محللو (ثورة) تدمير سوريا

mainThumb

11-03-2013 09:33 PM

في المجتمعات التي تحقق انجازات العصرنة وتتداول أدواتها بثقة واطمئنان بعد أن أتاحت انسياب المعلومات والمعارف لتصل إلى كل راغب بها في أي مكان يقيم به وتتوفر فيه منتجات المعرفة   وتوثيق المعلومات وتسريبها وتعميمها وتسهيل انتقالها عبر وسائل الاتصال الحديثة التي مكن من يصنعها إيصالها إلى من يستعملها,مع فارق مستوى التحضر بين من يصنع ويطمح إلى المزيد من الاستثمارفي الابتكار والاختراع التطويرالتي تقوم به مؤسسات العلوم وأبحاثها والتقنيات وتطويرها.في هذه المجتمعات أصبحت المعلومة في كل مجال من مجالات الفعاليات الإنسانية وأنشطتها حقا من حقوق كل مواطن,وكل متابع وكل باحث وكل مهتم وكل هاوفي السياسة أو الاقتصاد أو العلوم أو   الفنون أوالآداب ... ولم تبق للأحزاب والمؤسسات العامة والخاصة حق الحفاظ على سرية معلومات تتعلق بالشأن العام أو الرأي العام أو القضايا العامة أو القيم العامة وتراثها وأدبياتهاأو حتى ما يتعلق بأوضاعها التنظيمية والتيارات التي تتجذب مواقفها(باستثناء قضايا الأمن الوطني ).ومثل هذه الانكشافية في الفكروفي السلوك,وهذه الشفافية في المواقف والرؤى تكوّن قيما من قيم منظمومات الحرية والتعددية والديمقراطية. 

 

تنعكس تلك الحالة من الشفافية والانكشاف على العامة في الدول التي تمكنت مجتمعاتها من بناء النظم الديمقراطية الحقيقية على سياسات الأحزاب وعلى خلافاتها (لاتحل الخلافات بغرف مغلقة كما في   الوهم الديمقراطي الذي تعيشه بعض أقطار ما نطلق عليه الربيع العربي!!!),على السياسات العامة   وعلة مراميها وعلى خلاصاتها المرتبطة بالمصالح الوطنية في تلك المجتمعات.لذلك لا تخفي أميركا سعيها للمحافظة على بقائها القوة الأولى والوحيدة في العالم,وسياساتها في ديارنا واضحة دون أدنى التباس في أمن الكيان الصهيوني وأمن استغلال الثروات العربية بطريقتها وبالسعر الذي تراه يخدم ليس بالضرورة اقتصادها مباشرة وإنما بم يلحق ضررا اقتصاديا في اقتصاد أعدائها ومناوئيها ومنافسيها ...ولا تخفي دول أوروبا مواقفها من القضايا العربية بل تعلنها بفظاظة واستخفاف وتتداولها الصحف والتحليلات النقدية والمؤيدة على السواء.ويبدو أن ألمانيا التي ظل صوتها في إبداء رأيها بالقضايا الدولية منخفضا وخجولا,بدأت تظهرنواياها التي لم تتعظ من مأساة العنصرية النازية بعد  تحشر نفسها في الأزمة السورية بصوت مرتفع,وقد استغلت انكفاء السياسة الأميركية الحالية في  الأعمال العسكرية والحربية العدوانية ضد الدول الأخرى,ومنها بلادنا.

 

فهذا مايكل بروننج محلل وكالة فريدريتش إيبرت ستيفتنج الألمانية المنبثقة عن الحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني يضع رؤية الغرب (وأميركا بالطبع) لضمان استمرار عملية التدمير الممنهجة للدولة السورية خدمة للكيان الصهيوني وللمطامع اليورو – أميركية في بلادنا العربية بالتحديد, وفي الوضع الحالي في إيران,بمساندة عربية – تركية سيحفل التاريخ بصفحاته من هول المغالطات  ومصائبها التي تقع تلك القوى فيها,ولم تتعظ من دورها المريب في تدمير العراق ونهب ثرواته!!عنوة انتقاما مدفوعا بحقد دفين من نهب ثرواتها وديا وجبريا من القوى الامبريالية عينها. وملخص محتوى تحليل السيد مايكل بروننج لما يجب أن تكون عليه السياسية الأوروبية تجاه الوضع في سوريا يشمل الفِكَرالتالية:

 

أولا : إن ما يسميهم بالمتمردين لهم اليد العليا في سوريا وإنهم يسيطرون على 40% من سوريا (وهذه الإشاعة الإعلامية التي سمعنا عنها منذ عامين تقريبا,وروجت لها الجزيرة والعربية,ووصلت في بعض تعليقاتهم إلى إلى سيطرة المتمردين على حوالي 70%!! والتوسل إلى قوى الاحتلال للتفضل باحتلالها!!؟؟.) وإن ذلك يتم باستعمال أسلحة خفيفة!!.ولكنه يقر بأن السيطرة ما زالت للرئيس الأسد,لأن إيران وحزب الله يزودان الجيش السوري بالأسلحة.!!

 

ثانيا:يبني الغرب عدم قيامه بتسليح المقاتلين والمعارضة السورية (وهي كذبة مفضوحة بسلوك حلف الناتو وضباطه والدور التركي العضو في الحلف) على المبررات التالية : 

 

في الأول منها ؛فشل المجلس الوطني (كانت السيطرة فيه للإخوان المسلمين بدعم مباشر وقوي من حكومة تركيا الإخوانية) في ممارساته وفي مواقفه التي لم تحقق سوى مزيد من التفرق في قوى المسلحين,مما أدى إلى إنشاء الإئتلاف الوطني (إرادة أميركية) كبديل عنه.أما المبرر الثاني؛ما زالت المجموعات السورية المناوئة للنظام متفرقة ومشتتة وتدعمها دول تلتقي معها أيدولوجيا مثل السعودية وقطربالمال والسلاح.والمبرر الثالث؛سيؤدي تزويدهم بالأسلحة بكثافة إلى اشتعال موجة عنف ولا   تزال أوضاع ليبيا وغيرها و حادثة مقتل السفيرالأميركي  في ليبيا بعد (تحريرها!) ماثلة في الأذهان  وما آلت إليه الأمور من فوضى وفقدان الأمن.والمبرر الرابع؛ما زالت المعارضة التي يمثلها الائتلاف الوطني (أميركي الصنع) عاجزة عن ضم المزيد من المعارضين وزيادة أعداد ما يسميهم عناصر من الأقليات الدرزية والعلوية والمسيحية.والمبررالخامس؛وجود المتطرفين وتوابع القاعدة القوي في  سوريا الذي يهدد المصالح الغربية إذا آلت النتئج النهائية لجانبهم.والمبرر السادس,يدعي بعض المعارضين إن تسليح الإتلاف باسلحة فتاكة سينهي الوضع لصالحهم خلال أسابيع!!.ويطالب الغرب بلعب دور أكبر في الشؤون السورية وأن يضع موضوع التسليح في مقدمة أجندته.

 

ويشير إلى الحرص الأميركي على وحدة الشعب السوري!! وعلى عملية المقرطة!!بالإشارة إلى الوعد الذي قدمته أميركا ومؤداه < بناء شبكة من الناشطين السياسيين من مختلف الفئات العرقية والطائفية تسعى إلى توحيد الشعب السوري,وتعمل على تسريع عملية التحول إلى الديمقراطية>.ولكن لم يذكر المحلل النمط الذي ستضاهيه أميركا في سوريا لإعادة تشكيل نظام الحكم فيها,أهو النمط العراقي أم  النمط الأفغاني,أم إحياء التجربة التونسية أو الليبية أو المصرية!!؟؟.

 

وهكذا فإن محاولات تأليب المجموعات السورية التي تحمل السلاح على بعضها البعض من جهة,كي تصفي إحداها الأخرى, وعلى النظام السوري من جهة أخرى,وتسليح هذه مقابل تسليح تلك وكلتيهما في مواجهة الجيش العربي السوري,تسعى إلى منهجة إنهاك القوى السورية,وذلك بتحويل سوريا إلى  ساحة تصفية لمن تعتبرهم أميركا والغرب إعداء لهم أو يهددون مصالحهم في المنطقة,عدا عن إبقاء الساحة السورية محرقة لمرتزقة ومقاتلين مأجورين وغيرهم يحاربون بدوافع طائفية تنهك سوريا   وتنعش أمال الكيان الصهيوني بالتفرد في السيطرة على أمن المنطقة بعد أن ضمنت الحكومة المصرية لها تحييد حماس وحكومة (التحرير) التي تحكم فيها قطاع غزة.

 

لم يعد من ساذج سياسي أو متفائل خائب الظن بنا, يرى أن نظاما سياسيا في الغرب أوفي أميركا قد  يدعم ثورة وطنية الأهداف والغايات في بلادنا أوقد يصنع موقفا أو يوافق على رأي يراعي مصلحة وطنية لنا أو فيها شبهة وطنية لبلادنا,أو يجيز لطرف أن ينتصرعلى آخرليخرج الجميع خاسرين.وهذا العداءالمزمن في علاقاتنا بها لاتنكره أي من تلك النظم وإداراتها. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد