الهدف تفكيك الروابط السياسية والاقتصادية (2-2)

mainThumb

26-11-2012 05:04 PM

شاع تعبير,العصا والجزرة ,في الأدبيات السياسية في علاقة القوى الامبريالية مع الدول الأخرى,أي الترغيب أولا بالمال والمساندة السياسية والسلطوي,أوالترهيب بالقوة عن طريق إثارة النزاعات الداخلية بين مكونات المجتمع,أو تأجيج صراع إقليمي أواستخدام مباشر للقوة العكسرية للهدم والتدمير وتغيير نظام الحكم واستبدال القوى المأجورة بالقوى الوطنية الصادقة من الدول الأخرى بطبيعة الحال الدول العربية , حيث استطعم عدد من الأنظمة حلاوة مذاق الجزرة دون أن تتمكن من لمسهاا,وعدد آخر واجه معاناة من الخطط العدوانية والأعمال العدائية والمؤامرات والدسائس التس اشتهرت بها سياسة عصا الغرب المتحفز لإحباط أي محاولة عربية للتحرر الاقتصادي والسياسي .

من أكبر الأخطاروأشدهاأثراالتي تواجه السياسات الامبريالية في الدول العربية,خطر تلاقي أو توحد أو تعاون بين حكومتي أومؤسسات دولتين عربيتين تعاونا جادا وبناء.فقد ساهمت الخديعة البريطانية في تأسيس جامعة الدول العربية لتلعب دورا يحول دون الاتفاق الجماعي الملزم لأطرافه الموقعة عليه ويعمل على إدامة أسباب الخلاف بين أعضائها وتكوين محاورمتصارعة متضاربة في مواقفها من سياسات الغرب تبعا ً لطبيعة العلاقات بين كل دولة منها وبين الغرب لمواجهةأي توجهات وطنية تشكل تصديا لتلك السياسات وبذل جهد دؤوب لإحباط المشاريع التحررية العربية ,وتباين المصالح  بين دولها حيال كل قضية عربية – عربيةأوعربية مع طرف آخر,خاصة إذا كان ذلك الطرف غربياأو أميركياأو مرتبطا بمواجهة العدو الصهيوني. 

وما زال موقف الجامعة مشهودا ًله بتبني المواقف العدائية الغربية,معبرا عن إخلاصه في ولائه لما رُسم لها من مهام منذ أكثر من خمسين سنة.وكان موقف الجامعة الداعي للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا والدعوة الحارة بجهد مريريبذله أمين الجامعة المواظب على تبني الأسباب التاريخية لمواقفها المتخاذلة في كثيرمن القضايا المصيرية للدول العربية,وهو يكرر توسله بتذلل المهزوم اليائس للتدخل في سوريا,ويتفاخر,دون تردد بحمل ملفات الأزمة السورية,وهي دولة عربية مؤسسة في الجامعة إلى  مجلس الأمن مطالبة  تدخله العسكري السافر والحاقد بموجب البند السابع!!.

لم تتغير مطالب القوى المهيمنة الغربية على القرار السياسي لبعض الأنظمة,وعلى تعميق الخلافات البينية العربية – العربية في المجالات الاقتصادية والتربوية والثقافية,ومنع صارم لكل محاولة تلاقي عربي – عربي ما لم يكن بالاتفاق المسبق مع تلك القوى,أو اتفاق على قضية عربية أو دولية.فكانت (مكونات) الجزرة الأميركية التي تعرضها على النظم الوطنية مستقلة القرار السياسي تتلخص في:
     
 لا شأن لكم بما يدور من أحداث وتبني سياسات وإقامة أحلاف بين أي دولة عربية وغيرها من الدول.
 التفرغ التام لشؤونكم الداخلية, وعدم التدخل بشؤون الغير.وفك أي ارتباط بأي طرف معاد للغرب وسياساته.
 نقدم لكم المساعدات المالية والعينية لبناء اقتصادكم القطري,ونحمي نظامكم السياسي ونبقي عليه بوقف التآمر الذي تديره أجهزتها التجسسية والاستخبارية.
 العمل على تحسين العلاقات مع المحتل الصهيوني كحد أدنى ,وعقد اتفاق سلام معها.وعدم تصعيد العداء ضد الاحتلال.
 كل من يخل بهذه المواقف,تنقلب الوعود الغربية إلى ضدها بضراوة وشراسة,لأن الفرق بين ليونة الجزرة وصلابة العصا كبيروشرير في آن واحد وهي حالة تقتضي ذلك.

قدموا مثل هذه المطالب إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر,وأوحوا بها إلى المرحوم عبد الكريم قاسم,وسلكوا سبل التآمر المستمر على النظام الناصري,أظهروا العداء السافر له ,ألبوا عليه أنظمة عربية تلذذت (بحلاوة طعم الجزرة),لتشهد الفترة الواقعة بين بداية الخمسينيات ونهاية الستينيات  فترة نهضوية قومية عربية لم تستطع منع وصولها إلى كافة الأقطار العربية أي موانع محلية أو خارجية.وكانت المؤامرة على النظام الناصري متعددة الجوانب والأطراف,وكان الدعم الشعبي  لقيادة عبد الناصروشخصيته الكارزمية ودعوته إلى التحرر رفضه كل محصول الجزر الأميركي – الغربي وذاك الذي انتجته مزارع بعض الزعامات العربية.فجاءت هزيمة عام 1967 العسكرية لمصر وسوريا والأردن, لتشكل انتكاسة لحماس شعبي ساهم الإعلام في إذكائه دون مراعاة لحقائق التحالفات العسكرية التآمرية في المنطقة,فتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي,وإيران الشاه احتفظت فيه بلقب شرطي الخليج,والقواعد العسكرية في الأميركية في الخليج ناشطة في التجسس والدعم اللوجستي والمعلوماتي لجيش الاحتلال الصهيوني,والبعض سجد لله شاكرا هزيمة عبد الناصر,وكانت الهزيمة عسكرية لدول ثلاث وليست لعبد الناصر وحده,كما روجت دعايات الحقد والحسد المعادية للفكرالقومي الذي يمثل التوجه الطبيعي لأمة امتلكت مقومات قومية جامعة,ولم     تقم أي جهة بالتجرؤ على قبول الهزيمة العسكرية والاعتراف بدولة مغتصبة.

الثقافة الانهزامية تأخذ من الواقعية أحيانا ثوبا تتدثر فيه,ولكنه لم يأت في يوم من الأيام على مقاس أصحابها تحت أي ظرف إذ تعالت الأصوات بضرورة الاستسلام للعدووعقد معاهدات السلام,سلام المهزومين معه,ولكن ذلك لم يحدث لمواجهة الناصرية والقوى القومية في سوريا هذه التوجهات الإنهزامية.

ردة الفعل على الهزيمة تمثلت في تحويل الصراع العربي – الصهيوني من صراع بين محتل   مدجج بالسلاح وبين إردة قتال شعبية مسلحة برباط تحرري تدعمه الناصرية وكل القوى الوطنية والقومية التي تنادت للجهاد ضدالمحتل فأربكت سياسات الحكام العرب وأفقدتهم الحيلة في اتخاذ   مثل المواقف التي تجرؤا بها على النظم القومية دعما للقوى الغربية,واضطرت قوى العدوان إلى الاعتراف بالفلسطينيين كشعب وليس كلاجئين.وكانت حرب الاستنزاف التي قادتها جيوش مصر وسوريا والأردن عاملا حاسما في تقدم قوى الثورة الفلسطينية, وفي الإعداد لحرب أكتوبر التي أجهض السادات عظمة إنجازها برعونة واستخفاف,بعد أن غدر بالناصرية ومناصريها وتقرب من معاديها ومناهضيها.

شعار (من ليس معنا ,علينا),يجسد الفكر الفاشي الذي تعاطت به السياسات الاستعمارية في كل مستعمراتها,ورفضته داخل مجتمعاتها.ومن المفارقات التي لا نتعلم منها تتمثل في إن الأعداء والمتنافسين والمتصارعين من أمم من قوميات مختلفة يلتقون عند حدود قضية يجدون فيها ولو حد أدنى من المصالح,أماالزعماء العرب فإن كل ما يجمعهم يحقق مصالحهم ويقوي عزائمهم ولكنهم يصرون على التفرق والابتعاد بأقصى المسافات عن بعضهم البعض.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد