إضراب المعلمين : أبجد هوّز

mainThumb

24-11-2012 09:30 PM

 في زمن الضجيج والنضال ( الكيبوردي )، قد لا يُسمح برفع صوتك، لأنّ أصوات القمع تحاصر كلّ كلمة لا تتخندق وإياها في فلك الباطل. الجيد في الأمر أنها أصوات طارئة، ما تلبث وتعود إلى حناجرها لأنها ليست معنية بالحقيقة والعطاء .

       بعيدا عن الخوض بدوافع الإضراب ومسبباته الحقيقية ، التي لا تخفى على الكثير من المعلمين وغيرهم ، نقف على حيثيات الإضراب ونتائجه، في نقاط تُعد من أبجديات العمل النقابيّ.
 
      أولا: أُعلن الإضراب تحت مسوّغ الانسجام وروح الشارع الأردنيّ وانطلاقا من واجب النقابة الوطنيّ في الوقوف مع قضايا المجتمع، وهنا لا مزايدة على هذا المسوّغ ، فالنقابة مكوّن أساسيّ للمجتمع ونبضه الذي لا ينفصل بحال من الأحوال.
      ثانيا: اخطأ المجلس تكتيكيا عندما أعلن إضرابا مفتوحا (قبل التراجع عن كونه مفتوحا)،وربطه بتراجع الحكومة عن قرار رفع الأسعار ،إذ كان الأجدى التمهيد للقرار قبل إعلانه،من أجل تهيئة المعلمين، وإعلانه كحالة تضامنية لوقت محدد وبآليات واضحة، لأنه بغير ذلك مصيره الفشل الذي يضعف النقابة ويستنفذها.
 
         ثالثا: ربما أخفق مجلس النقابة في مدّ جسور الثقة مع مجالس المحافظات،مما أحدث فجوة بين المركز والفروع،عبّرت عن نفسها من خلال العزف المنفرد لكليهما،بل وصلت إلى حدّ الوقوف موقف النقيض من المجلس في بعض المحافظات.أما مجالس الفروع فكان عليها (نقابيا) الالتزام بقرار المجلس وبعدها محاسبته على قراره إن رأته خاطئا.  
 
        رابعا: الإضراب أكبر وأخطر القرارات التي يمكن للمجلس اتخاذها على مدى عمره النقابيّ،وفي ظلّ نقابة وليدة تحاول تشكيل ذاتها وكينونتها،وعدم وجود نظام داخلي يحكم العلاقة معه، كان الأجدى للمجلس التنسيق مع مجالس الفروع قبل إعلانه الإضراب، لتشكل الفروع زخما حقيقيا داعما للقرار.
 
      خامسا: كثرة المتحدثين والمحاورين باسم النقابة، ممن يجيد ولا يجيد، وهنا وصلنا إلى نظام الفزعة في الترويج لقرار نقابيّ مؤسسيّ،نظام أساء وعمّق الفجوة على يد مجموعة مارست البلطجة والتخوين على زملائهم،الرافد الحقيقي للنجاح.
 
        نجاح الإضراب لا يُقاس بتغيّب الطلبة، بل بقناعة وتبني المعلمين للقرار والتفافهم حول نقابتهم،وإلا كان الأصح هنا تسميته بإضراب الطلاب لا المعلمين،وهذا ما حصل بنسبة كبيرة،إذ كان تغيّب الطلاب سببا لإضراب الكثيرين وليس العكس.
 
          وبمقارنة بسيطة بين الإضرابين الأخيرين ، شارك الآلاف من المعلمين في اعتصامهم على الرابع في 1422012  تعبيرا عن إيمانهم بقرار الإضراب ومصداقيته، وأحجموا عن المشاركة في اعتصام الاثنين 19112012 ولم يتفاعل معه إلا عدد يسير منهم، تعبيرا عن عدم إيمانهم بالقرار ومصداقيته.
 
أخيرا عُلق الإضراب للأسباب السابقة وليس كما يروجه البعض، من إعلان شجاع للإضراب وتعليق أشجع،إذ بذلك يكون استخفافا للعقول ولشجاعة الشجعان،بعد سلوكات مبتورة لا تتعدى أبجد هوز في العمل النقابيّ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد