من أجله ، لأنّ المواطن هو الوطن وبدونه لا قيمة للوطن ،بل لا وطن بلا مواطنين.
 
وهنا يطيب لي بل واجب الأمانة يدعوني كي أتوجه الى صاحب المقام السامي سيّد البلاد بهذه الكلمات :
 
خمس حكومات يا سيّد الديار كانت سببا بسوء تعاملها مع الأردنيين فيما وصلنا اليه من سوء أحوال قد ينذر بخطر لا قدّر الله، إنّها حكومات لم تعتمد الحوار مع المواطنين وخاصة الحراك الاصلاحي العاقل بل بعضها اتّخذ من الحراك ندّا ، وبجهلهم أصبحوا يبحثون عن أضداد وأنداد فأسقطوا من حيث يعلمون أو لا يعلمون شعارنا المبارك النبيل الجليل ( كلّنا الأردن ) فجعلوا بقصد أو بجهل ( العرب عربين )، ونحن قد تربينا على قول الله تعالى ( وأنّ هذه أمتكم أمّة واحدة ) ومن ثمّ على مقولة باني الأردن المغفور له باذن الله الحسين بن طلال ولقد والله سمعته بأذني يقول :( إنّ من يمس الوحدة الوطنية هو خصمي الى يوم القيامة ) ؛ ومن بعد فلقد كررتها وأنتم سيّد بلادنا ( الوحدة الوطنية خطّ أحمر ). ونحن الآن أحوج مانكون لبعضنا ، فبالحوار حتّى مع الخصوم يمكن الوصول الى حلول لكل المشاكل، وليس عندنا خصوم والحمد لله ، إنّما هي وجهات نظر قد تختلف في الصياغة والأسلوب ، لكن كلّنا نلتقي على مصلحة الأردن؛
 
لقد حاور ربّ العزة الشيطان فقال تعالى ( مامنعك يا ابليس ألاّ تسجد )؛ فبالحوار بصدق وصراحة من أجل الاصلاح يلتقي الجميع فمن يعارض يعارض لأجل الوطن ومن يوافق يوافق لمصلحة الوطن ؛ فهذه دعوة لمؤتمر عام فيه نلتقي وهدفنا معا بالوطن نرتقي، وخير زاد لنا الله الله نتقّ، والله المستعان.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد