تأملات في المشروع الاسلامي

تأملات في المشروع الاسلامي

14-03-2013 12:13 PM

 جاء الإسلام ديناً ربانياً عظيماً مباركاً لإسعاد الناس في الدنيا والآخرة، وليعلمهم كيف يتقنون الحياة في سبيل الله، وكيف يموتون في سبيل الله، ويقومون بمسؤلية الإستخلاف الرباني في الأرض، ويبسطون الخير والعدل والسعادة، وبذلك يتحقق معنى الأمة الوسط، والأمة الخيرة بين الأمم، ولم يرتبط المشروع الإسلامي بجنس او لون او بقعة جغرافية دون غيرها، وانما كان للعالمين كافة، وفي كل بقاع المعمورة، ولا فضل لعربي على اعجمي إلا بالتقوى فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوادع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم. رواه البيهقي، 

والمشروع الإسلامي يسعى لغايات نبيلة سامية فيها اليسر والتيسير والسعادة والرخاء، ويتفاوت العاملون في هذا المشروع في حُسن استيعابهم وتبنيهم لعناصر هذا المشروع، فما يكون من اداء من العاملين في هذا المشروع فإنه يعكس اسلوبهم وفهمهم وقدراتهم وليس صفة جوهرالمشروع ذاته، والاسلام حجة على الجميع، ولا يوجد احد -مهما علا شأنه- يمكن ان يكون حجة على الإسلام.
وعند تأمل ودراسة جوانب الأداء البشري في مجالات المشروع الإسلامي في بقاع العالم المختلفه بشكل عام وفي العالم العربي والإسلامي بشكل خاص، فانه يمكن ملاحظة جوانب تقدم فذة ورائعة، وجوانب راكدة حائرة، واخرى مؤلمة اقرب ما تكون متناقضة مع حقيقة المشروع السامية.
وكذلك فإن المشروع الإسلامي له عناصر ومقومات واهداف واستراتيجيات وآفاق كونية، يقتضي فهمها بدقة ودراية واقتدار حتى يستقيم الأمر ويكون الحصاد المبارك الذي لا حسرة فيه ولا ضنك ولا ضيق ولا قلق. ومن هذه الآفاق والعناصر والضرورات ما يمكن ذكره على النحو الآتي 
:
عناصر القوة في المشروع الإسلامي
 
1. يتميز المشروع الإسلامي بالربانية والشمولية والواقعية والجدية والمرحلية وارتباطه بمصالح العباد وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وكذلك قوة الجوهر والكيان والصيرورةالمتجددة والمرونة والحيوية وعراقة التواجد واصالته. ويتحتم على العاملين فيه قوة العقيدة و الايمان العميق وقوة الوحدة والارتباط، وقوة الطاقات والإمكانات، والإرادة والعزم الأكيد، والعمل النوعي المتواصل. 
 
2. مرجعيته القرآن والسنة كما ينص منطقوهما وليس كما يفهمه البعض أو يحلو له تفسيره 
 
 
3. سيادة الشرع قولاً وعملاً وتطبيقاً و عدم المحاباة في ذلك لأي احد، فعن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتشفع في حد من حدود الله فقال له أسامة استغفر لي يا رسول الله فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها قال يونس قال بن شهاب قال عروة قالت عائشة فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (متفق عليه)
 
4. الاخلاص والتجرد و الارتباط بالفكرة العليا وليس بالأشخاص مهما علت مكانتهم .
 
 
5. المرحلية و التدرج في الدعوة  والأداء و الانجاز لصالح البلاد والعباد.
 
6. الانسجام و التوافق مع سنن الآفاق و الأنفس و عدم مصادمتها .
 
 
7. الجدية و وضوح الأهداف والغايات، وعدم المهادنة في ذلك مهما طال الوقت، وتغيرت الأحوال والظروف.
 
8. الواقعية والبساطة و مناسبة القدرات والميول والأذواق و متاح للجميع .
 
 
9. القوة المتجددة و الانسجام مع الذات ومع مكونات المشروع وعناصر الأداء والعطاء فيه.
 
10. الوضوح و الشفافية الطبيعية المرتبطة بطبيعة المشروع وسمو اهدافه ونُبل غاياته، والمبتعدة عن الغموض والتدليس الذي قد لا ينجو منه الا القليل من الناس وان ادعوا غير ذلك.
 
 
11. القابلية للتجديد و التطور و انعاش الروح العملية للمشروع و للحياة بشكل عام . وتجدد الأطوار و الأشكال و البرامج و مجالات التفكير و العمل والتاثير والتغيير.
 
12. البعد عن هيمنة الأعيان و الكبراء وذوي النفوذ والسيطرة مهما كانت مواقعهم ومكانتهم والبعد عن المطامع الشخصية و المنفعية مهما خفت او تم تغليفها بستائر مختلفة. 
 
 
13. البعد عن الأهواء و الشخصنة و الأحكام المسبقة .
 
14. محورية المرجعية ، و البعد عن الشللية و المصالح و الأهواء مهما تنوعت صورها واشكالها ومسمياتها.
 
 
15. البعد عن التقوقع والانعزالية والإنزواء، والتفاهم مع الآخر وعدم رفضه في اطر مرجعية واقعية تستقي روحها من ان الإسلام جاء للناس كافة يدعوهم الى الخير والهداية ويستنقذهم من الظلمات الى النور ومن الضلالة الى الهداية ومن الجحيم الى النعيم .
 
16. وضوح المسميات و الأولويات ، وحسم البديهيات و الموازنات، وتسمية الامور بأسمائها الصحيحة، وعدم المواربة والغموض في ذلك .
 
 
17. التناقض مع عدم سلامة النوايا ، أو تعدد الولاءات و دناءة الغايات و المقاصد و الأقوال و الأفعال .
 
18. الابتعاد عن الأداء الصفري ، و الجهود المتضادة و الخلافات المدمرة ، و المكر والكيد و الخداع واجترار  الأفكار والأقوال والأفعال والمواقف .
 
 
19. الانتاجية الحقيقية المثمرة و الأداء المتواصل و البعد عن العطالة و العجز والتسويف وخدر الإرادات.
 
20. الارتباط بالزمن وحسن استثمار الوقت وعدم تجاوزه أو تجاهله فالزمن وعاء الأحداث وهو جزء من العلاج ومن عناصر النهوض 
 
 
21. سعة الافق ، و رحابة المدى و الآفاق والمجالات وآليات صناعة الحياة .
 
22. عدم الارتباط بلون أو جنس أو عرق أو بقعة جغرافية أو لون سياسي أو منهج تنظيمي محدد ( لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ) .
 
 
23. يسعى لتحقيق صلاح وسعة الدنيا و الآخرة ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، ولا يختص في  نمطية وحيدة محددة في التعامل مع الحياة والناس.
 
من معيقات المشروع الاسلامي المرتبطة بالبشر
 
1. اتباع الهوى، وشخصنة الاراء والمواقف في الحكم على الأفكار والأشخاص والمواقف  
 
2. عدم او ضعف التطوير والتحديث والإبداع واحياناً تغييب العقل اوتعطيل أثره الفعّال .
 
 
3. مصادمة سنن الحيا ة و قوانين الآفاق و الأنفس، ويكون ذلك بعدم فهمها او بعدم الإنسجام مع ضروراتها ومآلاتها .
 
4. السعي لحصره  ضمن فهم محدد أو نظرية أو نمطية واحدة في الفهم و التناول و العمل .
 
 
5. محاولة تضييق أطره ليقتصر على فئة او فئات محددة من الناس ، وادعائهم باحتكاره .
 
6. القفز عن الزمن بأطره و محدداته ، ومحاولة حرق المراحل و استعجال قطف الثمار .
 
 
7. ضيق الافق و ضحالة التفكير ، و انحسار مدى الفهم و الاستيعاب .
 
8. تصارع الارادات وتصادم المطامع الدنيوية لبعض القائمين عليه .
 
 
9. تيئيس الناس و تنفيرهم وتضيق افاقه أمام الناس ، و توسيع دائرة المحرمات على غير هدى ، وتضييق دائرة التيسيير لصالح التعسير ..
 
10. محاربة التجديد والإبداع والتحسين والتطوير ، بدوافع ومبررات ترتبط بالخوف والشك وضعف الثقة واتهام النوايا والدوافع .
 
 
11. التشدد المبالغ به ، و التعصب القائم على غير علم.
 
12. اختزاله في شكل أو أشكال محددة من النشاطات و الاعمال و القدرات البشرية .  
 
 
وختاماً فإنه يمكن القول ان من اهم ضرورات نجاح المشروع الإسلامي في الحياة-بعد توفيق الله تعالى- وجود الفهم العميق لجوهر ه وعناصره ومراحله ومآلاته، وفهم واستيعاب وتسخير سنن الأنفس والآفاق والحياة، ووجود العقول النيرة، والقلوب المؤمنة الصادقة والنفوس الصافية، والإرادات التي لا تلين، والعمل المتواصل على بصيرة وهداية، والله ولي التوفيق.
 
 
alshormana@asme.org


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

توقّع إنجاز اتفاقيتي امتياز لشركتين نقبتا عن الفوسفات بالريشة

وزيرة التنمية الاجتماعية تزور دار سيدة السلام

مدير الخدمات الطبية الملكية يتفقد مدينة الحسين الطبية

السبت دوام لمديريات الضريبة وتمديد دوام الاربعاء المقبل

أبو علي: صرف رديات ضريبة للمكلفين المستحقين إلكترونيا الأحد

إسرائيل تتوعد بمواصلة العدوان على لبنان وسوريا وغزة واليمن

بدء محادثات بين كمبوديا وتايلاند لإنهاء النزاع الحدودي بينهما

سياحة الأعيان والنواب تبحثان التنسيق المشترك

ماكرون: بحثت الوضع في أوكرانيا مع أمين عام حلف الأطلسي

انخفاض أسعار الذهب في التسعيرة الثانية محليا الأربعاء

فصل مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق في بني كنانة

التعليم العالي: 480 ألف طالب على مقاعد الدراسة في الجامعات الأردنية

تشكيل لجنة في جرش للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات

السياحة: ميزات مهمة للمسافر الأردني للولايات المتحدة

تركيا: تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي في دولة محايدة