الاردن في مربع الخطر

mainThumb

15-11-2012 06:51 PM

 ان الانفجار الشعبي والذي حصل بالامس نتيجة لرفع الدعم عن المشتقات البترولية لم يكن مفاجأ بل هو متوقعا وتم التحذير منه خاصة اذا ما عرفنا ان كل الحكومات السابقة جربته في السابق ولم تفلح وكانت النتيجة الفشل واضطرار الملك  للتدخل وفك الاشتباك واقالتها واخرها كانت حكومة الطراونة, وجاءت حكومة النسور لتعيد الكرة وتقع بالمحظور متجاهلة كل مشاعر الاردنيين وتفهم حراكهم, والسؤال المحير في هذا الامر: هو كيف لشخص مثل النسور وهو الذي غرد وصال وجال في صفوف المعارضة ان يقع في هذه المصيدة ويتحمل وزرها مع العلم انه يدرك كل الادراك بان الشارع الاردني المحتقن اصلا سيشتعل ضده وهو المفروض انه ابنه وخبره عن قرب سابقا؟ والشيء المستغرب الاخر في هذا السياق و الاكثر اهمية كيف لقوى الامن ان تسمح بقرار ربما يكلفها ويكلف الوطن الكثير والكثير امنيا ؟ فهل اعطي النسور الضؤ الاخضر من قبل الاجهزة الامنية على انها ستقمع اي احتجاجات وخاصة انه سمع في الاونة الاخيرة ان الاجهزة الامنية باتت تلوح بالقبضة الحديدية ونسيان القبضة الناعمة ؟ ان انفجار الاوضاع وبهذه الصورة العفوية والقوية سببه الاول والاخير الزيادة الغير مسبوقة والتي تراوحت من خمسة وعشرين الى خمسين بالمئة على اسعار المحروقات في ذروة الحاجة الى البعض منها مثل الكاز والسولار وجرة الغاز في فصل الشتاء, في حين ان الرواتب لا زالت تراوح مكانها مع ارتفاع في معدلات الغلاء الى مستويات غير مسبوقة ووصول المديونية الى ما يقارب العشرين مليار. اننا كاردنيين نشعر ان هناك اطراف داخلية وخارجية عملت وتعمل ليل نهار لاستغلال هذه الاحتقانات وتأجيجها للوصول بالبلد الى نقطة اللاعودة, فمنها من عمل على دفعنا الى هذا المربع الخطير بقصد او غير قصد من اجل مصالح ذاتية ومنها من دفعنا الى هذا المربع من خلال برامج وسياسات ممنهجة منذ مدة حتى نصل الى نقطة لا يمكن باي حال من الحال ان نعود منها كاردنيين سالمين..

 

ان ميزانية الدولة تعاني عجز كبيرا في ظل حلول محدودة ليست بتلك السهولة كما يتخيل البعض منا ,وكل الاطراف الاردنية سواء النظام او المعارضة يدركون جيدا ان الحل خارج عن ارادتهم وقدراتهم, فكل الحكومات المعينة و المتعاقبة تدرك ان البلد ومنذ عدة سنيين تعيش حالة احتقان شديدة وهذا انعكس في عدة حراكات في الشارع الاردني تطالب باصلاحات سياسية وتعديل للدستور و محاربة واجتثاث الفساد من جذوره وتقليص الفجوة ما بين الفقراء والاغنياء لكنها للاسف البعض منها فشل والاخر افشل بشكل او باخر ولم تستطع كل هذه الحكومات من تغيير الواقع والحال في الشارع الاردني والذي يتدحرج ككرة من النار وجاءت حكومة النسور بقرارها رفع اسعار المحروقات لتحرق كل امل في حلحلة الامور ولتزيد الطين بلة كما يقولون, ان هذه الحكومات لم ولن تستطع ان تبني الثقة المهزوزة فيها من قبل المواطن الاردني لانها من وجهة نظره فاقدة لكل الشرعية ,وهذا ما يجعلها غير قادرة او مؤهلة لتقديم برامج يمكن ان تقلل من الضغوط على جيوبه المثقلة بالديون وتخفف من ازمته الاقتصادية وتاكل راتبه بل على العكس كل برامجها قامت وتقوم على اثقال جيوبه بالمزيد من الديون وسرقة قوته وافلاسه .
 
ان هذه الحكومات لم تواجه و تحارب الفساد بشكل صحيح بل قام البعض منها باغلاق بعض ملفاته دون اعادة اي فلس مسروق كازمة الفوسفات مثلا ,وبدل تفهم مشاعر ومطالب الحراك الشعبي اصرت على المضي بالانتخابات من خلال قانون الصوت الواحد موضع الجدل والخلاف, ان هذا الاستهتار بالمعاناة والتقليل من اهمية وجدية المطالب الاصلاحية السياسية والذهاب لاستخدام الوسائل القمعية في معظم الاحيان للقضاء على الاحتجاجات والمظاهرات ادى الى حالة من التخبط في القرارات كان اخرها  قرار حكومة النسور زيادة اسعار المحروقات لمعالجة العجز في الميزانية بتصديره الى الشعب الاردني الفقير المعدم وتحميله هذه الزيادات الغير مقنعة والغير مبررة ,بدل معالجته من خلال برامج وسياسات تقشفية وفرض الضرائب على الاغنياء وتحصيل الضرائب المتهرب منها ومكافحة الفساد واعادة اموال الوطن المنهوبة مع تخفيض الانفاق العام, كل هذه القرارات  اقلقت راحة المواطن وجعلته خائفا على مستقبله ومستقبل وطنه.
 
ان المعارضه عليها ان لا تنكر ازمة الاردن الاقتصادية والديون المثقل بها وعليها ان تدرك تماما ان هذه الديون سببها الاول هو ان ميزانيتنا تعتمد بالدرجة الاولى على المساعدات الخارجية فنحن بلد مستهلك لا يملك اية مقدرات اقتصادية حقيقية مثل البترول او الصناعة او حتى الزراعة التي يظن البعض انها متوفرة فحتى هذه تحتاج الى مياه والحكومة حتى هذه السلعة تشحدها وشحدتها من اعدائنا لسد ظمأنا , نحن لا ننكر ان الفساد والسرقات فاقمت من هذا العجز الا انها سبب من اسبابه وعلى المعارضة ان لا تتصيد بالماء العكر على حساب الوطن وامنه وان لا تعلق شماعتها على هذا السبب و تتناسى الاهم . ان كل ما سمعناه من فرقعات اعلامية عن دعم من اخوتنا دول الخليج لم يصل منه شيء وذلك  لانهم مقابل هذا الدعم يريدوننا ان ننجرف وننغمس في الازمة السورية دون اية تقدير للازمة التي نمر بها ووضعنا الاستثنائي, فلم يعد يخفى على اي اردني ان اخوتنا في الخليج ومن ورائهم اصدقائنا وضعونا امام خيارين لا ثالث لهما وهو اما المليارات و الانغماس في الازمة السورية والتدخل المباشر والمحاربة من اجل اسقاط النظام السوري واما لا مليارات ,وما الوعد بضمنا الى المجلس الخليجي وسحبه في ليلة ليس بها ضو  قمر الا دليل من دلائل كثيرة على عملية الابتزاز التي نمر بها من قبل اخوة لنا دعمنا ولا زلنا ندعم امنهم القومي امام التهديدات التي تواجههم وهم يدركون ان امن الاردن من امنهم .من هنا يجب على المعارضة قبل الموالاة ان تدرك هذه الحقائق المرة وان تنزل عن الشجرة وتغلب مصلحة الوطن على اي شيء اخر, ان دولة بهذه الموصفات تعيش على المساعدات والديون والمستثمرين الذين يمصون دماء الاردنيين من خلال هذه الاستثمارات اضف على ذلك الابواب المشرعة لملايين اللاجئيين الذين يزاحمون الاردنيين في حياتهم الصعبة وهذا ليس تخلي عن الواجب نحوهم ولكن كما يقولون على قد فراشك مد اجريك واظن ان ارجل الاردنيين مكشوفة ولم يبقى الا العورة ,والمصيبة في البعض من هؤلاء اللاجئين والذين جاؤوا بالملايين المسروقة وغيروا كل حياة الاردنيين حتى بيعوهم بيوتهم واراضيهم مستغلين فقرهم وحاجتهم ومساعدة الفاسدين من اصحاب المراكز لهم والذين باعوا الاهل والوطن من اجل مصالحهم , كل هذا بالتأكيد سيؤدي الى هذه الارقام الفلكية في عجز الميزانية , فهل تدرك المعارضة بشكل جيد كل هذا؟,و ما عساها ان تفعل ان تسلمت الحكم ولم يكن امامها الا الخيارات الاتية: هل ستدخل المستنقع السوري وتسير بنا الى المجهول وتبيع دماء ابنائنا بحفنة دولارات من اخوتنا؟ او انها ستفرض هذه الزيادات المجحفة وتحصل على دعم البنك الدولي الممول الوحيد لنا كما فعل النسور؟ او ان تجرعنا سم الموت لا سمح الله والفشل والانهيار والافلاس وضياع الوطن والوصاية من الخارج , نترك لهم الاختيار.
 
اننا لانعرف كيف سيتم التعامل مع هذه الانتفاضة الاخيرة ولكن اللافت حتى الان من تصريحات رئيس الوزراء و الاسلوب الامني القامع في مواجهة هذه الانتفاضة انه هو الحل الذي سيتبع ,وسيفعلون كما فعل العديد من الانظمة العربية واضطرت لدفع ثمنا باهضا له , فمن يرى ويسمع ما يحدث في معظم المدن والقرى الاردنية يضع يده على قلبه بل يتوقع الاسوأ لهذا الوطن العزيز.والاخطر ما في هذه المظاهرات هو التخريب الممنهج من البعض لمؤسسات الدولة واستخدام السلاح لاول مرة ولكن الاسوا من كل هذا التعرض لهيبة الدولة ولرمزها صاحب الجلالة وصدور بعض الهتافات ضده وحرق لصوره من قبل بعض الفئات المتطرفة , هذا التصرف رغم محدوديته الا انه جرس انذار للمؤسسة الحاكمة بضرورة سرعة التحرك والامر بتغيير كل هذه الاساليب في معالجة هذه الازمة والتي جربت وادت الى كل هذا التأزيم الحالي حتى لا تسفحل اكثر ,الاردن بحاجة الى حكماء مخلصين للتدخل والتوسط لاعادة بناء الثقة بمؤسسة الحكم ومساعدتها على اتخاذ القرارت الصائبة التي تعيدها الى الثوابت الاردنية والعربية والاسلامية من خلال تغيير لقانون انتخابات مرفوض شعبيا واجراء انتخابات نزيهة وشفافة واعطاء صلاحيات للبرلمان والحكومة المنتخبة واشراك كل مكونات الشعب الاردني في عملية ديموقراطية شفافة ونزيهة  اساسها التعددية والمحاسبة والقضاء العادل والحريات المسؤولة , اننا نأمل من حكماء هذا البلد ان يتدخلوا ويساعدو اصحاب القرار على اتخاذ قرارات شجاعة لوقف الاحتقان الذي تعيشه البلاد والتوازن مع معطيات ومشاكل الجوار وعدم الانجراف فيها مهما كانت الاسباب ووضع برامج تقشف ضمن امكانياتنا الحقيقية ووقف البذخ والانفاق داخليا وخارجيا وان توضع على وجه الخصوص اولوية للشعب الاردني الفقير المعدم واحتياجاته ومصالحه .
 
اخيرا نقول ان  الاردن في ازمة حقيقية ليس من صنع النسور وحده بل هي نتيجة فساد متراكم سببه عدم اهلية الحكومات السابقة , هذه هي الحقيقة قبلناها ام لم نقبلها كاردنيين فاما عصر البطون واما  الافلاس والهاوية والفوضى والتي ستزيد من تفاقم هذه الازمة فيما لو استمرت حالة الاحتجاجات والفوضى وتعطيل العمل , لا بد من حلول وعلينا مرة اخرى ان نتقبل هذه الحلول والتي بالتأكيد صعبة , من هنا نخاطب جلالة الملك عبد الله ان يتدخل هذه المرة وبكل حزم و نطالبه كابناء محبين ان يريح حكومة النسور وان يعيده الى منزله وكفى المؤمنين شر القتال لانه فشل في ادارة هذه الازمة فقطرة دم اردنية اغلى من كل الحكومات , نتمنى عليك يا سيدى ان تاتي بحكومة طواريء وبشخصية مرموقة ومقبولة من جميع الاردنيين وهنا نقول وبصراحة ليس افضل يا سيدي من شخصية عمك سيدي الامير حسن فهذه الشخصية مرموقة اقتصاديا وسياسيا محليا ودوليا ولديها خبرة خمس واربعون سنة في قيادة سياسات واقتصاد الدولة الاردنية فلن تعجز عن مساعدتكم ومساعدتنا, ايدينا على قلوبنا على وطننا الحبيب ادم الله امنه وحفظ قيادته وخلصنا من كل كيد الكائدين وشرورهم انه السميع المجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد