التلميحات التصعيدية بين أسطر كلمات فيصل الفايز

mainThumb

01-10-2012 08:58 PM

الكل يتابع ويشاهد الحالة المتأزمة على الساحة السياسية الاردنية , فمن برلمان شبه ميت وحكومة شبه مقالة الى شعب منقسم الى ثلاثة فئات, الفئة الاولى المعارضة ممثلة بالحركة الاسلامية وبعض من حركات الحراك الشعبي الاردني والفئة الثانية الموالاة التي اكد وجودها النائب فيصل الفايز فلأول مرة يستخدم رجل مهم في هرم السلطة تعبير (الولاء) الذي تصرفه تقارير الإعلام بالعادة لمن يتجمعون مقابل كل مسيرة للمعارضة ويهتفون بالولاء أو يحاولون الإعتداء على نظرائهم في الحراك والمعارضة. 

 
الثالثة فهي فئة الغالبية الصامتة من العقلاء والمفكرين الذين باتوا يخافون من تهور هاتين الفئتين يوم 5|10 وحصول ما لا يحمد عقباه في هذا اليوم الذي اصبح يؤرق الاردنيين ويتمنون عدم قدومه ,انه بات من الشبه المؤكد ان الحركة الاسلامية والاطراف الاخرى من المعارضة مصممون على السير قدما في هذه المسيرة وما تصريح زكي بني ارشيد بان السير في قانون الصوت الواحد هو عملية انتحار له استفزاز وتحذير واضح لاصحاب القرار وضرب على الوتر الحساس للمؤسسة السياسية الاردنية وبالتالي قابلته بقرار اقوى وهو التاكيد على ان الانتخابات سائرة في طريقها بقانون الصوت الواحد,كل هذه ادلة واضحة على حالة انعدام الثقة بين كلا الطرفين وانهما مصممان على السير كل في مخططه وان الابواب اوصدت واننا وصلنا الى مرحلة ابوابها مشرعة لكل المخاطر وافضل دليل على هذا ما صرح به الفايز الرجل الثاني الذي كلف بمحاورة الاخوان المسلمين وله علاقة معهم عندما خاطبهم وحذرهم عبر الإشارة بان مسيرتهم الضخمة قد تؤدي إلى (فتنة) وقد تثير الحساسيات بين مكونات المجتمع وقد تدفع جماعات (الولاء) للرد فيحصل ما لا يحمد عقباه, ان ما لا يريد الشيخ زكي ورفاقه في قيادة الأخوان المسلمين ملاحظته أن إستخدام مثل هذه التعابير بقوة من شخصية رسمية بحجم الفايز مؤشر إما على حصول وضع (ميداني) قد لا تستطيع السلطة التعامل معه وفقا لقواعد الإشتباك المعتادة في ميادين الإعتصام. أوعلى تهديد واضح وصريح يقول لهم : ان هناك من سيتصدى لكم غير العسكر والشرطة في الميدان ,ان الوضع كما يبدو في غاية التأزم وان لم يتم تداركه وتغليب العقل ومصلحة الوطن فاننا بالتاكيد مقبلون على فوضى تهدد امننا واستقرارنا خاصة في ظل التوترات المحيطة بنا والمؤمرات التي تحاك لنا بالخفاء من اعدائنا واقرب حلفائنا رغم اليد الحنونة التي تمد الينا من بعض هذه الجهات.
 ان الملفت للانتباه في هذه التطورات المتسارعة هو محاولة الفئتين المتصارعتين بالساحة الاردنية لتحقيق اهدافهما ضاربتين بعرض الحائط مستقبل الوطن الاردني فالحركات المعارضة تريد استغلال هذا الارتباك الداخلي والاضطراب في الجوار الخارجي لفرض ما يسمى بالربيع العربي في وسط عمان للضغط على اصحاب القرار للحصول على كل ما تريده وبسط اجنداتها على الوطن كما حصل في بعض الدول العربية , في الجهة المقابلة تحاول الموالاة باستماتة المحافظة على مواقعها و مكتسباتها لدى اصحاب القرار مراهنة بذلك على فشل مشروع الاصلاح والتغيير من خلال اللعب تارة على شماعة الوطن البديل وتارة اخرى على العامل الديموغرافي مجزأة ابناء الوطن الى طوائف واقاليم وما الى ذلك والتي هي للاسف ذر الرماد في عيون الاردنيين للابقاء على مصالحها للمزيد من الفساد خاصة اذا علمنا ان العديد من رموزها متورطين في معظم قضايا الفساد التي تنظرها المحاكم الاردنية والتي بات معظم الاردنيين يحملونها كل مصائبه وحتى النيل من سمعة قيادتهم ويريدون التخلص منها اليوم قبل الغد. 
 
ان اصرار الحركة الاسلامية على المسيرة يوم الخامس من الشهر القادم واطلاق التسميات الغير موفقة لها  " من الزحف المقدس الى انقاذ الوطن " كلها تعبيرات مرفوضة وليست في محلها رغم اننا مع حرية التعبير السلمي الا أنها مستفزة وتحمل في طياتها عدوانية وتحدي وتجاوز لكل الخطوط الحمراء , فما المقصود بالزحف المقدس وانقاذ الوطن ؟ من هؤلاء الذين يحتلون الوطن للنحرره وننقذه منهم؟ وهل تحرير بيت المقدس يمر من خلال اصلاح النظام وتعديل الدستورالاردني؟انها كلمات حادت عن الصواب وخاصة عندما تتلازم مع اصرار رموز هذه الحركة على عدم دخول الانتخابات قبل تعديل الدستور واصلاح النظام وتقليص صلاحياته في حين هي تدرك كل الادراك ان الاردنيين مختلفين في كل شيء لكنهم مجمعين على شيء واحد هو القيادة الهاشمية وعدم المس بها وبصلاحياتها,لانها خطوط حمراء في التوافق والتعايش السلمي للمواطنين الاردنيين , ان كل هذه التعبيرات الملتوية تخبيء ما هو اكبر منها وخاصة ان الحركة لا زالت ترواغ في عملية اندماجها في الانتخابات التي دعى لها صاحب الجلالة, بل تحاربها وتريد افشالها بحجج متعددة منها التزوير حتى قبل ان تبدأ وانه لا مصلحة لها فيها في ظل عدم تلبية شروطها انفة الذكر, اننا قلنا في اكثر من مقال انه لا احد مع قانون الصوت الواحد رغم كل التبريرات التي تساق بالذات من الحركة الاسلامية وقلنا ان المصلحة الوطنية تقتضي الرشد وعدم جعل قانون الصوت الواحد المسمار الذي يدق في نعش امن واستقرار الوطن , ان الحركة الاسلامية تدرك جيدا حتى في ظل الصوت الواحد هي قادرة على التفوق لانها الحزب والحركة الوحيدة التي منحت العمل في الساحة الاردنية طيلة السنين الماضية واعطيت كل الدعم والتسهيلات بل وشاركت في بعض الاحيان بالحكم على عكس كل زميلاتها من الحركات المعارضة, لذلك فهي الاكثر تنظيما سياسيا وماليا من كل الاحزاب والتيارات المتواجدة على الساحة الاردنية , من هنا ياتي التساؤل: هو لماذا كل هذا التعنت؟ هل التصريحات الاخيرة لبعض قيادات هذه الحركة رسائل لاصحاب القرار ان المطالب تعدت قانون الصوت الواحد وان هناك ما تراهن عليه هذه الحركة؟.
 
ان تحليل وتصوير مطالب الحركة الاسلامية الاردنية بانها تخدم طائفة اردنية هو حق اريد به باطل لانه حاد عن الحقيقة ولا يخدم المصلحة الوطنية وهو تجييش طائفي مرفوض, اننا اذ نرفض كل ما ما يسمى الحقوق المنفوصة والمحاصصة الطائفية ولكننا في نفس الوقت نرفض بل نمقت شماعة الوطن البديل التي تطل علينا بوجهها القبيح ما بين الحينة والاخرى وتقسم ابناء الوطن الواحد على اسس ديموغرافية او طائفية او اقليمية لانها قلب للحقائق وشق للصف الاردني وتمزيق له وهي الخطوط الحمراء المحرمة عند القيادة الهاشمية ,وأما بخصوص قانون الصوت الواحد فهو مطلب ليس مقصورا على الحركة الاسلامية بل هو راي قطاع كبير من النخب الاردنية بشتى اصولها ومنابتها وحتى قيادتها والاختلاف هو في الطريقة والوقت , واما تفليص صلاحية القصر فهذا مطلب مقصور على الحركة نفسها و الغرب اردنيين براء منه ويرفضونه مع اخوانهم الشرق اردنيين وهم سمن على عسل في هذا الموضوع , واما حجة الديموغرافية التي قد تحدث خلل في مجلس النواب لصالح فئة على اخرى فهذا كذلك مردود على اهله وافضل دليل الانتخابات الاخيرة وما افرزته من نواب وبالذات في عمان حيث الثقل العشائري ضعيف بل يكون معدوما ومع هذا معظم نواب عمان هم من ابناء العشائر الشرق اردنية العريقة واما نواب الحركة الاسلامية سواء في الجنوب او الوسط او الغرب او الشرق فجلهم كذلك من ابناء العشائر الشرق اردنية الاجلاء , كل هذا يدل على حقيقة واحدة ان الانتخاب لم ولن تتم على اسس طائفية لا في الماضي ولا في المستقبل سواء في العاصمة أوشقيقاتها سائر مدن الاردن الحبيب وان كل هذه الشماعات لم تعد تنطلي على الشعب الاردني, وصدق رسولنا الكريم عندما قالها صريحة "الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها " و ويقول: ((دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)),ان كل تليمح طائفي اقليمي يندرج تحت هذه الكلمات ,لذلك فان تصوير الحركة الاسلامية بانها حركة يسيطر عليها الغرب اردنيون تريد الانقضاض على الحكم بالديموغرافية لم يكن موفقا على الاطلاق وبالذات في هذا الوقت.
 
 
اخيرا نقول ان هذه المسيرة مثلها كسابقاتها كما اشار مدير الامن العام الذي نحن معه قلبا وقالبا في هذه المحنة وندعو الله ان يوفقه, وعلينا ان لا نعطيها زخما اعلاميا مهما كانت وفي نفس الوقت الواجب على اصحاب القرار في اجهزتنا الامنية ان يضعوها تحت سيطرتهم وان لا يخرجوها عن نطاقها بما يسمى مسيرات الولاء بل يجب وقف اية مسيرة مناهضة لهذه المسيرة اذا ما اريد السيطرة على الوضع وتفويت الفرصة على وسائل الاعلام الاجنبية المترصة بنا من استغلال اي تدهور امني لا سمح الله, و اما مسيرة المولاة فيمكنهم ان ان يحضروا لمسيرة مقابلة ولكن في يوم اخر, بالمقابل انه من الواجب على اصحاب القرار في ادارة هذه المسيرة ان ياخذوا بعين الاعتبار كل التحذيرات التي صدرت وتصدر من جهات امنية مسؤولة بحس وطني مسؤول من امكانية عدم ضبط مسيرة كبيرة يزيد عدد المحتجين فيها عن خمسين الف شخص في منطقة محدودة وسط زحام عمان و عدم ضمان ما تفكر به بعض المستويات المغامرة في دوائر القرار والتي يمكنها ان تستغل ورقة التعبير الوطني الطائفي الاقليمي  لوقف جموح مثل هذه المسيرة الضخمة , نحن متأكدين ان الحركة الاسلامية الاردنية والحركات الاخرى تتمتع به و بدرجة عالية ,انه على ما يبدوا ان كل الابواب مفتوحة للتصعيد اذا لم يتدخل الحكماء لوقف كل عبث في مسيرة امن واستقرار هذا الوطن والاهم هو تحلي رجال الامن بالصبر والحلم والحزم حتى تمر هذه الازمة المفتعلة على خير ويحمى الله الوطن والمواطن وقائده من كل كيد الكائدين والعابثين بامنهم واستقرارهم انه السميع المجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد