ملك إسرائيل الجديد ؟

mainThumb

24-01-2013 05:13 PM

 من أهم نتائج الانتخابات الإسرائيلية هو ظهور "ملك جديد"، هو يائير لابيد، بدلاً من رئيس الوزراء "اليميني" السابق بنيامين نتنياهو، الذي برز على رأس اتجاه يبدو في الظاهر أكثر انفتاحاً ووسطية، لكن لا يختلف في جوهره عن مواقف اليمين الإسرائيلي من الفلسطينيين.

 

الأهم أن النتائج تظهر أن جموح إسرائيل إلى اليمين والعنصرية لم يتوقف، وإن كانت تعبيراته الفجة أصبحت محرجة لأجزاء من المجتمع الإسرائيلي ومؤيديها من الدول الغربية، وبالأخص الإدارة الأمريكية، وبالتالي أصبحت هناك حاجة ملحة لوجه " أكثر قبولاً" من دون تغيير مفصلي في عقلية وممارسات الاحتلال، غير الخلافية، من حيث المبدأ لدى معظم الإسرائيليين.
 
يائير لابيد، الصحافي الذي اقتحم خارطة السياسة بفوز حزبه ييش عاتيد "يوجد مستقبل" بالمركز الثاني بعد تحالف الليكود-إسرائيل بيتنا، ينبئ بمرحلة جديدة، من تجميل صورة إسرائيل في الغرب، خاصة بتنفيس التوتر مع إدارة الرئيس باراك أوباما، من دون تراجع الدولة الصهيونية عن سياساتها العنصرية أو ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية والاحتفاظ بالقدس الشرقية.
 
النجاح المفاجئ، الذي حققته لائحة "مستقبل جديد"، التي حصدت 19 مقعداً في الكنيست، خاصة مع ترافقها بتراجع حصة الليكود إلى 31 مقعداً، تدل أن المجتمع الإسرائيلي يبحث عن تصالح داخلي حتى لو كان مزيفاً ويتجاهل مأزقه الرئيسي، ونهاية للصراع بين اليهود الأمريكيين، بعد وصول حالة الفرز والاصطفافات إلى درجة غير مسبوقة في عهد نتنياهو وتحالفه مع اليمين الأمريكي المتشدد.
 
ذلك لا يعني تقدم فرص السلام، بمفهوميه العادل والمنتقص، وإن كان يفتح الباب لواشنطن بتصعيد ضغوطها على الفلسطينيين والعرب للدخول في مفاوضات الحل النهائي لمستقبل الأراضي والشعب الفلسطينيين، معتمدة على ما عنته الانتخابات من تقويض لسطوة نتنياهو، وبروز تحالفات "وسطية- يسارية"، قد تكون مستعدة "لتجميد" النشاط الاستيطاني، بشكل مؤقت من أجل جر الفلسطينيين إلى الطاولة.
لكن النتائج تشجع انطلاق "مبادرات سلام جديدة"، لأنه حتى لو نجح نتنياهو، بتشكيل ائتلاف مع تشكيلة أو أخرى من الأحزاب الدينية، "والوسطية"، لتأمين 67 إلى 85 مقعداً مؤيدا لحكومة برئاسته، وبمشاركة تيار لابيد، فإن ذلك لا يغير من أنه فقد قدرته السابقة على اللعب بحرية ، خاصة بالساحة الأمريكية ومع اليمين الأمريكي، لتقييد أوباما وتصويره بأنه عدو لإسرائيل.
 
نتنياهو، الذي صدم بالنتائج، كان يهيئ نفسه لمرحلة غير مسبوقة إسرائيلياً، بتتويج نفسه ملكاً تجاوز كل "ملوك إسرائيل" القدماء والجدد قوةً وعنجهيةً وحريةً من القيود، بعد أن اعتقد أنه قَيَدَ أوباما، رغم نجاح الأخير بالرئاسة للمرة الثانية، بتهمة الاستهتار بأمن إسرائيل وعرضه لخطر "وجودي"، وكان يستعد لحملة شرسة في أمريكا، محورها تراخي الإدارة الأمريكية تجاه "التهديد الإيراني".
 
السيناريو الأفضل لإدارة الأمريكية، أن يفشل نتنياهو بتأليف حكومة، ما يعطي "أحزاب الوسط" الإسرائيلي فرصة تشكيل حكومة مع الأحزاب المتدينة، بتأييد 67 صوتاً في الكينيست، وبالتالي تنجح خطة لا بيد، وتعطي صدقية لوعوده بقيادة "التغيير" بعيداً عن معسكري اليسار و اليمين التقليديين.
 
حينها تستطيع واشنطن التقدم "بمبادرة سلام" وترمى الكرة تماما في حضن الطرف الفلسطيني، ونعاود سماع الاسطوانة الإسرائيلية، وإن كان بصوت يصم الآذان والعقول، بأنه لا يوجد "شريك فلسطيني للسلام".
 
القلق، أن تندفع أصوات فلسطينية، بوهم مزيف، متسلحة بمنطق "فرصة هزيمة اليمين الإسرائيلي" التاريخية، وتبدأ بالتنظير لفرص السلام والمفاوضات وما ويسبقها وما يليها من تنبؤات في الخيال.
 
ولعل أوضح مؤشر على عدم وجود تغيير فعلي في إسرائيل، هو تراجع نسبة الناخبين العرب، الذين أحسوا بأن صوتهم لن يؤثر بالسياسات العنصرية المتصاعدة ضدهم رغم تحذير الدكتور أحمد الطيبي، الذي فازت كتلته بخمسة مقاعد، بأن العرب اضاعوا فرصة هزيمة اليمين الإسرائيلي.
 
ما يمكن توقعه، أن الهجوم العنصري على أعضاء الكنيست العرب الفلسطينيين الـ12، بمن فيهم 4 لجبهة المساواة "الحزب الشيوعي"، و 3 من التجمع "البلد" ، ويمر من دون أية ردة فعل عالمية او إسرائيلية تُذكر.
 
لا شك ان النتيجة تدل على تفاقم الصراع الإسرائيلي الداخلي، لكن حسم هذا الصراع يستوجب توجيه ضربات قاسية للفلسطينيين، وإن تعدت الطرق، لأن الاحتلال والاقتلاع والإحلال لا تقلق الوجدان الإسرائيلي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد