إلغاء الدعم .. رفع الأسعار .. هبوط الدينار .. ماذا يقول النسور ؟

 إلغاء الدعم ..  رفع الأسعار  ..  هبوط الدينار  ..  ماذا يقول النسور ؟

23-10-2012 12:02 AM

يدور في أذهان الكثير من المواطنين والمهتمين سؤال مهم حول موضوع إلغاء الدعم ورفع الأسعار وارتباط الموضوع بهبوط الدينار.... والذي ورد ضمن تصريح رئيس الوزراء د. عبدلله النسور والذي قال فيه بأن هناك فقط  خياران للأردن ,, إما رفع الأسعار أو هبوط الدينار ! والسؤال هل هناك فرق بين الحالتين والمقصود انه منطقيا باعتماد سياسة رفع الأسعار كحل لا يوجد غيره ... تعني أن هبوط الدينار قد وقع بالفعل !! وهذا ما يعتقده السائل ويستمر السؤال بالاستيضاح إن كان هناك يعني وجود "تغير سياسة أمريكا في الأردن كونها داعم رئيسي للاقتصاد الأردني وبالتالي الدينار ؟؟ وهنا فإني أرى بأن ما قاله رئيس الوزراء النسور يمكن النظر إليه على انه يعني عدة أمور :
 
1- إعلان واعتراف صريح بإفلاس الحكومة الحالية مثل سابقاتها وعجزها عن تقديم بدائل خارج عن إطار مد يدها في "جيب المواطن" وذلك عبر رفع الأسعار من خلال إلغاء من تبقى من دعم على بعض السلع الأساسية , 
 
2- هذا أيضا اعتراف من الحكومة بأنها ليست صاحبة إرادة في ما يجب عليها أن تقرره من سياسات وما تتخذه من قرارات اقتصادية لمواجهة العجز الكبير والمتزايد في الموازنة وأيضا الارتفاع غير المسبوق في المديونية الخارجية والداخلية والتي بلغت 15 مليار دينار وإنها فقط تسعى لإقناع الناس بقرارات اتخذت من قبل البنك وصندوق النقد الدوليين واللذين يعتبران سياسة دعم السلع الأساسية على انه "تشوه في الاقتصاديات الحرة ... ويجب التخلص منها " . 
 
طبعا تطبق هذه السياسات على الدول الضعيفة والفقيرة والمديونية ولا يطبق على الدول الغنية والكبرى من كبار المساهمين والمشرفين على هاتين المؤسستين حتى مع ضخامة ما تعانيه من أزمات اقتصادية يتناسب مع حجم اقتصاديات تلك الدول وعلى رأسها أميركا حيث تستمر سياسة الدعم الحكومي ليس فقط للمواطن العادي من خلال برامج كثيرة ومكلفة وإنما أيضا تدعم الصانع والمزارع والبنوك التجارية وأضخم الشركات النفطية وشركات إنتاج السيارات الكبرى والشركات العقارية والمالية. 
 
3- إما بخصوص العبقرية التي تفتقت عنها ذهنية رئيس الحكومة الجديد النسور بأن الخيار , محصور بين , "إما إلغاء الدعم ورفع الأسعار " وبالتالي إطلاق حملة جديدة من الارتفاعات المتتالية في الأسعار ليس فقط للسلع الأساسية وإنما لكافة أنواع السلع والخدمات من نقل واتصالات وغذاء وكساء وغيرها , وهذه سيحلق بمعدل التضخم إلا مستويات مرتفعة قد تصل ال 15% وأكثر , وما حدث في العام 2008  قد يعود للحدوث وبصورة أكثر حدة, "وإما السماح بهبوط قيمة الدينار أو إقرار تخفيض قيمته" من قبل الحكومة.
 
 
في الحالة الأولى , إي رفع الدعم ورفع الأسعار فهذا سيؤدي للمزيد من التآكل في الدخول وتراجع القوة الشرائية للمواطنين وبالتالي تراجع مستويات الطلب الكلي على السلع والخدمات وتعميق حالة الركود الاقتصادي في البلد مما سيؤدي بالنتيجة النهائية إلى تراجع إيرادات الخزينة من ضريبتي المبيعات والدخل والضرائب الأخرى والتي قد تزداد مؤقتا بسبب ارتفاع قيمة المستهلكات ( وهذا ما اعتقد بأنه يدور في خلد الرئيس ووزير ماليته ). بمعنى آخر سيتسبب التضخم  المصطنع إلى ازدياد فوري بالقيمة النهائية للناتج المحلي الإجمالي (وتحقيق نسبة نمو اقتصادي أعلى ) وأشبه مثل هذا النمو "بالحَبل الكاذب" .
 
حبل قد يمكن الحكومة من تحسين صورة المؤشرات ( نسبة عجز الموازنة والمديونية للناتج المحلي الإجمالي ) وذلك على الورق فقط, عند مقارنتها بنسب النمو الاقتصادي "المفتعلة" تلك. ولكن على المدى القصير ( اشهر ) ستتراجع كل من عائدات ضريبة المبيعات ( من أعلى النسب في العالم) وتتراجع أيضا إيرادات ضريبة الدخل والتي يشكل مجموعهما ما يقارب نسبة 63% من إجمالي الإيرادات المالية للخزينة.
 
أما في الحالة الثانية إي عملية تخفيض قيمة الدينار أو السماح بهبوطها فهذه ما زالت من "المحرمات الاقتصادية والوطنية " منذ أربع وعشرون سنة إي منذ عام 1989 , حيث سيؤدي هذا الأمر إلى انكشاف الدينار 
 
الأردني ولربما انهياره التام خاصة مع وجود مديونية خارجية عالية وعجز تجاري ضخم وسيكون بالظروف الحالية بمثابة محاولة انتحار حقيقية 
 
وكأني برئيس الوزراء النسور يهددنا بأننا إذا لم نقبل بإلغاء الدعم عن الشعب الأردني والسماح برفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والمياه .... فسيقوم بالسماح للاقتصاد الأردني بالانتحار ..... وهذه بحق أعلى مستوى من التهديد وأعلى درجة من مستويات الترهيب لم تبلغه أية حكومة سابقة مطلقا....!!
 
هذا الأسلوب الذي استخدمه النسور عبر وجوده كنائب بالبرلمان "المزور السابق" والذي جعل من مواقفه المعارضة وباستخدام أسلوب التهديد والنقد القاسي للحكومات السابقة وعدم منح الثقة لأي منها , جعله يتصدر قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة وبالتالي تحقيق غرضه بأن تسلم الرئاسة فعليا... وألان وبعد أن تم له ما أراد ...بدأ يتملص من كل ما تكلم به وطرحه وانتقده ويتعذر بأسباب كثيرة واهية ليعفي نفسه من تقديم حلول وفكر اقتصادي سياسي واجتماعي قيادي يساعد في إخراج الأردن من الورطة الاقتصادية التي أوقعته بها الحكومات المتعاقبة.... وذاكرتنا تدلنا على أن الدكتور النسور كان شريكا في العديد منها ولعدة سنوات.
 
أما بخصوص القول بأن الدينار هو أصلا منخفض القيمة نتيجة الارتفاعات الموجودة بالأسعار فهذا صحيح وكما قلت بالبداية فإنه ونتيجة ارتفاع الأسعار انخفضت القوة الشرائية وتآكلت الدخول ولكن أي رفع جديد للأسعار سيؤدي بالضرورة إلى تخفيض أخر على قيمة الدينار مقاسة بالقدرة الشرائية له وليس لقيمته أو سعره المربوط بالدولار والذي يهدد النسور بتخفيضها بمعنى أنه وبدلا من سعر 70.8 إلى 71.00 قرش للدولار المعمول بها حاليا , فقد يصبح سعر الدول أعلى مثلا ب 75.00 إلى 85.00 قرش للدولار , وهذه تخمين محافظ ومعتدل, وما قد يحدث يمكن أن يكون اخطر وأعمق بكثير يؤدي بالاقتصاد الوطني إلى الهلاك المحقق.
 
4- أما بخصوص السؤال حول احتمالية حدوث تغير بالسياسة الأمريكية تجاه الأردن ... فسأكتفي بالقول بأن الأردن ليس له عند أميركا معاملة حماية أو ميزة خاصة سياسة كانت أم اقتصادية تدعمه بلا حدود أو معاملة تفضيلية كبيرة لدى الولايات المتحدة ببساطة لان الأردن مثل غيره من الدول الصغيرة هو بالنسبة لهم عبارة عن "منطقة نفوذ سياسي واقتصادي" وما يقدم له من مساعدات محدودة لا يهدف إلى إظهار النوايا الحسنة أو روح الصداقة أو ما إلى ذلك من أوهام.... وإنما موقفها من الأردن والدول المماثلة والتي تم إنهاكها اقتصاديا واجتماعيا وإغراقها في ثورات ممنهجة,يحكم هذا الموقف ارتكازه على مصالح أميركا أولا وأخيرا ومتطلبات إنهاء القضية الفلسطينية على حساب الأردن ولصالح إسرائيل تحديدا. وما شاهدناه في مصر وتونس وليبيا وما يجري في سوريا ما هو إلا البرهان الأكيد بأن أميركا لا صديق لها سوى مصالحها في المنطقة .تلك المصالح التي لها مدخل واحد يمر عبر البوابة الإسرائيلية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد