الرأي والرأي الآخر صيغة فكرية وطنية

mainThumb

12-11-2012 02:31 PM

 لم يعد من خيار أمام أي سلطة إلا الاعتراف بالحقوق الأساسية للمواطن والمساهمة مع قواه الوطنية والثقافية في بلورة المعاني لكل المصطلحات ومختلف الشعارات المتفقة مع القيم الوطنية التي ترسخت  عبر مراحل الزمن محددة الحقوق العامة للفرد ومقيدة وظائف السلطة في الحفاظ على المكتسبات الوطنية وحماية قيمها بقوة القانون وليس برأي اجتهادي افتراضي يلمع في ذهن مسؤو أمني أو سياسي فيتنطع بحجة وطنية على فرض هيمنة على الفكر وعلى الرأي لأي مواطن. ومع الإقرارفي إن القيمة الوطنية التي يتبناها المجتمع الحرالمستقل تظل صيغة مرتبطة بمصالح الوطن وحماية أمنه التي لا يجوز التفريط بها أو الاستهانة في بذل الجهد الكافي للمحافظة عليها,فإن الرأي الآخر حق من حقوق المواطن,  ما دام هذا المواطن يحافظ على الحقوق الوطنية ويصون تراثها ويحافظ على الخلق الوطني الذي يتجلى  في الولاء لمواطنته وفي مواجهة القوى التي تنوي العداء لوطنه أو تضمر نوايا عدوانيه لوطنه ولأقرانه المواطنين.

 
بغض النظرعن طبيعة النظام السائد في المجتمع بأهوائه سياسيا وأدواره اجتماعيا ومعالجاته اقتصاديا وبغض النظرعن أساليب التعامل مع الأقران والأصدقاء والمدراء والأقرباء وبأي اتجاه نحى التعاطي مع قضايا المجتمع العامة, تظل القيمة الحقيقية للرأي الآخرفي القضايا المحلية قيمة بنائية ,أي رأي آراء تستوحي فكرها المعلن من رؤية مصلحة عامة لا تخرج على حدود التعالي على الطرف المقابل أو الاستهزاء بآرائه ولا تستبطن نوايا عدوانية تخريبية حقدا على آخرين أو غضبا من مسؤولين أو رغبة في الإيذاء وإلحاق الضرر بأي شخص أو بنيان أو طريق سالك أو مؤسسة رسمية أو تعليمية أو مدنية أو التواطؤ مع الآخر على أمن الوطن وسلامة كيانه.
 
تبادل الآراء وسيلة حضارية فعلية للتوصل إلى صيغة واقعية تتمثل أوسع محتوى من الحقائق التي يتمخض عنها  قرار صائب لا تشوبه عيوب التطبيق ولا أخطاء التوظيف للتماهي مع الغرض منه.وينبئ تبادل الآراء والحوار والجدال الهادف عن صيغة تفعيل العمل الجماعي والتشاركي الذي يسمو في المجتمعات التي تحترم آدمية الإنسان وتراعي أساسيات تجميع مكونات الحقيقة التي تأتي من تعددالآراء وتنوع مصادرها العلمية والمهنية والخبراتية وتمتين روابطها كي تتجلى فيها حكمة الوصول إلى الغرض منها وصولا سهلا وآمنا.
 
ألف باء المواطنة في التراث العربي وفي التراث العالمي كذلك,أي تراث كل أمة من أمم هذا الكون وشعوبه وقبائله وجماعاته وأفراده,إن لاستقلال الوطن وسيادته مكانة مقدسة في الممارسة وفي الضمائر وإن الدفاع عن حرية الوطن وتحرره واجبان يستدعيان الشهادة في سبيلهما والفخر والاعتزاز بأرواح الشهداء وتضحياتم التي تتباهى بهم كل أمم الأرض , كل بشهدائهاالذي استرخصوا الحياة في سبيل تحرر وطنهم واستقلاله ومواطنيه من كل القوى الخارجية وكل القوى المعتدية والطامعة في أرضه وثرواته.ولم تبالغ أدبيات الوطنية وتراثها,النثرية منها والشعرية ,القصصية والروائية عندما مزجت حب الوطن وتقديس استقلاله وحريته بحليب الأم الذي ترضعه لمولودها,ولم تسبق أدبيات أمة أدبيات أمتنا العريية في هذا الفخارلما عانت, وما زالت تعاني من طغيان القوى الاستعمارية وسياسات الهيمنة على مقدراتها وخيراتها وتطلعاتها واعتبارها مناطق نفوذ حيوية لها ,استعانت على أحرارها بإقامة نظم تكفلت مقابل تسلم السلطة قمع أي حراك تحرري,بالقهروالسجن والتجويع وكل ما حفلت به وقائع صحف تلك الأنظمة التي لم  تستطع بعض منها أن تصمد أمام حركات التحررالوطني للتخلص من رموزالحكم فيها ومن النفوذ الأجنبي ومحاولات الهيمنة بسطوة القوة والترهيب العسكري الذي تمثل الصهيونية المحتلة لأرض  فلسطين مثالا بارزا على أساليبها وأدوات تعاملها مع الفلسطينيين بشكل خاص , والعرب بشكل عام.
 
تشكل سياسات الهيمنة والسيطرة على القرار الوطني من القوى الأجنبية,في مفردات المعايير الوطنية,   تشكل تحديا لكل القوى الوطنية وتياراتها وجماعاتها وأحزابها وجمعياتها وتجمعاتها وأفرادها كذلك, تواجهه بحماس وتضحيات لا تداني قميتها أي قيمة,فعندما ترخص الروح البشرية في سبيل قضية    وطنية, يتحول الحزن على فقدانها إلى مرثية فخرواعتزاز وإلى قصائد تتصاعد مع ألحانها أنغام النشيد التعبوي الذي يتردد على مدى الزمن دون انقطاع. ولم يقتصر الحزن في التراث الوطني على فقدان عزيز قريب أو صديق أورمز وطني بالموت ,فالموت حق واقع بإرادة سماوية.فقد اشتد الحزن بالنفوس,نفوس المواطنين في الأقطار العربية,وآلمتها محن التباهي والتنادي باستدعاء تدخل الدول الأجنبية ذاتها التي استعمرت بلادنا ومزقت أوصالها وفرضت التقسيم والتشرذم على جغرافيتها وديموغرافيتها,وسدت أمامها أبواب التقدم والترقي,في قضايا الوطن الداخلية.والغصة في الحلق تتولد  من شدة الألم والاستغراب أن تتشارك قوى عربية مع هذه القوى التي لن تجد ملاذا به ذرة رحمة بهاعندما تشاء التقلبات التاريخية ومنطق تحول مراكز الحضارة وأطرافها من كثرة ما ألحقت من أذى وطغيانا وتدميرا وقتلا في معظم شعوب الأرض التي لمم تتمكن من مصادرالقوة فاستغلت ضعفها ونهبت ثرواتها واستأسدت على شعوبها بقوة التدمير والتخريب العسكرية. 
 
الرأي الآخر ليس خروجا على المألوف الوطني ولا يمكن له أن يتمادى في التعامل مع قوى عدوة    وطامعة ومحتلة لأقدس أرض,ولا يمكن أن يكون في اتجاه معاكس وهوبذلك يروج لفكر الخروج على المبادئ الأخلاقية في ثقافة الشعب وتراثه,لأن الأصل فيه,أي في الرأي الآخرأن يكون في اتجاه تصويب وتصحيح وتدقيق للرأي المقابل,أي يخدم قضية وطنية,وإلا فإن عكسه يدخل في مصطلحات قواميس الخيانة والعمالة التي لا تقبل بها أي تشريعات وضعية كانت أم سماوية.والأنكى من ذلك كله ما يجري إهماله من تجارب قديمة ومعاصرة لوحشية سلوك هذه القوى عندما يكون عدوهاطرفاعربيا قوميا حافظ على تراث امته الوطني وقيمه الوطنية الإنسانية.
 
تتردد خوفا وعدم استطاعة  قوى الامبريالية من التدخل في الأزمة السورية لا عفة وحوكمة سلام,  وتتباكى أصوات عربية وتركية غلب على ضميرها غيبوبة الوهم والجشع للسلطة بأي ثمن,وأصوات  أفراد من الكتاب الذين يحمّلون (المجتمع الدولي!!) مسؤولية فشل المسلحين الذين يقاتلون بتمويل غريب المصدر والهدف من إيصالهم إلى سلطة ويدعونها إلى تكرار مأساتي العراق وليبيا اللتين ما زالتا ماثلتين أمام أعيننا للشهادة الحية على وحشية الإنسان ونذالة وسائله وبشاعة بطشه عندما لا يجد سبيلا إلى مطامعه سوى القتل والدمار والتشريد والتهويد!!. ونتساءل :هل يجوز لنا التغاضي عن مشاهد تاريخ  نشهده في حاضرنا وما ينتج عنها من مآس ثم ندعي إننا نصنع تاريخا نظيفا؟.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد