سوريا ما بين الثورة والمؤامرة

mainThumb

18-12-2012 03:17 PM

 لا احد في هذا العالم يزايد على الدم السوري الطاهر ولا احد يستطيع ان ينكر على هذا الشعب حقه بالحرية  كباقى شعوب العالم الحر , فمن حقه ان يتظاهر بسلمية ويعبر عن رأيه و ان يتكلم بدون خوف ورعب وملاحقة الاجهزة الامنية وشبيحتها و ان يحلم بانتخابات حرة ونزيهة ونتائج تعبر عن حقيقة مشاعره وليس بنسبة تسعون ومئة بالمئة و ان ينتخب برلمانه ونوابه ويشكل حكومته بحرية ونزاهة وان يكون له رئيسا منتخبا ولمدة زمنية محدده وليس للابد و ان يكون له اعلاما حرا يعبر عن الحقيقة وليس للتضليل و التطبيل والتزمير للرئيس وحاشيته , كل هذه و حقوق اخرى لا احد يستطيع ان يقف امامها ما دامت تنطلق من المد الشعبي السلمي الثوري الحقيقي الذي لا يستطيع اي مخلوق او دولة في هذا العالم كائن من كان ان ينكره او يقف ضده, لكن الشيء الغير مقبول ان تاتي أي ثورة على دبابة امريكية او غربية او حتى من خلال دولارات البترول لان هذه الدبابة وهذه الدولارات لا يمكن ان تخدم الثورة السورية دون ثمن أومصلحه , انه من غير المقبول والمعقول ان تأتي الثورة من خلال السلاح والبارود والرصاص المستورد والجماعات المسلحة الخارجية لان هذه بالتاكيد لها فكرها وايدلوجيتها المختلفة والتي بالنهاية لن تصب الا الزيت على نار الفتن النائمة في سوريا والمتربصة بهذا البلد العربي المسلم , انه من غير المعقول ان تبنى الحرية على اسس طائفية و تكفيرية ومن غير المعقول كذلك ان تبنى الحرية على تدمير الجيش السوري العربي باحتلال ثكناته واسر جنوده وتدمير دباباته واسقاط طائراته لان هذا مخالف لكل القيم والمباديء التي تقوم وقامت عليها الثورات ولان العقل والمنطق لاي سوري او عربي او مسلم حر لن يصدق ان جل هؤلاء الجنود المامورين والمغلوب على امرهم مجرمون وقتله ويجب اسرهم او قتلهم , ان الوحيد المنتصر والمبتهر لما يتم ضد ثكنات الجيش السوري وتخريب وتدمير ممتلكاته وقدراته هي بالتاكيد اسرائيل وامريكا والغرب والسائرين في فلك مخططات هؤلاء الباحثين عن امن اسرائيل على حساب امن الامة العربية والاسلامية, من هنا يتضح الوجه الحقيق لما يسمى الربيع العربي عبر ما نشاهده من تمزق وتناحر فئوي في معظم الدول التي مر بها وهذا يؤكد على ان ما يحدث الان في سوريا هو نفس المخطط.

 
لم يعد بمقدور اية حكومة عربية اخفاء اوحجب الحقائق عن شعوبها لان عصر المعلومات نقلت المواطن والفرد العربي من حالة الاعماء المقصود له من قبل حاكميه الى عصر المعرفة والمعلومة , فكل مواطن عربي يعرف ان النظام السوري هو الوحيد الذي لا يسكن عاصمته سفير اسرائيلي ولا يدرب جيشه اي خبير امريكي او حتى غربي ولم يوقع على معاهدة سلام مع اسرائيل رغم تكليف النسر التركي بهذه المهمة التي افشلت , وفي نفس الوقت لا احد يستطيع ان يبيع هذا النظام ديموقراطية لا يطبقها ولا احد ينكر ان ديكتاتورية هذا النظام لا تختلف عن كل ديكتاتوريات الانظمة العربية, ولا احد يستطيع ان ينكر ان هذا النظام هو الذي درب وامد بالسلاح كل من حزب الله و حركة حماس التين ولاول مرة اذاقتا الهون والذل لاقوى جيش في المنطقة هزم جيوش الامة في ستة ساعات ولا احد يستطيع ان ينكر ان هذا النظام وقف ضد الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان في الوقت الذي صمت به البعض, ولا احد يستطيع ان ينكر ان هذا النظام هو الذي وفر لقيادة حماس المكان الامن في الوقت التي ضاقت بقيادتها الدنيا ,وما الاعتراف الخجول من مشعل باحتفاليته بمناسبة النصر بغزة العزة الى دليل على ان هذا النظام لم يكن سيئا للدرجة التي يستحق ما يحصل به الان , وكان الاجدر بنا احتضانه والوقوف معه وجمعه مع المعارضة على طاولة في احدى الدول العربية ومحاولة التوفيق بينهما بدل القطيعة معه وتصفية حسابات شخصية مع قيادته دفع ثمنها الشعب السوري بشكل خاص والعربي مستقبلا بشكل عام وكان اقل الايمان عدم التدخل و تركه لشعبه.
 
على شرفاء هذه الامة الاعتراف بالحقيقة المرة والتي انجر البعض ورائها وهي ان رأس النظام لم ولن يكون ذالك المطلب العظيم للامركان والغرب وان المؤامرة ليست عليه بالدرجة الاولى وانما على ما تبقى من جيوش عربية لا زالت تملك القوة وتهابها الدولة العبرية خدمة لهذه الدولة المسخ وحفاظا على امنها, وما العراق ببعيد حيث تجرعنا به سم تفتيت جيشه على يد اليهودي الحاقد بريمر وبعدها ضاع العراق والى الابد,ورغم كل هذا الالام لا يمكن ان نوافق على جرائم النظام السوري بحق شعبه تحت اي ذريعة كانت حتى لو باسم المقاومة والممانعة و ليس من حقه ان يحرم الشعب السوري من حريته في العيش بكرامة كباقي الشعوب الحرة لان مبدأ الحرية لا يتعاكس مع مباديء المقاومة والممانعة بل العكس هو الصحيح فلو تعامل هذا النظام مع هذه المطالب بنفس اسلوب المقاوم والممانع لاسس دولة عصية على كل المؤامرات الخارجية, ان قصف كل من هب ودب  في المدن والارياف والمخيمات السورية باعتى انواع الاسلحة التدميرية لمجرد االاحتجاج عليه أو تسلل عصابة او فصيل من الثوار كما يطلق علىهم يخرجه من دائرة المقاوم الى دائرة الاجرام ضد الانسانية ,لان هذه المناطق بها اناس مدنيون لا ذنب لهم ولا قوة ليقتلوا وينهبوا ويتم التمثيل بهم من قبل شبيحته, ان اكبر غلطة دقت اسفينا في نعش النظام السوري واعطت الحرية لكل من هب ودب للتدخل كان عسكرة الحل لمظاهرة وشعارات صبية كانت عفوية بسيطة في درعا , ان الغباء الذي تميز به مستشاروا الرئيس بشار كان كبيرا لدرجة العميان فاعموه عن الحقيقة لدرجة انه صدق نفسه بانه مقاوم وممانع ومحصن من الانتفاض عليه, ونسي ان الفساد المنتشر و الذي ينخر اركان نظامه قادر على تدمير اعتى واقوى الامبوطوريات وليس دولة محدودة القوة, ان الحل العسكري كان خطأ استراتيجيا من قبل قادة هذا النظام ادى الى ما ادى اليه حتى الان.
 
لا احد ينكر ان النظام اصبح يترنح كما يرى البعض لكنه ليس بذلك الضعف كما يتوهم البعض امثال الرئيس الامريكي وبعض زعماء الدول الغربية وحتى للاسف بعض الدول العربية , نعم هو خسر العديد من الارياف وبعض من قوته العسكرية لكن على هؤلاء ان يدركوا ان هذا النظام قادر على الصمود اكثر واكثر بسبب الخبرة السابقة التي اكتسبها من مقارعته المجموعات المسلحة في الشوارع والمدن في الحروب الاهلية السابقة معهم في كل من حلب وحماة والساحة اللبنانية اثناء الحرب الاهلية فيه,هذه الخبرة لا يمكن ان يستهان بها وهي مصدر قوة تضاف الى صموده ,ثم على الجميع ان لا ينسوا مناطقه الامنة وهي منطقة طرطوس واللاذقية الاتي لا زالتا تحت سيطرته ومعظم ساكينيهما موالين له ثم ان القيادات العسكرية المحيطة به لا زالت متماسكة وتدين له ولم تتخلى عنه بعد ,هذا اذا ما اضفنا الى كل ما ذكر الدعم المالي واللوجستي والعسكري له من قبل روسيا وايران وحزب الله في الجنوب اللبناني و العديد من المليشيات والحركات المسلحة التي اسسها, من هنا فان هذا النظام يعتمد في معركته على سياسة النفس الطويل باستدراج كل الفئات المسلحة ضده لحرب استنزاف ليس لها هي وانما للدول الداعمة لها, لانه يراهن على ان هذه الدول ستفقد صبرها وقدرتها على الصمود ولن تستحمل هذا الاستنزاف على المدى البعيد ومن ثم الانسحاب وترك هذه الفئات المسلحة لوحدها فينقض عليها ويعيد كل ما خسر, أو ان يجرها للتدخل العسكري وستنقلب الامور الى حرب اقليمية تختلط بها الاوراق, وما يحدث بدمشق الان وحول المطار وبريفها و مدينة حلب و مخيم اليرموك الفلسطيني الا بعض من كمائنه وسياسته العسكرية الاستدراجية الاستنزافية الطويلة الامد وان العديد من انسحاباته تكتيكية لجر هذه المعارضة الى جيوب يسهل محاصرتها وتصفيتها وهكذا يعيد الكرة.
 
اننا في الوقت نفسه نقول انه لا احد يستطيع ان يعيد الزمان الى الوراء فحتى لو افترضنا ان هذا النظام صمد ولم ولم ولم  تنتصر المعارضة كما قالها شيخ المقاومة والتي وان نتفق معه الى حد ما ولكننا نختلف معه بالمنطق فمنطقه ينطلق من نعرات طائفية نتنة ليست من واقع الاسلام ولا حتى المقاومة بشيء, لانه بقوله هذا ينكر الظلم اذا حصل من افراد طائفته كما هو في سوريا و في نفس الوقت هو يدعي انه يحارب الظالمين وينتتصر للمظلوم عندما يمس ابناء طائفته كما هو في البحرين أو السعودية, انه النفاق والكذب بعينه, لان اقواله تتناقض مع افعاله و مبادئه وهي تحدي صارخ لارادة الشعب السوري وهو يدرك تماما ان ارادة الشعوب لا يمكن قهرها وانها ستنتصر بالنهاية طال ام قصر الزمان وان القائد المسلم و المقاوم الحقيقي هو الذي ينتصر للحق ولو على نفسه وليس الذي يتقوى على اهله وابناء شعبه بمنطق الطائفية ويبني جيشا طائفيا ودولة داخل دولة, المقاوم والممانع من يستمد مقاومته وممانعته من كل الاطياف والطوائف باختلاف مذاهبها وليس الذي يببني امبراطورية تقوم على الطائفية النتنة باسم الاسلام الذي هو بريء منها ,نعم يا شيخ المقاومة هذا هو المنطق ان اردته فنحن اول من ناصرك عندما كنت تنطق بالحق وتقاتل الظالم والمعتدي ونحن الان ضدك عندما تنطق بغير الحق وتنحرف عن خط احترمناك لاجله ولم ننظر في يوم الى طائفتك ,ان ترسانة الاسلحة التي تقتنيها لم يعد لها سوى حماية امارتك الطائفية والتقوي بها على اخوانك وابناء جلدتك فاتقي الله, نقول لك نعم ربما لن تنتصر المعارضة السورية التي استغلت اسوأ استغلال من القاصي والداني واستبيح بها الدم السوري من اجل مصالح طائفية وخارجية ضد هذه الامة, لكن عليك ان تعلم كذلك انه لن ينتصر النظام القاتل الذي تدعمه على باطل لأنه يذبح شعبه ويقتل ابناؤه من اجل السلطة وهو سيخسر وعليك ان تدرك اذا كنت مقاوما انه لا يمكن لاي نظام ان يواجه كره شعبه حتى لو وقف العالم كله معه , و ان بشارك خاسر لانه فقد مقاومته وممانعته وشخصيته وسطوته الابدية كما كان يقول والى الابد كما هو الحال عندك ياشيخ نصر الله.
 
اخيرا نقول ان ما يحصل بسوريا هو ثورة ولكنها في نفس الوقت مؤامرة , ثورة لانها تمت بشكل عفوي وبسيط ومن افواه اطفال وبدل ان يتم تقبيلها وسماعها تم تكميمها بنزعها من جسدها وبشكل اجرامي يخجل التاريخ منها وباسلوب غبي مما فتح الطريق لكل الحاقدين على الجيش السوري العربي لان يجدوا الفرصة المؤاتية للانقضاض عليه لانه اخر جيش عربي كان بمواجهة اسرائيل وكانت اسرائيل تحسب له حسابا سواء قبل البعض بهذه المقولة ام لم يقبلوا فهي حقيقة لانه لا يمكن ان يشمل هذا الجيش كله بجرائم قيادته ,وعلى الرغم من الماخذ على بعض من قيادته في الاونة الاخيرة الا ان ما يحدث وما نرى من تدمير لثكناته ودباباته واسقاط لطائراته الا دليل على ان هذا الجيش هو لب المؤامرة وان الحرية السورية أركبت بالدبابة الامريكية والغربية عبر عسكرتها ومدها بالجماعات المسلحة التي تجهز بالسلاح والمال نهارا وجهارا ,ليس من اجل اعطاء السوريين حريتهم ولكن لتديمر جيشهم والخلاص منه وما التدمير الممنهج لوحداته وبنيته الاساسية و أخيرا فزاعة الاسلحة الكيماوية واهتمام الامركان والغرب واسرائيل بها اكثر من الدم السوري المباح , اضيف الى كل هذا ما يحدث من تدمير وتهجير للمخيمات الفلسطينية لتفريغها من اهلها لتهجيرهم الى دول المنفى كما حصل مع اخوانهم في العراق الا دليل قاطع على هذه المؤامرة تندرج تحت ما يسمى بالشرق الاوسط الجديد الهدف الاسمى لها هو المحافظة على دولة اسرائيل وبقائها امنة و قوية والمسيطرة في المنطقة وما ان تدمر سوريا وجيشها فستترك لمصيرها كفئات متناحرة متصارعة على الحكم كما هو الحال بليبيا وتونس واخيرا مصر , نعم  ان ما يحدث بسوريا ثورة وفي نفس الوقت مؤامرة فمن الذي سيغلب بالنهاية؟ نامل الثورة وليس المؤامرة مع ان كل الدلائل تشير الى العكس ,حمى الله ما تبقى من دول عربية من هذا الربيع المشؤوم والذي كما يبدوا انه مخطط من قبل جهات دولية لرسم شرق اوسط جديد ,حمى الله وطني الاردن وقيادته وابقاه امنا بعيدا عن هذه الفتن والمؤامرات . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد