النسور لم يكن مؤيدا ولا معارضا كان اردنيا

mainThumb

16-10-2012 08:20 PM

ان المتابع لسيرة رئيس الوزراء الجديد طيلة الاربعين سنة الماضية يلمس فيها شخصية ذات خبرة وذكاء حاد تتميز بالهدوء والحكمة والرزانة اكتسبها من خلال عمله في عدة مناصب حكومية وتقلده للعديد من الحقائب الوزارية في العديد من الوزارات الاردنية المتعاقبة اضف الى كل هذه الخبرات انتمائه لاحد اعرق المدن بل المناطق الاردنية وهي السلط نواة العلم والتعلم بين شقيقاتها المدن الاخرى .
 
هذه المدينة والتي ثارت واعترضت على سياسات العديد من الحكومات التي تعاقبت على المملكة منذ ان تأسست هي تلك المدينة الملتزمة والموالية للقيادة الهاشمية على الدوام ,وما الاسماء البارزة من قادة الاردن من ابناء هذه المدينة الا دليل على التاريخ المشرف لها, ان هذا التاريخ بالتأكيد اضاف الى شخصية ابي زهير الكثير والتي لا يمكن ان يضعه في خانة المعارضة للنظام كما صورها ويصورها بعض من المحللين السياسين او بعض من حركات الحراك المعارضة , نعم لقد ناكف وعارض في الماضي عندما كان نائبا لمدينته فصوت ضد بعض الحكومات الماضية و ضد قانون الانتخاب ذو الصوت الواحد و قانون المطبوعات المقيد لحرية الرأي وهي مواقف طبيعية لشخصية وطنية لا تقبل الظلم لشعبها التي تمثله تحت قبة البرلمان وفي نفس الوقت لا تقبل ان تخدع قيادتها التي تحبها من خلال التملق والكذب والنفاق لان الحب والولاء لا يكونان الا بالصدق, من هنا فلا بد من وضع هذه المواقف في سياقها الصحيح والحقيقي ,اما الان فاصبح رئيسا للحكومة ويمثل الوطن والنظام, الوطن والذي تتمثل فيه كل شرائح الشعب والتي جزيء منها يقبل بهذه القوانين والجزيء الاخر لا يقبل واما النظام فهي قيادته التي يجب ان يكون امينا وصادقا معها,على الجميع فينا ان يقدر صعوبة الموقف الذي هو فيه والتوقف عن كيل الاتهامات له يمينا وشمالا, فان صرح بان قرار الصوت الواحد سيستمر ليس لانه اصبح يؤيده بل لان الوضع القائم لا يعطيه حق تعديله ,علينا جميع ان ندرك ان هناك شبه اجماع بان قرار الصوت الواحد ليس هو البديل الافضل بما فيهم صاحب الجلالة والدليل على ذلك تعيين رئيس حكومة معارض له ,لكن المشكلة تدور حول افضل السبل لاختيار قرارا يرضي الجميع وهذا لن يتم الا اذا تم انتخاب برلمان بطريقة نزيهة خاصة وان هناك تجربة فاشلة باختيار البرلمان السابق حيث الشكوك التي دارت حوله لذلك المفروض من الجميع التوجه للانتخابات لان هذا القرار ليس نهاية المطاف,و الأهم هو كيف يمكننا ان نغيره؟ فالتغيير في الوقت الحالي صعب ولا احد عنده مثل هذه الصلاحية, الحل الوحيد هو في فرض حالة الطواريء وتعديله لصوتين بدل الصوت الواحد .
 
و هنا نسأل: هل مصلحة الوطن تقتضي فرض حالة الطواريء ولو لاسبوع للقفز على هذه المعضلة؟ نترك الجواب لرئيس الحكومة الجديد.
 
نحن متفقون أنه لا شيء جديد بهذه الحكومة ولكن علينا كذلك ان ندرك انه لا تغيير في مواقف ابي زهير فالرجل عندما يكون نائب لا بد ان يمتثل لنبض الشارع واما عندما يأتي على راس حكومة فهنا هو يمثل نظام وحكومة وشعب بكامل اطيافه المتصارعة وهناك مصالح متضاربة وقبل كل هذا امن وطن يتم تقديره حسب قناعات متعددة وليست قناعات رئيس الوزراء لوحده,ان ذهابه الى المعارضة بحراكها الشعبي والاسلامي حتى قبل ان يسمي وزرائه دليل على ان هناك ربما حصل بعض  التفاهمات ما بينه وبين اصحاب القرار على اهمية عدم ترك هذه الحركات خارج الانتخابات وتفويضه بمحاولة اقناعها حتى لو بثمن ما ,كل هذا يحسب له وليس ضده لان هذه التفاهمات ربما تكون من اسباب قبوله لهذا التلكيف الذي وصفه البعص بانه جاء متسرعا وانه سيففقده رصيده الشعبي وان حكومتة براسين موالي ومعارض ,ثم التعقيب على تصريحه بخصوص الصوت الواحد بانه ناقض نفسه, كل هذه التحليلات والتصريحات باعتقادنا حادت عن الصواب وجاءت متسرعة كما هو حال تصريحات قيادات الحركة الاسلامية عندما وصفت حكومتة بانها عاجزة ولا تملك اية صلاحية وهي مجرد حكومة تسيير اعمال لاكمال الانتخابات ليس الا, وانها ليست اصلاحية , ان سد القنوات التفاوضية بين الطرفين وبهذه السرعة اعطى اشارات سلبية للشارع الاردني بان الاصلاح ربما بيت في دروج ليس لها اول ولا اخر, ان الخطر اصبح يكمن في هذا الطريق المسدود وضبابية المستقبل للمواطن الاردني وفي ما يخبئه مستقبل الحراك الشعبي وكيفية التعامل معه من قبل حكومة النسور في الايام القادمة ,خاصة اذا ماعلمنا ان الحراك المرادف للحركة الاسلامية يحضر لجمعة اخرى من الاعتصامات والاحتجاجات وان الحركة الاسلامية ستحمل شعاراته وستقف معه ,ان كل هذا الصراع والتأزم في المواقف ما هو الا عبثا ما بعده عبث في امن الوطن ووجوده في ظل تفاقم الازمة المعيشية والاقتصادية للمواطن الاردني وحالة التأزيم التي يعيشها الشارع الاردني اضف الى كل هذا تفاقم الازمة السورية على الحدود الشمالية وتسريب الانباء عن وجود قوات امريكية للتدخل فيها ومحاولة جرنا الى رمالها المتحركة من الحدود التركية الى حدودنا.
 
اننا نتفق مع القائلين بان حكومة النسور لم تأتي بجديد وانها نسخة طبق الاصل عن حكومة الطروانة وكأن المشكلة كانت براس الطروانة ,فمعظم وزرائها احتفظوا بوزاراتهم مع بعض من التعديلات الطفيفة والتي لن تقدم او تؤخر في حل الازمة ما دامت اسباب الاحتقان السياسي والاقتصادي متوفرة ,الا انه كذلك من الظلم تحميل ابي زهير حلها في فترة ضيقة مع تكبيل اليدين , انه من الواجب اذا ما اردنا حل هذه المشاكل ان نلتقي بمنتصف الطريق و ان نتعاون معه للخروج من عنق الزجاجة فمثلا يمكن للحركة الاسلامية والحراك المعارض ان يدخلوا الانتخابات ويقبلوا باقتراح رئيس اللوزراء تمديد مدة التسجيل لها وحتى مدة اجرائها , والقبول بمبدأ هي طالبت به وهو الاصلاح التدريجي لانه هو الحل الذي يمكن القبول به في هذه اللحظة الحرجة , فاليوم اصبح عند هذه الحركة المعارضة رجل معروف على راس الحكومة وهو قريب منها ولم يكن ضدها بل بصفها  وهوالذي سيشرف بحكومته على اجراء الانتخابات في ظل وجود لجنة انتخابات مستقلة وجهات مراقبة محايدة دولية ومحكمة دستورية, وهنا نسال :اليست كل هذه انجازات تحققت كانت تطالب بها الحركة الاسلامية والحراك الشعبي قبل التوجه للانتخابات لضمان نزاهتها؟ اليس من المفروض عليهم ان يعترفوا ان حراكهم حقق الكثير واذا ما ارادوا حقا مصلحة الوطن وتحقيق الاكثر فعليهم التدرج بقبول الاصلاحات ودخول الانتحابات؟, اما بالنسبة لرئيس الحكومة فعليه كذلك ان يهدأ من روع الشارع الاردني وان يباشر باجراء تعديلات على بعض من اسماء وزرائه القدماء الجدد وان يدمج بعض من عناصر المعارضة فيها وان يتخذ قرار جريئا وقويا وهو السعي للافراج الفوري عن كل معتقلين الرأي العام والحراك الشعبي وان ينظف السجون منهم ويعيدهم الى اهاليهم وان يتعهد بعدم ملاحقتهم او اعتقال احد منهم او من الاخرين المعارضين في المستقبل وان يجمد قانون المطبوعات وقرارات التعيين التي اثارت الضجة والتململ بالشارع الاردني , علينا جميع ان نساعد هذا الرئيس وان نقدر قبوله لهذه المهمة التي تكاد تكون مستحيله وان لا نحمله اكثر ما يحتمل وان لا نطلب منه الغير ممكن بل المفروض من المعارضة دعمه بكل الوسائل ليكون قويا امام اصحاب القرار المتنفذين وبعض رموز الفساد والذين يتمنون له الفشل اكثر من المعارضة نفسها.
 
ان ولاء الدكتور النسور للنظام الملكي لا يمكن التشكيك فيه مثله مثل ولاء الحركة الاسلامية وكل الاردنيين الاحرار, اما كونه عارض في الماضي بعض من الحكومات ولم يمنحها صوته فهذا دليل على وطنيته القوية واستقامته لان مؤسسة النظام مثلها مثل اي مؤسسة في العالم بالتأكيد فيها من هو الصادق ومن هو المزيف والمنافق وهذا يعني ان هذا الشخص  من الموالين الصادقين الناصحين وليس بصيما لكل شيء وشخصيتة بعيدة كل البعد عن كل هذا الزيف والنفاق وما معارضته السابقة والتي جلبت له حب وتقدير الجميع الا دليل دامغ على ما نقول,و ما تلبيته لواجب الوطن عندما تستدعي الظروف الا دليل اخر على ما نفول وليس لنا مصلحة في قول هذا الا مصلحة الوطن الحبيب, فلماذا كل هذا الدجل والاستغراب حول قبوله منصب رئيس الحكومة ؟ اليس المفروض من اي مواطن شريف ان يلبى نداء الوطن ثم مليكه ثم شعبه؟ , هل يعني ان المعارضة بالنسبة للبعض هو عدم قبول اي منصب حتى لو كانت مصلحة الوطن تقتضي ذلك؟ اذا كان هذا ما تريده المعارضة منه , فكيف يمكن لهذا المعارض ان يحقق مطالبه و مطالب شعبه وقياديته اذا بقي رافضا لكل شيء؟ ان افضل خطوة قام بها للدكتور النسور برأينا هي قبوله ترأس الحكومة في ظل هذه الظروف الصعبة , هذه الشخصية الهادئة النظيفة والوطنية والذي يشهد له كل من احبها او لم يحبها تمتلك من الشجاعة والتحدي ان شاء الله ما يمكنها من عبور هذه المرحلة الحرجة, فنحن لا نظن ان هذا الرجل سيغير ثوبه كما قال ويقول البعض لانه اصلا لم يبلبس سوى ثوب وطنه وقيادته وسيبقى يلبسه وان عدله فسيعدله فقط لمصلحة اهله وشعبه ووطنه وقيادته لا غير
 
اخيرا نقول ان اختيار الدكتور النسور من قبل صاحب الجلالة في هذه الظروف الصعبة ضربة معلم كما يقولون وبقي ضربة اخرى يتمناها كل مواطن اردني في هذا الوطن وهي ليست ابدا مستبعدة على القيادة الهاشمية وهو الامر باطلاق كل معتقلي الحراك والرأي ليكونوا مع اهلهم واقاربهم في هذا العيد ,كان الله في عون ابي زهير ونحن متفائلين بانه لن يعدم وسيلة في اقناع الجميع في الاشتراك بالانتخابات ونذكره بان الامر ليس باجراءها ولكن بقدرته على ضم الجميع فيها وعدم اقصاء احد والعمل على مشاركة ومباركة الجميع لها فهو يملك الكثير في تحقيق هذا الهدف , كل التوفيق له وحمى الله وطننا الاردن من كل المصائب والاخفاقات السياسية وادام قيادته الهاشمية وحفظ صاحب الجلالة من كل مكروه.   


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد